أجرت إيلاف لقاء صحافياً حول بنود الموازنة اللبنانية الأخيرة مع الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة، مع تأكيد أهمية إنجاز الموازنة بعد تعطيل للموازنات، دام خمس سنوات ونيف. فتحدث حبيقة عن إيجابيات هذه الموازنة وسلبياتها، مشيرًا إلى أهمية أنها لم تزد الضريبة على القيمة المضافة.

بيروت: أنهت وزيرة المالية اللبنانية ريا الحسن وضع مشروع الموازنة العامة لعام 2010، بعد مخاض عسير، ومن المتوقع أن يكون مضمون هذا المشروع مادة للأخذ والرد في المرحلة المقبلة.

الخبير الاقتصادي لويس حبيقة

وإذا كانت الموازنة قد حملت بعض التوجهات الإنمائية في تعزيز الإنفاق الاستثماري والاجتماعي، إلا أنها لن تستطيع التقيد بنسبة العجز المقدرة بنحو 30 %، على اعتبار أن الإيرادات الإضافية المقدرة لكامل عام 2010 لن تحصل عن كامل السنة، بعد مضي أشهر عدة، مما قد يزيد العجز بشكل أكبر من المتوقع، ويرفعه إلى 34 أو 35 %، لا سيما أن سهولة الإنفاق دائمًا تكون أكبر من من إمكانات التحصيل المحظور قانونًا وواقعًا.

وفي انتظار مباشرة الحكومة في مناقشة مشروع الموازنة، أبدى الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة لـ quot;إيلافquot; بعض الملاحظات حوله، مع تأكيد أهمية إنجازه بعد تعطيل للموازنات دام خمس سنوات ونيف.

وأوضح حبيقة لإيلاف أن أهم بنود الموازنة تمثل في أنها لم تتضمن ضريبة إضافية على القيمة المضافة، لأنها كانت ستشكل غلطة كبيرة وسيئة جدًا للناس. أما أهم بنود الموازنة الواقعية من ناحية الإنفاق فأشار إلى أن هناك زيادة لا بأس بها في الإنفاق الاستثماري، وهو ما وصفه بالأمر الجيد، وكذلك الإنفاق التجاري زاد بنسبة 11% فقط، مع أنه كان هناك الكثير من الضغوط كي يزيد الإنفاق بشكل أكبر.

والإيجابي أيضًا، من وجهة نظر حبيقة، هو أن العجز بقي ضمن حدود مقبولة. أما ما الذي كان يجب أن يضاف إلى الموزانة، فيلفت إلى أنه كان من المفروض أن تأتي الموازنة جريئة أكثر، من ناحية الإنفاق الجاري، الذي زاد فقط بنسبة 11%، وكان يفضل أن ينخفض 11%، بفارق 22%، الأمر الذي كان سيحدث quot;عجائبquot; إيجابية في الموازنة، بحسب حبيقة، من خلال تخفيف وفود السفر مثلاً وتخفيف الهدر في العديد من الوزارات، وتخفيف الإحتفالات والمهرجانات.

ورأى أن هناك الكثير من الأبواب التي بالإمكان التخفيف من خلالها، متخوفاً أن quot;نصل إلى ما حدث في اليونان، حيث اضطرت الدولة إلى تخفيض الأجور في القطاع العام بنسبة 10%، وإيقاف تجديد كل العقود فيهاquot;. ومن ناحية الإيرادات، فيرى ألا مبرر لتلك الضريبة على الفوائد، لأن هذه الأخيرة اليوم ضعيفة جدًا، وبالتالي إذا زادت.. فلا قيمة لها، وكانت خطوة لا قيمة لها، كما إن الموازنة أيضًا لم تعالج مصير الدين العام، الذي سيصبح 55 مليار دولار، وسوف تزيد، وبالتالي سنصل إلى آخر السنة إلى عجز أكبر، متسائلاً quot;إلى أين سنصل في النهاية؟quot;.

وأشار حبيقة إلى أن quot;الموازنة لم تتطرق إلى الخصخصة، بل لاحظت نوعًا من الشراكة بين القطاع الخاص والعام، وقد تكون هذه الشراكة شكلية، ولا تعني خصخصة، بمعنى نقل ملكية إلى القطاع الخاصquot;.

وعن تأثير الخصخصة إيجابيًا على اقتصاد لبنان، فيؤكد أنها تؤثّر كثيرًا، من خلال تخفيض الدين العام، quot;حيث نكون نسير على الطريق الصحيح، والمؤسسات المخصخصة ستكون إنتاجايتها أعلى، وستعطي مردودًا أكبر للدولة، وخدمات أفضل للمواطنquot;.
ويضيف أن quot;الموازنة الحالية لا تتحدث عن أمور في الإصلاح الإداري، والإصلاحات التي تحدثت عنها غير كافيةquot;.

معتبراً أن العمل على الموازنة جرى على مبدأ الأقل خسارة ممكنة، بمعنى أنها quot;لم تحظ بتأييد سياسي أكبر، لأن السياسة لعبت دورها في الموضوعquot;، مفضلاً لو أنه كان هناك إعادة توزيع أفضل للوزارات، وتعزيز للزراعة والصناعة، وتخفيف الهدر في بعض الوزارات الأخرى، وتوزيع الموظفين بشكل أفضل ضمن الدولة، لأن هذه الأخيرة - كما يرى حبيقة - تملك فائضًا كبيرًا في عدد من الوزارات، ونقصاً في وزارات أخرى أساسية. ورأى أن الموازنة أنجزت quot;كي تمر بسهولة في مجلس الوزراء، بأقل كلفة لسياستها وللفريق السياسي التي تمثلهquot;.

في المقابل، يمنح حبيقة علامة 4 على عشرة للموازنة، مشدداً على ضرورة العمل المكثف للوصول إلى موزانة أفضل، quot;فلا نستطيع المضي هكذا بعجز كبيرquot;. وكان من الممكن، برأي حبيقة، التطرق إلى أجور النواب السابقين، ولا معنى أن تبقى هذه الأجور. والموازنة، بحسبه، لم تشكّل حتى بداية للحل الموجع الذي يجب أن ندخل فيه.