مع تراجع سعر صرف اليورو الأربعاء لأدنى مستوى له منذ 4 سنوات مقابل الدولار، بعدما أثار تحرك ألمانيا لحظر بعض المضاربات في الأسواق مخاوف على المصارف الأوروبية على خلفية أزمة ديون متفاقمة، رأت دراسة أن الديون تشكّل quot;لعنةquot; على الدول الصناعية، محذرة من أنبعضها قد لا يتمكن من خفض ديونه قبل عام 2084.

طوكيو، باريس - وكالات: أفادت دراسة صادرة من معهد دولي أن الديون تشكّل quot;لعنةquot; على الدول الصناعية، محذرة من أن بعض الدول، مثل اليابان، قد لا تتمكّن من خفض ديونها إلى مستوى مقبول قبل العام 2084.

وأوضح ستيفان غاريلي مدير المركز العالمي للتنافسية في معهد إدارة التنمية quot;ايه ام ديquot;، الذي يتخذ مقراً له في سويسرا، أن quot;العجز في الميزانيات العامة يسجل اليوم أرقاماً عالية جداًquot; متوقعاً ارتفاع متوسط ديون دول مجموعة العشرين من 76% من مجموع إجمالي ناتجها الداخلي العام 2007 إلى 106% منه العام 2010quot;.

وقدّر الباحثون في الدراسة الصادرة من المركز، الوقت الذي تحتاجه مختلف الدول لخفض ديونها إلى نسبة 60% من إجمالي ناتجها الداخلي، عملاً بمعايير اتفاقية ماستريخت المعتمدة في منطقة اليورو. وبحسب هذه التقديرات، فإن إعادة مستوى الديون إلى تحت هذه العتبة ستستغرق 74 عاماً في اليابان، وخمسين عاماً في إيطاليا، و27 عاماً في البرتغال، و25 عاماً في بلجيكا.

أما الولايات المتحدة، فستحقق هذا الهدف في العام 2033، فيما يتوقع أن تحققه أيسلندا العام 2032، واليونان العام 2031، وفرنسا العام 2029. غير أن الوضع يختلف ما بين الدول ذات مستوى الديون العالي. وأوضح غاريلي أن quot;اليابان وإيطاليا وبلجيكا تعاني ديوناً طائلة، لكن معظم دائنيها مؤسسات وطنيةquot;.

في المقابل، تواجه اليونان والبرتغال استحقاقات لمصارف أجنبية، تملك 106 مليارات يورو من ديون اليونان، و44 مليار يورو من ديون البرتغال. كما يعاني هذان البلدان، إضافة إلى أسبانيا quot;مشكلة صدقيةquot;، نظراً إلى عدم امتلاكها موارد كافية لتسديد ديونها، وهي في قلب أزمة مالية جديدة اندلعت في أوروبا، بسبب الديون العامة المرتفعة جداً.

من جهته، أشار ستيفان غاريلي إلى أنه quot;ليس المهم حجم الدين العام فحسب، بل كذلك الوقت الضروري لامتصاصهquot;، موضحاً أن الدول ذات الديون العالية قد تفقد الكثير من قدرتها التنافسية.

وما يزيد الأمور تعقيداً أن بعض الدول مثل بريطانيا وأيسلندا اقترضت قسماً من ديونها بالعملات الأجنبية، ما يجعلها عرضة لتقلبات أسعار الصرف. في المقابل، فإن 75% من ديون اليونان والبرتغال باليورو، فيما معظم ديون الولايات المتحدة بالدولار.

وأقرّ الاتحاد الأوروبي في العاشر من أيار/مايو وبمساهمة من صندوق النقد الدولي خطة إنقاذ تاريخية لدول منطقة اليورو بقيمة 750 مليار يورو، كان الهدف منها تهدئة الأسواق، بعدما شهدت اضطراباً كبيراً، نتيجة خطورة الوضع اليوناني، ومخاطر انتقال الأزمة في هذا البلد إلى دول أخرى، مثل أسبانيا والبرتغال.

