يرى خبراء الاقتصاد في مصر أن أزمة اليورو كشفت مدى ضعف الاقتصاد المصري، على الرغم من تصريحات المؤسسات الحكومة بمرونة الاقتصاد المصري وتنوع الاحتياطي النقدي في مصر وقدرة على مواجهة الأزمات.

القاهرة: ذهبت آراء خبراء مصريين أن أزمة اليورو سلاح ذو حدين، يمكن الاستفادة منه في تطوير الأداء الاقتصادي للبلاد. ووسط خضم التقلبات التي تشهدها أسواق الصرف العالمية، تتخذ كل الدول من الحيطة ما يتناسب مع إمكانياتها ومعاملتها الخارجية لتلاشي آثار تغيرات أسعار العملات العالمية، للحفاظ على الاحتياطي النقدي لديها.

وعندما جاءت الأزمة المالية العالمية من مصدرها في الولايات المتحدة الأميركية، اتجهت بعض الدول لتدعيم الاحتياطي النقدي لديها باليورو، ثم جاءت الأزمة الأوربية لتحل لعنة الأزمات على عملة أوروبا الموحدة، وأعادت للدولار بعض من مكانته المفقودة، ولكن ما مدى تأثر الاقتصاد الدولي بهذه الانتكاسات المتتالية، وماذا لو انهارت كلتا العملتان العالميتان، هذا ما ستناقشه quot;إيلافquot; مع خبراء المال والاقتصاد في مصر خلال التقرير الآتي.

في البداية أكد الدكتور حمدي عبد العظيم، الخبير الاقتصادي ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية السابق أن ما يحدث من تقلبات لأسعار الصرف العالمية، يحتاج مواجهة مدروسة من قبل مؤسسات الدولة والبنك المركزي المصري، لتلاشي الآثار السلبية لهذه الانتكاسات الاقتصادية.

وينصح عبد العظيم بالاتجاه إلى سلة العملات، لأن تنويع الاحتياطي النقدي يتحكم بميزان المدفوعات، ويجعل هناك توازنًا واستقرارًا لقيمة المدفوعات، مشيراً إلى أن الاعتماد على عملة واحدة أو عملتين في الاحتياطي يجعله مهددًا بالتأثيرات السلبية في حالة انهيار تلك العملة، كما هو الحال الآن في أزمة اليورو.

وأضاف عبد العظيم أن أحدًا لا يستطيع أن ينكر أن هناك وجوهًا استفادت من أزمة اليورو إلى جانب العوامل السلبية، وتتمثل الاستفادة في قيمة الصادرات المصرية إلى أوروبا، وخصوصًا إيطاليا، الشريك الأكبر للتجارة المصرية، ولكن تتلاشى هذه الاستفادة أمام أوجه التأثيرات السلبية المتعددة، ويأتي في مقدمتها السياحة. وهذا ما يتوافق مع ما أكده رئيس غرفة المنشآت الفندقية في جنوب سيناء عن انخفاض إيرادات المنشآت الفندقية في المحافظة بنحو 15 % بسبب تراجع اليورو.

أما الدكتور سمير مرقص، أستاذ المالية في الجامعة الأميركية في القاهرة، فيرى أنه يجب على الدولة أن تضع ضوابط ومعدلات مختلفة للعملات مع بعضها بنظام علمي، وأوضح أنه يجب التفرقة بين الانهيار التام للعملة والتذبذبات المؤقتة لها، لأن ما يحدث حاليًا لليورو هو ما حدث للدولار في العام 2008، وهو ليس انخفاضًا حادًّا للعملة أمام نظائرها في العالم، لأن السياسات النقدية الأميركية والأوروبية تعتمد على إجراءات مالية دقيقة، تستطيع استعادة الأوضاع السابقة لما قبل الأزمة، فهذه الاقتصاديات اقتصاديات كبرى تتحكم في النظام المالي العالمي، ولذا فإنها تتلاشى، ما يسمى بتراكم الآثار، وذلك لأن لديها رؤية جيدة للتوظيف الكامل لإنتاجها المحلي ومواردها الداخلية، إضافة إلى أنها تمتلك أحجام صادرات هائلة.

وأكد مرقص أن quot;مصر تحتاج الكثير لمجابهة اقتصاديات الدول المتقدمة، ومسايرة المنظومة العالمية الاقتصادية، وذلك لن يأتي إلا من خلال الإصلاح الداخلي بأن نخلق الطلب على العملة المحلية عن طريق قيمة الصادرات وعائدات قناة السويس بجعل التعامل فيها بالجنيه المصري، وهو ما يزيد من الطلب على العملية المحلية، ويرفع من قيمتها أمام العملات الأخرى، ويجعل الدولة في مأمن من خطورة الأزمات المتتاليةquot;.

وأشار سمير مرقص إلى ضرورة الاتجاه لسلة العملات وعدم الاعتماد في الاحتياطي النقدي على عملة بذاتها بشكل كبير، كما هي الحال، لأن البنك المركزي أعلن أن 80 % من الاحتياطي بالدولار، بينما اليورو لا يتعدى 16 %، وهو الأمر الذي يحقق التنوع المطلوب. كما أوضح أن مصر لديها مناجم ذهب كبيرة في الصحراء الشرقية، quot;لو تم استخراج الذهب منها لأصبح لدينا ما يوازي الاحتياطي العالمي من الذهب، وهو ما سيجعلنا نعتمد عليه في الاحتياطي النقدي، ويزيد من قوة الاقتصاد المصريquot;.