مما لا شك فيه أن الاصلاحات، التي تناقشها أوروبا والولايات المتحدة الأميركية بجدية، على أمل الاقرار بها قريباً، المتعلقة بالمشتقات في الأسواق المعروفة باسم quot;أوفر ذي كاونترquot; (Over the Counter) ستؤثر مباشرة على عائدات المصارف.

برن ( سويسرا ): هكذا أسواق تنعقد مباشرة بين المتداولين وأصحاب رؤوس الأموال عبر الهاتف والكمبيوتر بدلاً من صالات التداول التقليدية. لذلك، أطلق عليها اسم سوق التداول خارج البورصات، لكونها منصات تجارية خاصة قليلة الشفافية وهي طالما استأثرت بمكانة هامة في عالم المال. في الحقيقة، ثمة أربع مصارف أميركية تدير هذه الأسواق، هي quot;سيتي غروبquot; وquot;غولدمان ساكسquot; وquot;جي بي مورغانquot; وquot;بنك أوف أميركاquot;. وفي حال احتسبنا الخسائر، التي ستتكبدها هذه المصارف الأربعة سوية مع مؤسسات ائتمانية كبرى أخرى، حول العالم، لوجدنا أن الاصلاحات العالمية ستشفط من خزائنها بلايين الدولارات، هذا العام.

في سياق متصل، يشير الخبير فيكتور كارليني، في فرع مصرف quot;سيتي غروبquot; بمدينة جنيف السويسرية، الى أن قيمة سوق المشتقات المالية، حول العالم، رست في نهاية العام الماضي على حوالي 615 تريليون دولار. في ما يتعلق بالولايات المتحدة الأميركية وحدها، فان قيمة هذه السوق رست، في الربع الأول من العام، على 217 تريليون دولار أي أنها نمت 1.7 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

على صعيد عائدات الصناعة المصرفية العالمية، الناجمة عن المشتقات المالية، فانها سترسو، العام، وفق الخبير كارليني، على لا أكثر من 150 بليون دولار. علاوة على ذلك، يتوقف هذا الخبير للاشارة الى 40 في المئة من هذه العائدات، أي حوالي 60 بليون دولار، مؤلف من صفقات تجارية يتم تنفيذها داخل أسواق التداول خارج البورصات.

بأوروبا، تسعى المفوضية الأوروبية الى توطيد شفافية أسواق quot;أوفر ذي كاونترquot; عن طريق تعزيز شفافية عملياتها وذلك بواسطة انشاء غرف مقاصة جديدة (Clearing House) لتنظيم عمليات تبادل الشيكات وغيرها. ان انشاء هذه الغرف يعني آلياً تكاليف جديدة على المصارف، يقدرها الخبير كارليني بحوالي 4.3 بليون دولار. وثمة سيناريو آخر، سيؤدي الى تراجع مبيعات المشتقات المالية، يتمثل في الانتقال الى منصات تداول منظمة وشفافة. هنا، يقدر الخبير كارليني تراجعاً للمبيعات المصرفية العالمية بنحو 8 بليون دولار. عموماً، فان الاصلاحات، التي ستطال سوق المشتقات المالية والتي ترمي كذلك الى اجبار المصارف على عرض منتجات مالية معيارية وغير مُهندسة حسب حاجات العملاء، ستكبد المصارف العالمية خسائر مقدارها 15 بليون دولار!