المنامة:توقع مجلس التنمية الاقتصادية، المسئول عن رسم السياسات الاقتصادية في البحرين، أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 4 في المئة خلال العام الجاري بعد ظهور بوادر في الربع الأول لتحقيق ذلك، ولكنه حذر من تفاقم العجز المالي الهيكلي بسبب تراجع أسعار النفط، وكذلك تدني الإنتاجية في المملكة. وشرح تقرير أصدره المجلس أنه بعد نحو عقد من النجاحات المتتالية والأداء الاقتصادي القوي خلال السنوات الخمس الماضية، تباطأ النمو الاقتصادي في البحرين خلال العام 2009 وصولاً إلى العام 2010 laquo;وكان التباطؤ أكثر وضوحاً في قطاعات البناء والتشييد والخدمات المالية، وهي القطاعات الأكثر تضرراً من جراء الأزمة المالية العالميةraquo;.

لكنه أوضح أنه على رغم تباطؤ النمو الاقتصادي، تمكنت مملكة البحرين من تجنب الركود الذي بدا واضحاً في دول أوروبا وأميركا الشمالية؛ إذ حقق الاقتصاد البحريني أداءً فاق بعض دول مجلس التعاون الخليجي المجاورة.ودلل على ذلك بنجاح البحرين في تحقيق نمو اقتصادي خلال فترة الانكماش الاقتصادي العالمي الأكثر حدة منذ ما يتجاوز نصف القرن على قوة ومتانة اقتصاد المملكة وأهمية الإصلاحات الواسعة التي قامت بتطبيقها على مدى السنوات العشر الماضية.غير أن التقرير ذكر أنه مع الانتقال إلى العقد الجديد، يواجه اقتصاد مملكة البحرين المزيد من التحديات وكذلك تتاح له المزيد من الفرص laquo;ويعد العجز المالي في الموازنة أحد أهم التحديات المستقبلية التي تواجه البحرين؛ إذ laquo;أدى انخفاض أسعار النفط إلى تفاقم العجز المالي الهيكلي، الذي إذا ما ترك من دون علاج سيؤدي إلى تصاعد ديون المملكة إلى مستويات غير مقبولةraquo;.

وأضاف أن التحدي الثاني هو انخفاض الإنتاجية في السنوات الأخيرة. أما التحدي الثالث فهو الحاجة إلى تطوير هيكلة القطاعات الاقتصادية في البحرين والتركيز بشكل أكبر على الابتكار وعلى تطوير المنتجات والخدمات التي تعتمد على التقنيات الجديدةraquo; ولكن البحرين تمتلك الكثير من عناصر القوة لمواجهة هذه التحديات المستقبلية.وذكر التقرير أن اقتصاد البحرين يعتبر الأكثر تنوعاً واعتماداً على الصناعة بين دول الخليج العربي، وأنه خلال العقد الماضي، ارتفع حجم الصادرات البحرينية غير النفطية بشكل متسارع، بحيث أصبح اليوم ضعف حجم الصادرات النفطية.أما بالنسبة إلى الصادرات النفطية، فإن حصة المنتجات المصنعة، مثل البنزين، هي أعلى بكثير من حصة النفط الخام. كما تنوعت منتجات الصناعات التحويلية بشكل أكبر في السنوات القليلة الماضية، وتوسعت قاعدة الصادرات المصنعة بشكل كبير.

وأشار التقرير إلى أن الاقتصاد البحريني يشارك بشكل كامل في الاقتصاد العالمي laquo;ويماثل اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة من حيث تمتعه بأعلى نسبة للتجارة الخارجية مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي من بين دول المنطقةraquo;.وقال التقرير، إن العمالة البحرينية تشارك بشكل كبير في الاقتصاد؛ إذ تمثل الغالبية العظمى من القوى العاملة في القطاعات الرئيسية كالنفط والغاز والألمنيوم والخدمات المالية laquo;وتمكنت المملكة من بناء قطاع قوي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة يوظف نحو ثلاثة أرباع العمالة في القطاع الخاصraquo;.وأضاف laquo;تشير التوقعات الديموغرافية لمجلس التنمية الاقتصادية إلى نمو كبير للقوى العاملة البحرينية في العقد المقبل، وانخفاض نسبة الفئات التي هي في غير سن العمل (المعالون) إلى العاملين، وتحسن مستوى تعليم ومهارات الداخلين الجدد في سوق العمل، وكلها نقاط قوة بارزة يمكن أن تستفيد منها المملكة في العقد الجديدraquo;.

