بدأت الاستعدادات في مصر على قدم وساق لاستقبال بطولة مونديال كرة القدم، فاستنفرت المقاهي والنوادي استعداداً لاستقبال رواد اللعبة الشعبية، وتبارت متاجر بيع الأدوات الرياضية في عرض منتجاتها من قمصان وأعلام المنتخبات المشاركة، كما تسابقت شركات الالكترونيات في تقديم التخفيضات على التلفزيونات وشاشات العرض الكبيرة.

القاهرة: تعد بطولة كأس العالم محفلاً من المحافل التي تلتف حولها الشعوب، وتعدى المونديال كونه بطولة رياضية، ليصبح موسماً اقتصادياً تتبارى خلاله الشركات والمؤسسات في عرض منتجاتها المختلفة، بل وتعتبر فترة البطولات الرياضية الكبرى فترة رواج لمنتجات بعينها.

الجدير بالذكر أن التلفزيون المصري اشترى حق بثّ 22 مباراة من مونديال كأس العالم المقامة في جنوب أفريقيا بـ120 مليون جنيه من قناة الجزيرة الرياضية، والمباريات الـ 22 هي المباراة الافتتاحية، والنهائية، ومباراتي نصف النهائي، إضافة إلى بعض المباريات المهمة في الأدوار المختلفة، وهذا ما أضعف الإقبال على اشتراكات باقة الجزيرة المشفرة لكأس العالم.

ويرى حاتم الطحاوي أن quot;شراء التلفزيون المصري لمباريات كأس العالم وفّر علينا معاناة الاشتراك في القنوات المشفرة التي تمتلك حق البث، فالغالبية العظمى من الشعب المصري كان سيحرم من مشاهدة مباريات المونديال، لأن القادرين من الشعب فقط ndash; وهم فئة قليلة ndash; يمكنهم دفع تكلفة الاشتراك الخاص بقنوات الجزيرة.

وأهم ما يميز مبارايات كأس العالم من الناحية الاقتصادية استغلال هذه المناسبة في الترويج للمنتجات والعروض الخاصة، فقد لجأت بعض شركات الالكترونيات إلى تقديم عروض وتخفيضات على التلفزيونات الكبيرة وشاشات العرض. في هذا الصدد يشير جودة - صاحب محل بيع الكترونات- إلى أن quot;العديد من الشركات المحلية والعالمية تعتمد تخفضيات وعروضاً شرائية في المناسبات المهمة، معتبراً أن quot;كأس العالم من المناسبات المهمة لسوق التلفزيون وشاشات العرض، فهناك نواد ومقاه عديدة تشتري شاشات العرض الكبيرة لكي تجذب أكبر قدر من الزبائن لمشاهدة مباريات كأس العالم، إضافة إلى الأفراد، يتعمد بعض الزبائن تأجيل شراء التلفزيونات إلى فترة لاحقة كمثل هذه المناسبات، وهو ما لمسناه في بعض الذين ترددوا على المتجر في الفترة الماضيةquot;.

كما استغلت بعض شركات الإعلان المحفل العالمي للتسويق لنفسها من خلاله، فيوضح أحمد عبد الجليل ndash; مدير تسويق في شركة أيتالكس ميتال- أن شركته صنّعت نموذجاً محاكياً لكأس العالم وعرضته في الأماكن المخصصة لعرض منتجاتها خلال فترة البطولة، فهو يجذب الأنظار، ويعتبر وسيلة ناجحة للدعايات.

واستعداداً لهذا المحفل العالمي، قامت المقاهي والفنادق بتخصيص أماكن لمشاهدة المباريات، وزادت عدد المقاعد والمؤن الخاصة بالمشروبات والأطعمة، ووفر بعضها شاشات عرض كبيرة لاستيعاب أكبر عدد من الزبائن، كما زاد عدد النادلين والعاملين في هذه الأماكن، وقامت كلها بتوفير باقات كأس العالم في قنوات الجزيرة، إما عن طريق الاشتراك الشرعي بكروت فك التشفير أو بطرق غير شرعية عن طريق الوصلات الموجودة في الأحياء بطريق غير قانونية أو بأجهزة اختراق الشفرات.

وتروج أيضاً خلال فترة كأس العالم القمصان الرياضية الخاصة بالمنتخبات المشاركة. وقد تبارت التوكيلات العالمية والمحال في عرض تلك القمصان بأسعار خاصة بمناسبة المونديال. وكان الإقبال كثيفاً على قمصان منتخبات البرازيل والأرجنتين وفرنسا وألمانيا وأسبانيا، كما يقول مدير متجر لبيع الأدوات الرياضية في وسط القاهرة أنه quot;بالرغم من غياب مصر عن المشاركة في الكأس العالمية، إلا أن الشباب المصري يعطي هذه المناسبة اهتماماً خاصاً، فكل شاب يختار منتخباً ليشجعه، ويشتري القميص الخاص بهذا المنتخبquot;.

وأضاف أنه لو أن مصر كانت ضمن الدول المشاركة لنهائيات كأس العالم، لكان الأمر مختلفاً، فما من منزل مصري إلا وكان اشترى quot;فانلةquot; المنتخب الوطني، كما يحدث في المحافل المشترك فيها، وآخرها كان كأس الأمم التي شهدت بيع أكبر عدد من الأعلام وقمصان المنتخب الوطني.

وجاء في تقرير لمركز الدراسات الاشتراكية عن اقتصاد كرة القدم أنه quot;في مجتمع التفاوت الطبقي الصارخ الذي نعيش فيه، أصبحت الرياضة تلعب دوراً متزايداً، بعدما صارت وسيلة للصعود الفردي. فإلى جانب كونها، عموماً، أداة للتسلية والمتعة، ووسيلة للهرب من الحياة الروتينية، فقد صارت بالنسبة إلى الغالبية العظمى من الرياضيين طريقة لتجاوز الفقر والوصول إلى قمة الثراء.

وكما نرى في مصر (والحقيقة أنها ظاهرة عالمية أيضاً) ينتمي العديد من نجوم الرياضة إلى أسر فقيرة، ويتحدرون من مناطق أفقر. لكنهم صاروا أثرياء يركبون العربات الفارهة، ويصادقون نجوم السينما، بل ويتم استغلال شهرتهم في تمثيل أفلام وإعلانات تحت شعار الكل رابح والكل مستفيد.

لطالما اهتم رجال الأعمال والرأسماليون الكبار بالرياضة، وتحديداً كرة القدم. وفي البرازيل، أهم منتج للاعبين المهرة، كان مَنشأ وتطور كرة القدم في مطلع القرن مرتبطاً بالأندية التي كانت الشركات الكبرى تؤسسها لعمالها بالذات من السود والمهجنين. لكن هذا الاهتمام وصل إلى ذروته واتخذ أبعاداً جديدة في السنوات الأخيرة. فقد أصبح من العادات المنتشرة في الألعاب والبطولات الرياضية، لا سيما كأس العالم، وجود ممول أساسي للبطولة، وهو ما يطلق عليه quot;الراعي الرسمي للبطولةquot;، على أثر توقف الدول عن تمويل ورعاية البطولات مادياً، وتركها هذه المهمة لرجال الأعمال.