يصعب تحديد نسبة البطالة في لبنان، إلا أنها تظل محسوسة وملموسة، فكثيرون باتت مهمتهم البحث عن مهنة، وخصوصا أولئك الذين يتخرجون للتو من الجامعات والمعاهد، وهي بذلك تتصدر المرتبة الأولى لدى الشباب اللبناني لما لها من تداعيات سلبية مستقبلا.
بيروت: كانت الدراسة الوطنية للأحوال المعيشية للأسر لعام ٢٠٠٧ ، التي صدرت عام ٢٠٠٩، أظهرت أن نسبة العاملين من عمر ١٥ وما فوق تبلغ ٣٩.٥ % من إجمالي عدد السكان المقيمين من الفئة العمرية نفسها. وتبلغ نسبة العاملين المشار إليهم ١٩% عند فئة الإناث، و ٦١.٢ % عند فئة الذكور. أما في العام ٢٠٠٤ فبلغت هذه النسبة لدى الجنسين معاً ٤٠.٥ %. وقد بلغ عدد العاملين في لبنان، في عمر ١٥ سنة وما فوق، بحسب نتائج الدراسة نحو ١١١٨٠٠٠ فرد، لتبلغ القوى العاملة الإجمالية بحسب تعريف منظمة العمل الدولية نحو ١٢٢٩٠٠٠ فرداً، يمثلون مجموع العاملين والعاطلين من العمل، في حين بلغت القوى العاملة الإجمالية عام ٢٠٠٤ نحو ١٢٠٢٠٠٠ فرداً، مما يشير إلى أن حجم القوى العاملة زاد بنحو ٢.٢ % مقارنة بعام ٢٠٠٤.
ويتوقف الخبراء عند أنواع من البطالة: البطالة الموسمية، والبطالة بسبب عدم تطابق العرض مع الطلب، والبطالة بسبب النشاط الاقتصادي وبطئه، والبطالة الطبيعية التي لا يمكن محوها بالكامل في أي دولة من العالم. وهذه لها أسباب عدة، ولا تتعدى ٢ إلى ٣ % من القوى العاملة.
وإلى ذلك يحتاج المستثمر تحقيق قيمة مضافة عالية من خلال المهارات القيادية وحداثة الآلات والمعدات، مهارات عمالية بمستوى تقني وفني عال، وخصوصاً لتلك الموجودة في المناطق النائية والريفية.
لكن تحقق هذا الاستثمار يستلزم أن تتوافر له مجموعة شروط، منها: كلفة اقتراض معتدلة، خاصة عندما يكون الاقتصاد بعيداً من درجة التشبع، أي لا يستعمل كل طاقاته البشرية والطبيعية والمالية المتوافرة، وذلك من أجل حفظ الاستثمار في أي نشاط اقتصادي، وبالتالي خلق فرص العمل اللازمة والضرورية للمهارات البشرية الجديدة والشابة، وتوفيرالأمن وأيضاً القضاء العادل و توسيع رقعة الاستثمار. وهذا يتعلق بسياسة الدولة الإنمائية في المناطق، وعدم حصره أو تركزه في منطقة في لبنان.
أما هو حاصل الآن في النشاط العقاري، المتركز بنسبة ٧٠ % في بيروت وجبل لبنان، يتسبب بارتفاع الأسعار. فالمعروف أن الاستثمار يلحق القطب التنموي، وهذا إذا تحقق في المناطق فإنه قادر على إيجاد فرص عمل وتوفيرها للجميع، ما يمنع أولاً الهجرة الداخلية من الأرياف في اتجاه المدن والسواحل، وهذا النوع يسبق الهجرة الخارجية.
وإذا كان هناك استثناء للبنان، فإن ذلك لا يحل المشكلة. والحل يكون من خلال متانة الوضع الاقتصادي الداخلي، وقدرته على توفير فرص العمل للمهارات المتخرجة حديثاً من الجامعات، التي تريد الدخول إلى سوق العمل، والاستثمار، لأنه يأتي في أساس الحركة الاقتصادية الناشطة والداعمة للنمو وفرص العمل.
ويفضل الخبراء عند الحديث عن البطالة، التركيز على موضوع سوق العمل في لبنان، وربطه بالسياسات العامة المنتهجة في لبنان منذ سنوات طويلة. فهناك وضع استثنائي في لبنان، فمستوى التعليم جيد ومتنوع وعال، والمهارات على الصعيد الفردي مميزة، والمحيط العربي جاذب وموفر في آن لفرص العمل المجزية، وهذا الوضع الاستثنائي يخفض حكماً نسبة البطالة، خصوصاً تلك المتعلقة بتراجع الطلب وركود الاقتصاد، إلا أن هذا لا يعني أن المتنفس الخارجي هو الحل السحري، أو الذي يجب أن يطمئن إليه اللبنانيون.
فقد دلت الأزمات الأخيرة أن لها تداعيات وارتدادات على أسواق الدول، بسبب التداخل بين هذه الأسواق في المال والخدمات، وهذا التداخل الموجود عالمياً، يسرع الارتدادات لأي أزمة من تلك، ولذا ظل لبنان بمنأى عن التداعيات، لأنه بعيد التداخل مع المحيط القريب أو البعيد.
ولأن تحديد نسبة البطالة في لبنان يتطلب موافقة عدد من الوزارات والمؤسسات ذات الصلة، تقدر بعض المصادر النسبة بنحو ٢٥ %. ويقول خبراء اقتصاديون إن احتساب البطالة يجب أن يتم سنوياً، وعند بداية كل عام، وفقاً لمعايير منظمة العمل الدولية إن لجهة العمر والتفتيش عن العمل والعمل الجزئي، أو العمل غير المعلن عنه. ويلفتون إلى أن البناء على نسبة البطالة عام ٢٠٠٨ لم يعد اليوم صائباً وسليماً، واحتساب النسبة السنوية يجب أن تقوم به المديرية العامة للإحصاء المركزي أو وزارة العمل، وبناء عليه لا يمكننا تقديم أي رقم في ٢٠٠٩ و ٢٠٠٨ و٢٠٠٧، ولا يبدو أن هناك نية للقيام بالتحقيق عن البطالة بحسب معايير منظمة العمل الدولية.
التعليقات