إيلاف من هيوستن: بينما يتسابق العالم نحو الذكاء الاصطناعي، هناك سباق آخر أكثر أهمية يجري في الخلفية: سباق على الطاقة!

في كلمة ألقاها خلال أسبوع "سيرا" للطاقة في هيوستن، شدد الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات والرئيس التنفيذي لأدنوك ومجموعة شركاتها، على أن التفوق في الذكاء الاصطناعي لن يكون لمن يطور أفضل البرمجيات، بل لمن يستطيع تأمين إمدادات الطاقة اللازمة لتشغيله.

الطلب يتضاعف
أوضح الجابر أن العالم يتجه نحو زيادة سكانية تصل إلى 9 مليارات نسمة بحلول 2035، وهو ما سيرفع الطلب على الطاقة إلى مستويات غير مسبوقة. وفقًا للتقديرات، سيقفز استهلاك النفط من 103 إلى 109 ملايين برميل يوميًا، بينما سيزيد استهلاك الغاز الطبيعي المسال والمواد الكيميائية بنسبة 40%. أما الطلب على الكهرباء، فسيشهد ارتفاعًا بنسبة 70% ليصل إلى 15,000 غيغاواط، مما يعني أن العالم سيحتاج إلى كل مصادر الطاقة المتاحة لضمان استدامة النمو الاقتصادي والتكنولوجي.

وأكد أن الحل الوحيد لمواكبة هذا الطلب هو تنويع مصادر الطاقة، بحيث تشمل النفط والغاز منخفض الكربون، والطاقة النووية السلمية، ومصادر الطاقة المتجددة، ما يجعل التحول في قطاع الطاقة أمرًا حتميًا لمواكبة الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي.

الطاقة والاستدامة
استعرض الجابر الدور الريادي للإمارات في قطاع الطاقة، مؤكدًا أن الدولة تتمتع بأدنى كثافة لانبعاثات الكربون عالميًا في إنتاج النفط، وذلك بفضل نهجها المتكامل في إدارة الموارد والاستدامة.

كما سلط الضوء على الإنجازات الكبرى التي جعلت الإمارات واحدة من الدول الأكثر تنوعًا في مصادر الطاقة، ومنها:

- شركة "مصدر"، التي تعد من أكبر المستثمرين في الطاقة المتجددة عالميًا، بقدرة إنتاجية تبلغ 51 غيغاواط، مع خطة للوصول إلى 100 غيغاواط بحلول 2030.

- إدخال الطاقة النووية إلى مزيج الطاقة الوطني عبر 4 مفاعلات نووية، توفر 5.6 غيغاواط، ما يغطي 25% من احتياجات الإمارات من الكهرباء.

- تعزيز الاستثمارات في النفط والغاز منخفض الكربون، مما يضمن استقرار الإمدادات مع الالتزام بأعلى معايير الاستدامة البيئية.

الذكاء الاصطناعي يستهلك طاقة هائلة.. فمن يملك القدرة على مواكبته؟ أوضح الجابر أن الطلب على الطاقة في قطاع الذكاء الاصطناعي يتزايد بمعدلات غير مسبوقة، مشيرًا إلى أن تطبيقات مثل "تشات جي بي تي" تستهلك طاقة تعادل عشرة أضعاف ما تستهلكه عمليات البحث التقليدية على الإنترنت. كما يتوقع أن يتضاعف استهلاك مراكز البيانات الأميركية للطاقة ثلاث مرات بحلول 2030، ليشكل أكثر من 10% من إجمالي استهلاك الكهرباء في الولايات المتحدة.

وأضاف أن التفوق في الذكاء الاصطناعي لم يعد مسألة برمجيات فقط، بل مسألة قدرة على تأمين الطاقة اللازمة لتشغيل هذه الأنظمة المتطورة.

"XRG" تستثمر في الطاقة
كشف الجابر أن شركة "XRG"، وهي شركة طاقة دولية استثمارية، تستعد لتنفيذ استثمارات نوعية في الولايات المتحدة لدعم التوسع في الذكاء الاصطناعي، عبر تأمين الطاقة اللازمة لهذا القطاع.

كما أشار إلى أن "أدنوك" كانت من أوائل الشركات التي تبنّت الذكاء الاصطناعي في عملياتها التشغيلية، حيث تستخدم اليوم أكثر من 200 تطبيق ذكي لتعزيز كفاءة عمليات الاستكشاف والإنتاج والتكرير والخدمات اللوجستية. ومن أبرز إنجازاتها في هذا المجال:

- تسريع عمليات التحليل الجيوفيزيائي من شهور إلى ساعات باستخدام الذكاء الاصطناعي.

- رفع دقة التنبؤات المتعلقة بالإنتاج إلى 90%، مما يعزز كفاءة استغلال الموارد.

- تطوير أنظمة "وكلاء الذكاء الاصطناعي"، التي تُطبق على نطاق غير مسبوق لدعم قطاع الطاقة.

العمل المناخي
أشار الجابر إلى أن استضافة الإمارات لمؤتمر COP28 كانت فرصة لإعادة تشكيل مستقبل الطاقة العالمي، حيث أطلقت الدولة "اتفاق الإمارات"، الذي يعد أحد أهم الإنجازات المناخية في السنوات الأخيرة.

وأكد أن الاتفاق نجح لأنه جمع كافة الأطراف حول منهجية عملية تأخذ في الاعتبار حقائق السوق بدلاً من تبني قرارات غير واقعية. كما شدد على أن أمن الطاقة وتوفيرها بأسعار ميسرة هو المفتاح لضمان مستقبل مستدام.

"أديبك 2025"
في ختام كلمته، دعا الجابر قادة قطاع الطاقة لحضور معرض ومؤتمر "أديبك 2025" في أبوظبي، والذي سيجمع كبار الخبراء لمناقشة مستقبل الطاقة والذكاء الاصطناعي والاستدامة.