مصطفى هدروس من غزّة: في تحد آخر لظروف الحياة الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون، وسعيهم المتواصل إلى التغلب عليها، يجسد المهندس الفلسطيني نجم أبو حجلة من قرية دير إستيا، شمال الضفة الغربية، أروع الأمثلة في تحديه للواقع الفلسطيني المر.

فلجأ أبو حجلة إلى استخدام مخلفات الزيتون، أو ما تعرف بمادة quot;الجفتquot; لإنتاج طاقة بديلة، يستخدمها الفلسطينيون في مجالات شتى، بدلاً من اقتصارها على مجال واحد، كما تعارفوا عليه في السابق.

وروى أبو حجلة للجزيرة نت بداياته مع كبس وضغط مادة quot;الجفتquot;، التي هي عبارة عن نوى الزيتون وقشوره، التي تستخرج منه وقت العصر، حيث يُفصل الزيت عن النوى والقشر الذي كان يستخدمه الفلسطينيون بكثافة حتى عهد قريب في التدفئة البيتية الصغيرة بعد تجفيفه.

وأشار إلى أنه عمد، ومن خلال اتصالاته، إلى توفير آلة كبس لضغط هذا الجفت وتجفيفه، وتحويله من مادة مهملة إلى قوالب أسطوانية صغيرة، تتناسب وأدوات التدفئة والطبخ والخبز الحديثة وسهلة الاستخدام ونظيفة.

فوائد المشروع
يوضح أبو حجلة أن فكرته نبعت قبل أربع سنوات، عندما عمد إلى تحويل مادة الجفت من حالتها الأولى إلى شكلها الجديد المضغوط وذات الحجم المناسب للاستخدام، مضيفاً أن quot;قلة استخدام المواطنين لمادة الجفت بشكل كبير، نتيجة لاعتمادهم على أدوات الطاقة الحديثة، هو ما دفعه لذلكquot;.

العمال في المشروع من طلبة الجامعة
وبيّن أنه قام باستيراد آلة الكبس من تركيا، وأضفى تحسينات على طريقة صنعها، بهدف زيادة إنتاجها وتحسينه، مشيراً إلى أن إنتاجه من الجفت المضغوط سنوياً يصل إلى ثلاثمائة طن، قائلاً إنهم سيعملون على مضاعفته لحوالي ألف طن في السنة.

وعن فائدة هذه الفكرة، لفت أبو حجلة إلى أنه قام بتشغيل أيد عاملة في قريته من طلبة الجامعة، إضافة إلى إفادة المزارع نفسه بشراء مادة الجفت منه أو من معصرة الزيتون، وشراء عبوات كرتونية لوضع المنتج، وبيّن أن الفائدة الأهم هي التقليل من الاعتماد على الخشب quot;الحطبquot;، واستخدام الجفت بأقل سعر وللغرض نفسه.

ويعد التخلص من الأضرار البيئية لمادة الجفت أهم ما ميز مشروعه، حيث إن إهمال المواطنين لتلك المادة وتركها أمام منزلهم أو رميها بأراضيهم، يعمل على تعفنها، وبالتالي التسبب بإيذاء التربة والمياه الجوفية نتيجة تحللها، حسب قوله، كما إن حرقها أقل ضرراً من حرق الأخشاب، لا سيما وأنها مادة سريعة الاشتعال ومعدة لذلك.

سوق غزة
ولفت أبوح حجلة إلى أنه يسعى إلى تسويق منتجه في قطاع غزة -رغم صعوبة ذلك وأولويات القطاع من الغذاء والدواء- بعد النجاح في تسويقه في مختلف مناطق الضفة الغربية، مشيراً إلى أنه يمكن أهالي القطاع من توفير بديل للطاقة في استخداماتهم اليومية، خاصة في ظل أوضاع الحصار والإغلاق التي يعيشونها للعام الرابع على التوالي.

كما تصل تكلفة إنتاج الطن الواحد من quot;الجفت المكبوسquot;، بحسب أبو حجلة، إلى قرابة مائتي دولار، ويباع بقرابة 260 دولار، مبيناً أنه يود توسيع إنتاجه، quot;وأحاول كذلك الاستفادة من المياه المستخلصة من الجفت بعد والمادة الزيتية العالقة فيهquot;.

ورغم أنه أضفى شيئاً جديداً في الصناعة الفلسطينية، إلا أن أبو حجلة لم يتلق أي مساعدة أو دعم من جهة رسمية أو أهلية quot;لأن هذه الجهات تنظر لهذا الموضوع وكأنه استثماري أكثر من أن الموضوع له علاقة بإعادة تدوير أو مشروع بيئيquot;. ورغم اعتماده على منتجات قريته بالدرجة الأولى والقرى المجاورة، إلا أن المهندس أبو حجلة يسعى جاهداً إلى احتواء كميات الجفت التي تنتج في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، وخاصة في شمالها، حيث تنتشر شجرة الزيتون بشكل كثيف.