واشنطن:اشارة الصين الى أنها ستخفف ربط عملتها بالدولار المستمر منذ 23 شهرا لن تجنب البلاد غضب النواب الاميركيين الا اذا فتحت الباب أمام صعود ملموس لليوان.ودون تعقيب سريع على اعلان السبت المقتضب أشار أعضاء ديمقراطيون وجمهوريون بالكونجرس الامريكي يسعون لاظهار حرصهم على الوظائف الاميركية قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر تشرين الثاني الى أنهم سيجددون مسعى لمعاقبة الصين بسبب quot; التلاعب في العملةquot;.ومازال من الممكن أن يتهم الرئيس الامريكي باراك أوباما الصين رسميا بالتلاعب في العملة وخفض قيمة اليوان للحصول على ميزة تجارية غير عادلة وأن يبدأ في التعامل مع سعر صرف العملة الصينية باعتباره أحد أشكال الدعم وذلك لزيادة الرسوم الجمركية على بعض الواردات الصينية.

وقبل أيام من اجتماع زعماء مجموعة العشرين في مدينة تورونتو الكندية قال البنك المركزي الصيني يوم السبت انه سيرفع سعر صرف اليوان مرونة بشكل تدريجي وذلك في اشارة الى احتمال العودة للسياسات التي اتبعها البنك بين عامي 2005 و2008.لكن بكين استبعدت تماما تقريبا رفع سعر العملة دفعة واحدة أو أي زيادة كبيرة في قيمة العملة كما يريد منتقدون مثل السناتور الديمقراطي تشارلز شومر الذي يرأس مجموعة من النواب الديمقراطيين والجمهوريين تهدد باقرار تشريع يدفع الصين الى التحرك.وتوقع أحد المنتقدين البارزين لسياسة الصين الخاصة بالعملة أن يتوقف الكونجرس ووزارة الخزانة الامريكية عن مهاجمة الصين انتظارا لرؤية الطريقة التي تنفذ بها الصين السياسة الجديدة والاهم من ذلك كيف سيكون رد فعل بكين لاي ارتفاع للين في الاسواق المالية.وقال فريد بيرجستن مدير معهد بيترسون للاقتصاد الدولي quot;اذا سمحوا لسعر الصرف بالارتفاع دفعة واحدة يعتد بها أو اذا سمحوا له بالارتفاع التدريجي - بنسبة واحد بالمئة أو نحو ذلك كل شهر - فان أيا من هذين الخيارين سيكون كافيا لوزارة الخزانة والكونجرس ليقولان أن الامور تسير في الاتجاه الصحيح.quot;

وأضاف quot;لكن اذا كان هذا مجرد اعلان من حيث المبدأ ولم يحدث تغير ملموس في غضون أسبوعين أو شهرين فيتعين استئناف الضغط.quot;وقال شومر quot;نأمل أن تكون الصين أكثر تحديدا خلال الايام القليلة المقبلة. اذا لم يحدث ذلك فانه لن يكون لدينا خيار سوى المضي قدما في تشريعنا وذلك لمصلحة الوظائف والثروة الامريكية التي تتضرر كل يوم جراء ممارسات الصين.quot; وثبتت الصين سعر صرف اليوان أمام الدولار الامريكي عند 6.83 يوان تقريبا منذ يوليو تموز 2008 في محاولة لعزل أسرع الاقتصادات الكبرى نموا عن تداعيات الازمة المالية العالمية.

وعلى مدى السنوات الثلاث السابقة على ذلك خففت الصين تدريجيا ربط عملتها بالدولار لترتفع قيمة اليوان حوالي 21 بالمئة وهو ما هدأ ثورة غضب الكونغرس وان كان كثير من النواب والمصنعين الامريكيين ظلوا غاضبين لان اليوان لم يرتفع أكثر.وأشار ساندر ليفن رئيس لجنة موازنة الضرائب والميزانية بمجلس النواب الامريكي الى أن الكونجرس لن يرضى بمجرد ادخال الصين بعض التعديلات البسيطة على سعر الصرف.وقال quot;لقد رأينا اجراءات مثل هذه من قبل ومن الواضح أن الصين لم تسمح بصعود (الين) بشكل كاف في اخر مرة تبنت سياسة كهذه بين 2005 و2008.quot;وبحسب تقديرات كثير من خبراء الاقتصاد الغربيين مازال اليوان مقوما بأقل من قيمته بحوالي 25 الى 40 بالمئة مما يمنح الشركات الصينية ميزة سعرية كبيرة في التجارة الدولية.

