بروكسل: تتصاعد المشادة بين السياسيين الأوروبيين وأسواق المال وباتت تأخذ أبعاداً مفتوحة على خلفية المتاعب التي تواجه دول منطقة اليورو في إدارة الأزمة المترتبة عن إشكالية الديون في عدد من الدول الأوروبية.

وتلقي الدوائر السياسية والمالية الأوروبية اللوم على الأسواق المالية، وتتهمها بأنها وراء تصعيد حدة الأزمة في منطقة اليورو، في محاولة لإخفاء أخطائها، وإلقاء المسؤولية على الآخرين، حسب العديد من الخبراء والمحللين.

واتهم العديد من السياسيين الأوروبيين المضاربين والمستثمرين بالمضاربة المبيتة في الأسواق واستهداف العملة الأوروبية عبر وسائل محددة، مثل المراهنة على فشل اليونان، وبالتالي إلى تفاقم الأزمة المالية في هذا البلد وتفشيها على منطقة اليورو بكاملها.
كما أعربت الأوساط الأوروبية عن سخطها أمام توجيه أسواق المال والمحللين النقديين المرتبطين بهذه الأسواق إنتقادات لطبيعة سير المؤسسات الأوروبية نفسها وتعدد رؤوسها وغياب عدد من كبار المسئولين في بروكسل عن إدارة الأزمة، إلى جانب الدور المتواضع الذي قام به الرئيس الأوروبي منذ بداية أزمة اليونان، والدور المحدود الذي قامت به المفوضية، إضافة إلى الخلاف المفتوح بين ألمانيا وفرنسا.

وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الأكثر حدّة في هذا الاتجاه، ووصفت المعركة ضد أسواق المال بأنها نوع من النضال السياسي ضد الأسواق، ووعد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بشنّ حرب بلا هوادة على المضاربين.

لكن أحد كبار الاقتصاديين الأوروبيين، وهو ماركو أنونزياتا من بنك quot;أوني كريدتquot; حذّر من مطاردة غير عقلانية لأسواق المال من قبل السياسيين، وقال إن quot;شيطنةquot; الأسواق من قبل رجال السياسة أمر بات شبه عادي، ومثل مادة متكررة في خطاب واضعي السياسات الأوروبية منذ بداية أزمة الديون.

وقال إن هذا الأسلوب يعدّ طريقة سهلة لإخفاء الصعوبات المحددة التي تواجهها الحكومات التي أهدرت أوقات وإمكانيات ثمينة لمواجهة الأزمة. وتستفيد أسواق المال حسب الخبراء من المتاعب الأوروبية بالدرجة الأولى، ولكن أيضاً من التردد الذي تبيده أيضا مجموعة العشرين في إستصدار لوائح واضحة وصارمة للتحكم في عدد من المجالات، مثل فرض رسوم على المؤسسات المصرفية، والتعامل مع صناديق التحوّط ومراجعة سير وكالات التصنيف.

وتراقب الأسواق الاستعدادات الحالية ضمن الإعداد لقمة مجموعة العشرين يوم 26 يونيو/حزيران المقبل في تورنتو في كندا أكثر مما تراقب مقررات وخطوات مجموعة اليورو بشأن هذه المسائل.

ويرى العديد من المحللين أنه طالما لم يتم التوصل إلى صفقة داخل مجموعة العشرين حول مجمل هذه المسائل المحددة فإن أسواق المال ستواصل استهداف الحلقة الضعيفة في النظام النقدي والاقتصادي العالمي، الذي يمثله الاتحاد الأوروبي حالياً.