تحدثت إيلاف إلى الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة حول السرية المصرفية التي بدأت تشهد انهيارًا في سويسرا في وجه الضغوط الأميركية والإيطالية والفرنسية والألمانية التي مورست عليها في السنوات الأخيرة، وسألته هل ينسحب هذا الانهيار على لبنان أيضًا؟.

بيروت: أسطورة السرية المصرفية بدأت تشهد انهيارًا تدريجيًا في سويسرا، وكل شيء يوحي بأنها لن تستطيع الصمود في وجه الضغوط الأميركية والإيطالية والفرنسية والألمانية التي مورست عليها في السنوات الأخيرة، فهل ينسحب هذا الانهيار على لبنان أيضًا؟.

يقول الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة لإيلاف إن أسباب انهيار السرية المصرفية في سويسرا عائد إلى ازدياد الفساد العام، وتحويل الفاسدين أموالهم إلى الدول التي تحتوي على سرية مصرفية شديدة، بينها سويسرا، التي تتميز بنظام اقتصادي مبني منذ عقود على السرية المصرفية، في الماضي لم تكن المصارف تدقق من أين تأتي الأموال، وكان هنالك تحويل أموال مشبوه من مختلف المناطق، لأن النظام السويسري معروف عالميًا، والنظام السويسري لا يشجّع على هذه المخالفات، لكنه يستقبل أموالاً، والمطلوب منه اليوم ان يعدّل نفسه.

وردًا على سؤال بأن تهاوي السرية المصرفية في سويسرا هل ممكن أن يصيب لبنان أيضًا؟ يجيب: quot;في لبنان هناك قيود أكبر اليوم عما مضى بالنسبة إلى السرية المصرفية، وتأثّر لبنان بالأمر، لم يكن لبنان على لائحة الدول المشبوهة التي وضعتها الدول الغربية، التي وزّعتها منظمة التعاون والتنمية الدولية، لأن لبنان قام بإجراءات كبيرة اليوم من أجل التخفيف من السرية المصرفية في لبنان، ووفق أسباب موجبة، ولدى الاستشباه بمخالفات ومصادر مشبوهة للأمور يمكن التخفيف من السرية المصرفية.
المطلوب من لبنان في حال وجود أموال مشبوهة أن ترفع السرية بسهولة وعبر القضاء، ولبنان لبّى ذلك، لكن ليس هناك من طلب دولي لإلغاء السرية المصرفية في لبنان، بل لتسهيل رفعها في حالات معينة.

ويؤكد حبيقة أنquot; السرية المصرفية في لبنان مقبولة، كانت مطلقة في الماضي، لكن اليوم خفّت درجة سريتها، وما كان يميّز لبنان أنه كان البلد الوحيد في المنطقة الذي كان يملك نظام السرية المصرفية، لذلك كانت تصب كل الأموال في لبنان، منها أموال منظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت موجودة في بيروت، وكانت تحصل على مليارات الدولارات من الدول العربية، وكذلك أموال الأحزاب والمؤسسات، والحرب اللبنانية لم تحصل من لا شيء، كان هناك تمويل ضخم، كانت تأتي إلى حسابات مصرفية ولا يُعرف كيف تُنفق.

أما لماذا اعتمدت السرية المصرفية في لبنان في البدء، وما هي إيجابياتها وسلبياتها؟. فيوضح حبيقة أنها quot;اعتمدت لتمييز لبنان عن الدول الأخرى، فلبنان لا يملك موارد طبيعية، على عكس الأكثرية الساحقة من الدول العربية، ويجب أن يُظهر ميزاته التفاضلية، التي كانت ضمن الخدمات، ومن بينها الجامعات والمستشفيات والمصارف، وكانت السياسة بإقامة السرية المصرفية في المصارف، خصوصًا وأنه خلال الخمسينات والستينات والسبعينات كانت الدول العربية تحت النظام الاشتراكي، ولبنان كان زعيم النظام الاقتصادي الحر في كل المنطقة، وكانت تحوّل الأموال من الدول العربية إلى لبنان، وهناك الكثير من السوريين في زمن الإصلاحات هربوا إلى لبنان مع رؤوس أموال مهمة، ولا يزالون يشكلون قسمًا مهمًا من الشعب اللبناني. وتم إصدار قانون مصرفي في الستينات كان أساس العمل المصرفي اليوم.

ويشير حبيقة إلى أنه لا شك ومع وجود أزمة اقتصادية عالمية، نرى تخبطًا اقتصاديًا، وبرأيه فإن السرية المصرفية السويسرية لم تسبب بأي شكل من الأشكال بالأزمة الاقتصادية العالمية، بل نتجت من سوء تصرف للمصارف في الإقراض، وبينها المصارف السويسرية. لافتاً إلى أن أنظمة السرية المصرفية في العديد من الدول كانت ضحية، وكان الأجدى من الدول التي تأتي منها الأموال أن يكون نظامها الضريبي والاقتصادي جيدًا، لأنه لو وجد ذلك لما تم تهريب الأموال إلى الدول الصغيرة التي تملك السريّة المصرفيّة.

ويجب على الدول الغربية والكبيرة أن تصلح نظامها الضرائبي والاقتصادي الجائر قبل أن تفكر بإلغاء السرية المصرفية.
وردًا على سبب الهجومات التي كانت تتعرض السرية المصرفية، فيوضح أن quot;الأمر شكل فشة خلق من الدول الكبيرة على تلك الصغيرة، ففي دول مثل لبنان وسويسرا والجزر تبقى صغيرة، ولو كانت الدول الكبيرة ذات النفوذ تعتمد السرية المصرية لما هوجمت، وهذا يؤكد دائمًا أن نظام الأقوى يحكم في العالم.