من جهة أخرى، طلب صندوق النقد الدولي الأربعاء من اليابان أن تبدأ اعتباراً من 2011 بخفض ديونها، التي تتزايد سنة بعد سنة. لكن المعهد أشار إلى أن الوضع ليس قاتماً تماماً، موضحاً أن أربعين من الدول الـ58 التي تناولتها الدراسة لا تعاني مشكلة ديون، وبينها سنغافورة وسويسرا.

وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية المأزومة، تراجع سعر صرف اليورو الأربعاء إلى أدنى مستوى له منذ أربع سنوات مقابل الدولار في أسواق آسيا وأوروبا وأميركا، بعدما أثار تحرك ألمانيا لحظر بعض المضاربات في الأسواق مخاوف على المصارف الأوروبية على خلفية أزمة ديون متفاقمة.

وقال محللون إن محاولة ألمانيا للحد من التقلبات في سعر اليورو من خلال فرض قيود جديدة على عمليات المضاربة القريبة الأجل، كان لها مفعول عكسي، إذ فاجأت الأسواق وأثارت شكوكاً أدت إلى تراجع قيمة العملة الأوروبية الموحدة.

وتراجعت البورصات الآسيوية والأوروبية بصورة إجمالية في أعقاب تراجع بورصة وول ستريت، واستمرت المخاوف بشأن أزمة ديون منطقة اليورو، على الرغم من الجهود الأوروبية لاحتواء المشكلة، من خلال إقرار خطة إنقاذ منطقة اليورو في أعقاب اعتماد خطة لمساعدة اليونان بقيمة 110 مليارات يورو.

حظرت الهيئة الألمانية لضبط الأسواق المالية اعتباراً من منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء وحتى 31 آذار/مارس عمليات البيع المكشوفة، التي تطاول القروض لدول منطقة اليورو، بالنسبة إلى بعض أنواع سندات المقايضة الائتمانية (التي تغطي مخاطر الإفلاس بالنسبة إلى بلد أو شركة) وأسهمت عشر مؤسسات مالية من مصارف وشركات تأمين، وذلك بهدف الحد من المضاربات.

وعمليات البيع المكشوفة تقضي بقيام العملاء في الأسواق ببيع أسهم لا يملكونها بعد، على أمل معاودة شرائها بأسعار أكثر تدنياً وتحقيق أرباح. وبررت الهيئة في بيان قرارها بـquot;التقلبات الاستثنائية في سندات دول منطقة اليوروquot;.

غير أن جان لوي مورييه الخبير الاقتصادي لدى شركة أوريل رأى أن هذا الإعلان quot;جاء في وقت غير مناسب، وسط مناقشات جارية بين هيئات الضبط الأوروبية والحكومات والمفوضية الأوروبية، وقرار ألمانيا الأحادي لا يلقى استحساناًquot;.

وبالفعل دعت المفوضية الأوروبية الأربعاء إلى التنسيق على المستوى الأوروبي. وإذ أكد المفوض الأوروبي المكلف السوق الداخلية والخدمات المالية ميشال بارنييه أنه quot;يفهمquot; المخاوف الألمانية، في ظل أسواق مالية quot;متقلبةquot;، قال إن quot;هذه الإجراءات ستزداد فاعلية، حين يتم تنسيقها على المستوى الأوروبيquot;.

وأضاف quot;من المهم أن تتحرك الدول الأعضاء (في الاتحاد الأوروبي) معاً، وأن نقرّ على وجه السرعة نظاماً أوروبياً، يسمح بتفادي عمليات التحكيم المتعلقة بالتنظيمات، والتشرذم، سواء داخل الاتحاد الأوروبي أو على الصعيد العالميquot;.

وقال ميتول كوتيكا من مصرف كريدي أغريكول إن القرار الألماني أثار شكوكاً بشأن مفعوله، واحتمال أن تعتمد دول أوروبية أخرى إجراء مماثلاً، كما بالنسبة إلى مجال تطبيقه وكيفية تعزيزه.