تعرض الجنيه الإسترليني صباح اليوم الثلاثاء لموجة جديدة من الضغوط، في ظل هيمنة حالة القلق التي تنتاب المستثمرين على أسواق الصرف الأجنبي، مع تزايد فرص مُضي بريطانيا نحو تشكيل ما يسمي بـ quot;البرلمان المعلقquot; مع اقتراب موعد الانتخابات العامة.

فقد تراجعت العملة الإنكليزية لأكثر من سنت مقابل الدولار الأميركي، بقيمة قدرها 1.4868 دولار، وهو المستوى الأدنى لها منذ أيار / مايو من العام الماضي، كما شهدت تراجعاً مقابل اليورو. وقد جاءت تلك الانخفاضات بعد يوم أمس العاصف للإسترليني، الذي تعرض فيه للهبوط بمقدار 4 سنتات عند نقطة واحدة.

وفي هذا الإطار، تهتم اليوم تقارير صحافية بريطانية بإبراز آراء خبراء حول هذا الانخفاض الذي تعرض له الإسترليني ليلة أمس - وهو الأكبر له منذ تسعة أشهر - مع ظهور مخاوف تنذر بسير بريطانيا صوب ما يسمى بـ quot;البرلمان المعلقquot;، مع اقتراب موعد الانتخابات العامة. فتقول صحيفة quot;التلغرافquot; البريطانية في عددها الصادر اليوم الثلاثاء إن الإسترليني وجد نفسه في عين العاصفة على مدار الأسبوع المنقضي، نتيجة للإزعاج الذي سببه مزيج من المخاوف للمستثمرين.

وعلى خلفية الانتعاش الاقتصادي الهش، جاءت احتمالية quot;البرلمان المعلقquot;، لتثير من مشاعر القلق في ما يتعلق بإمكانية التأخر في معالجة المستوي القياسي لعجز الموازنة في البلاد.

وتمضي الصحيفة لتنقل في هذا الشأن عن سايمون ديريك، المحلل في بنك أوف نيويورك، قوله :quot; هناك عدة أمور تعمل الآن ضد الإسترليني، لكن الانتخابات تأتي في مقدمتهاquot;. في حين قال كريس تيرنر، رئيس استراتيجيات الصرف الأجنبي لدى بنك آي.إن.جي في لندن :quot; مازال يهيمن الخوف على السوق من الصعاب المستقبلية التي ينتظر أن تواجهها حكومات الأقلية في ما ستبذله من جهود سريعة لمعالجة عجز الموازنة البريطانية الذي يقدر نسبته بـ 12 % من الناتج المحلي الإجمالي، ما قد يؤدي لفقدان المملكة المتحدة تصنيفها الائتماني السيادي الواقف عند AAAquot;.

وهنا، تلفت الصحيفة إلى أنه في حالة فقدان بريطانيا لمثل هذا التصنيف، فإن المستثمرين الأجانب سيديرون ظهورهم على الأرجح للملكة المتحدة، وسترتفع تكلفة الاقتراض، وهو ما يُحتمل أن يتسبب في حدوث أزمة ديون. ثم تختم الصحيفة حديثها في هذا الإطار بنقلها عن خبراء متخصصين في العملات قولهم quot;إنه ومع استمرار حالة الريبة السياسية قبيل الانتخابات، من المرجح أن يضعف الجنيه أكثر من ذلكquot;. فيقول ستيف بارو، من ( بنك ستاندرد )، إن سعر الإسترليني سيقترب على الأرجح من 1.40 دولار وليس 1.50 دولار بحلول موعد الانتخابات العامة.

وفي سياق ذي صلة، حذر خبراء من احتمالية نشوب أزمة اقتصادية كبرى في بريطانيا ما لم تسفر الانتخابات العامة عن نتيجة واضحة، في الوقت الذي تشير فيه آخر استطلاعات الرأي إلى أن حزب المحافظين سيفشل في الفوز بأغلبية في مجلس العموم. وتشير صحيفة الدايلي ميل البريطانية إلى ذلك الهجوم الشرس الذي شنه وزير الأعمال في حكومة الظل كينيث كلارك على السياسة الاقتصادية لرئس الوزراء، غوردون براون، محذرا ً في الوقت ذاته من خطر مواجهة بريطانيا للدمار ما لم تتغير الأوضاع.

وفي مقال له اليوم بالصحيفة، قال كلارك :quot;لم أشهد في حياتي وقتا ً كانت فيه الحاجة ملحة لوضع خطة ذات مصداقية تعني بخفض العجز واستعادة التوازن في الميزانية مثلما هو حاصل الآنquot;. ثم تمضي الصحيفة لتقول إن الإسترليني فقد ما يقرب من عشر سنتات مقابل الدولار خلال ما يزيد عن أسبوع بقليل ndash; الأمر الذي ألحق الضرر بالمصطافين، ووضع ضغوطا ً صعودية على أسعار البنزين، وأزاد من تكلفة الاستيراد بالنسبة للشركات. ويعتقد كثيرون ndash; بحسب الصحيفة ndash; أن التوقعات واسعة النطاق بفوز المحافظين بالانتخابات العامة المقبلة ساعد على تعزيز الثقة الدولية في بريطانيا. غير أن استطلاعات الرأي تظهر تقاربا ً بين الحزبين، وهو ما ينذر باحتمالية تشكيل ما يسمي بـ quot;البرلمان المعلقquot;، الذي قد يتسبب في إثارة اضطرابات.

وتمضي الصحيفة لتنقل عن مارك أوسوليفان، مدير التعاملات بإحدى شركات الصرف الأجنبي، قوله :quot; تحتاج أسواق العملات إلى إقناع بأن ديون المملكة المتحدة يمكن تخفيضها. ففي الوقت الذي تتراجع فيه قيمة الجنيه الإسترليني، يبدو أن أسواق العملات قد بدأ ينفذ صبرها. وربما يحدق الجنيه الإسترليني الآن على حافة الهاويةquot;. وقال لي هاردمان، من بنك طوكيو ميتسوبيشي يو إف جي :quot;يلتزم حزب العمال الحاكم إلى الآن بإنقاص عجز الميزانية إلى النصف على مدار الأعوام الخمسة المقبلة، لكنه يفتقر لخطة ذات مصداقية. وأعتقد أن فوز حزب العمال بالانتخابات القادمة، سيلحق أضرارا ً أكبر بالمصداقية المالية للملكة المتحدة بالنظر إلى سمعتهم الخاصة بالسياسة المالية الفضفاضة، في منعطف حاسم، تُلِح في الحاجة لخفض العجزquot;.