وقالت مجموعة صناعية أميركية تحمل الصين مسؤولية فقد أكثر من مليون وظيفة ان أعضاءها يريدون من الكونغرس أن يواصل الضغط على الصين.وقال سكوت بول المدير التنفيذي للتحالف من أجل الصناعة الامريكية quot;ما لم تكن الخطوة سريعة وقوية فان اعلان الصين ليس سوى حيلة قبيل اجتماع مجموعة العشرين وفي اعقاب الضغط المتزايد بالكونغرس.quot;وتزايد الغضب بسبب سعر الصرف الصيني مما دعم مشروع قانون قدمه شومر في مجلس الشيوخ واخرون في مجلس النواب من شانه أن يلزم وزارة التجارة الاميركية بمعاملة العملات التي تعتبر مقومة بأقل من قيمتها كنوع من الدعم حتى تستطيع الشركات السعي لفرض رسوم جمركية عليها.ومشروع القانون هو نسخة أخف وطأة من تشريع رعاه شومر وزملاؤه من الحزبين الامريكيين قبل عدة سنوات وكان من شأنه أن يفرض تعريفة جمركية نسبتها 27.5 بالمئة على جميع البضائع الصينية. ومن المحتمل أن يضيف مشروع القانون الاحدث الى الثلاثة بالمئة من الواردات الاميركية من الصين التي تغطيها بالفعل رسوم تعويضية أو رسوم مكافحة الاغراق.

وألقى الزعماء الصينيون بعد بيان البنك المركزي الصيني يوم السبت على أوباما ووزير خزانته تيموثي جايتنر بعبء تحديد ان كان بمقدورهما ابلاغ الكونجرس عن ثقة بأن بكين لا تتلاعب في عملتها.وكان أوباما انتقد خلال حملته الرئاسية في 2008 ما وصفه بتلاعب الصين بالعملة لكنه أحجم عن اتهام الصين بالتلاعب في تقريرين نصف سنويين لوزارة الخزانة في خضم الازمة الاقتصادية العالمية.وفي الوقت الذي بدأ فيه الاقتصاد العالمي يتجه للاستقرار عادت الشكاوى الامريكية بشأن سعر الصرف اليوان لتطفو على السطحوأرجأ جايتنر ثالث مراجعة تقوم بها ادارة أوباما لممارسات الصين تجاه العملة والتي كان من المقرر صدورها في 15 ابريل نيسان وهو ما أمهل بكين فعليا حتى اجتماع زعماء مجموعة العشرين.كما يضغط شومر ونواب يشاركونه الرأي على وزارة التجارة الامريكية للبدء في فرض رسوم تعويضية على بعض السلع الصينية حتى دون صدور تشريع جديد.

ويدرس مسؤولون أميركيون دفوعات بأن انخفاض سعر صرف العملة الصينية يعتبر دعما تجاريا في حد ذاته وذلك في واقعتين تشملان استيراد الورق المصقول وأحد منتجات الالومنيوم.وقال راغورام راجان استاذ الاقتصاد بجامعة شيكاجو وكبير خبراء الاقتصاد السابق بصندوق النقد الدولي ان اعلان الصين quot;سيسمح لكل من الصين والولايات المتحدة باستعادة الهدوء قبل أن يقدم أي منهما على اجراء يعجل بالدخول في حرب تجاريةquot;. لكن الساسة الامريكيين يريدون ألا يظهروا في صورة ضعيفة أمام الصين قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في الثاني من نوفمبر. وحتى اذا غضت واشنطن الطرف عن اتهام الصين بالتلاعب في العملة في التقرير المؤجل والذي من المتوقع الان أن يصدر في أوائل يوليو تموز فان من المقرر أن يصدر التقرير نصف السنوي التالي في 15 أكتوبر تشرين الاول أي قبل أقل من ثلاثة أسابيع من الانتخابات.