يشهد العالم منذ فترة تقارب ملفت بين بلدان، كان التقارب بين من الأمور المستبعدة، حيث تسعى البرازيل إلى مد جسور مع العالم العربي وتركيا، وهذا تحليل يلقى بعض الضوء على هذا الجانب.

سان خوسيه: تسعى البرازيل، التي تعتبر الأقوى اقتصاديًا بين بلدان أميركا الجنوبية، إلى إيجاد موطئ قدم لها ضمن النظام الاقتصاد العالمي الجديد، وتسعى إلى تكوين نفوذ يجعلها تشارك في القرارات الدولية المتعلقة بالعالم النامي والناهضة.

وحسب قول الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا خلال افتتاحه الشهر الفائت منتدى الاقتصاد العالمي في ريو، quot;فقد سارت السفينة، ولا نريد أن نكون ركابًا في الدرجة الثانية فيها. والحلول للمشاكل العالمية لا يمكن العثور عليها إلا بالتشاور والعمل المشتركquot;، وقصد بذلك بين البلدان الصناعية صاحبة القرار.

وهذا ما كرره في مقابلة له مع إحدى الصحف الأميركية، حيث أكد أيضًا على أن الإجراءات الطارئة التي اتخذتها البلدان الصناعية الغربية غير كافية من أجل تغيير النظام المالي العالمي، الذي هدّد العالم بأعظم المخاطر. كما إنه لم يتردد في توجيه نقد لاذع إلى صندوق النقد الدولي.

وذكر أن مندوبين عن الصندوق قاموا بجولات في دول العالم من أجل الإملاء على حكوماتها المشاريع التي يجب أن تنفذها، لكن لم يتحدث أحد منهم بصراحة عن الجهات التي يجب أن تتحمل المسؤولية، ولم يتردد عن انتقاد قمة العشرين والثماني، التي عقدت في كندا، حيث قال لم يحضر أحد معه أي حل للأزمة الاقتصادية العالمية، مؤكدًا أن انعاكسات الأزمة الاقتصادية العالمية على البرازيل كانت أقل بكثير، ومحصورة مقارنة مع ما تعانيه حاليًا البلدان الغربية.

وبناء على هذه المواقف، التي أعلنها الرئيس البرازيلي، يعتقد الكثير من المحللين السياسيين والاقتصاديين في أميركا الجنوبية أن البرازيل تريد الآن استغلال وضعها الاقتصادي الجيد، إذ إن ناتجها المحلي مع المكسيك يشكل 60 % من الناتج الإجمالي لبلدان أميركا الجنوبية، من أجل مد جسور إلى الخارج، وهذا ما ظهر خلال الاتصالات المكثفة حاليًّا لها مع تركيا والصين وبلدان عربية، باسغلال قضيتين، الأولى برنامج إيران النووي، والثانية الوضع في المناطق الفلسطينية المحتلة.

فالعديد من المحللين اعتبروا زيارته إلى منطقة الشرق الأوسط على سبيل المثال، وعلى الرغم من اقتراب موعد انتهاء ولايته كرئيس، بمثابة دعم لسياسة البرازيل كبلد مهم اقتصاديًا وسياسيًا في أميركا الجنوبية. وعليه فإن زيارة إلى فلسطين والأردن وإسرائيل ولقائه الرئيس الفلسطيني تعتبر نافذة برازيلية فتحها على المنطقة، وذلك في ظل تحولات سياسية واقتصادية عالمية كبيرة. فهل تسعى البرازيل إلى بناء نفوذ في المنطقة العربية بالتعاون مع تركيا، مستغلة التحولات الاقتصادي العالمية؟.

من جهته، لا يريد خبير الاقتصاد البرازيلي أنغليسيو روميريس الإجابة مباشرة على هذا السؤال، بل فضل استعراض ما تقوم به البرازيل من تحركات دولية من أجل تدعيم هذا التوجه، ولا يريد التعجيل والقول إنها سوف تستبدل علاقتها المتينة مع إسرائيل بعلاقة مع العالم العربي وتركيا.

إذ إن التيارات الإسرائيلة واللوبي الإسرائيلي أقوى من أن تزعزعه حالياً زيارة للرئيس إلى الشرق الأوسط وتركيا أو اجتماعه بالرئيسين التركي داسيلفا، والإيراني محمود أحمدي نجاد، حيث إن جزءًا كبيرًا من معدّات الجيش البرازيلي اشترته الحكومة من إسرائيل، منها طائرات من دون طيار، إضافة إلى اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، أسوة ببلدان أخرى في أميركا. مع ذلك لا يريد روميروس التقليل من شأن اهتمام بلاده بتدعيم العلاقات مع إيران الغنية بالنفط. لذا فلا غرابة من أن تلعب على التناقضات الدولية حيال إيران من أجل زيادة التعاون التجاري معها.

وقد يوافق الكثير من المحللين السياسيين والاقتصادين روميروس الرأي، حتى إن بعضهم يذهب إلى أبعد من ذلك بالتحذير من تحالف اقتصادي ثلاثيquot; تركيا وإيران والبرازيلquot;، يقوي نفوذ البرازيل في منطقة الشرق الأوسط أيضًا. فالاتفاقية التي تمت بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والبرازيلي دا سيلفا في إطار تعميق التعاون، ستكون داعمة للاتفاقية التي رعاها الرئيس التركي والرئيس الإيراني الداعية إلى التعاون من أجل استغلال مخزونها من اليورانيوم المخصب في الصناعات الطبية، ما يجعل إيران والبرازيل تساهمان في تقليص خطر تصنيع إيران لقنبلة نووية، ما يجعل العالم مدينًا لهما بالكثير.