وبيَّن التقرير أن الاقتصاد البحريني تمكن من تحقيق نمو قوي وملحوظ على مدى العقد الماضي؛ إذ تجاوز متوسط معدل النمو الحقيقي 6 في المئة؛ إلا أن بعضاً من ذلك النمو اعتمد على الطفرة التي شهدها قطاع التطوير العقاري، والذي تحجَّم من جراء الأزمة المالية العالمية. وجلبت هذه الطفرة معها زيادة حادة في عدد العمال الأجانب في البحرين، صاحبها انخفاض في إنتاجية العمالة laquo;وتم توظيف عدد مقارب من العمال الأجانب في قطاع تجارة الجملة والتجزئة لما تم في قطاع البناء؛ إلا أنه على النقيض من قطاع البناء، كانت هناك زيادة ضئيلة في ناتج قطاع تجارة الجملة والتجزئة، تبعها انخفاض ملحوظ في إنتاجية العمالة في هذا القطاعraquo;.

وتوقع التقرير أن يتغير نموذج النمو الاقتصادي خلال العقد المقبل؛ إذ سيتباطأ معدل نمو العمالة الوافدة ذات الأجور المنخفضة مع تنامي التركيز على القطاعات الاقتصادية القادرة على خلق وظائف ذات أجور أعلى.وأفاد بأن التوقعات تظهر بأن تنمية إنتاجية القوى العاملة البحرينية، ولو بنسبة محدودة، وزيادة نسبة مشاركتها في سوق العمل إلى مستوى يقارب متوسط دول منظمة التعاون والتنمية (OECD) سيمكّن من تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية هي توظيف البحرينيين الباحثين عن عمل، وستكون قادرة على تحقيق زيادة كبيرة في الأجور الحقيقية للبحرينيين وفي دخل الأسرة، وستكون لديها القدرة على تقييد معدل نمو القوى العاملة الأجنبية بحيث لا يتخطى معدل نمو القوى العاملة البحرينية.ومن ناحية أخرى نسب التقرير إلى ولي العهد، رئيس مجلس التنمية الاقتصادية، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، القول، إن النتائج الايجابية العديدة التي حققها المجلس خلال العام الماضي كانت ثمرة الأسس القوية التي تتمتع بها البحرين، وهذه الأسس هي التي يستند إليها في البناء نحو المستقبل لجعل المملكة مركزاً إقليمياً وعالمياً يقدم الظروف المثالية للمستثمرين والشركات والأفراد الموهوبين، من أجل خلق أعمال وخدمات وأفكار جديدة تستهدف في نهاية المطاف رفاهية المواطن.أما الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية، الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة، فقد أفاد بأن العام 2009 مثل laquo;نقطة الانطلاق لبدء التنفيذ الفعلي لرؤية مملكة البحرين الاقتصادية 2030 والإستراتيجية الاقتصادية الوطنية 2009 - 2014 المنبثقة من تلك الرؤية، والتي قام بموجبها مجلس التنمية الاقتصادية بجهود كبيرة للتنسيق بين جميع الوزارات والهيئات الحكومية لتحقيق الأهداف كل في مجال اختصاصهraquo;.

من جهة أخرى ذكر التقرير بأن المجلس استطاع استقطاب نحو 40 شركة دولية إلى البحرين خلال العام 2009 خلقت 1100 وظيفة للمواطنين بعد الزيارات التي قام بها لبعض الدول الأجنبية ولقاء أصحاب الأعمال والمستثمرين والشركات العالمية.وذكر التقرير أن مجلس التنمية يعمل على إحداث التعديلات الملائمة على الإستراتيجية الاقتصادية الوطنية لتستوعب الظروف المتغيرة والتحديات التي فرضتها الأزمة العالمية، وذلك من أجل زيادة فعاليتها والحصول على النتائج المتوخاة منها.كما يعمل أيضاً على ربط الخطط الإستراتيجية الاقتصادية الوطنية والموازنة الحكومية الجديدة للحصول على خطة وطنية موحدة تهدف بالدرجة الأولى إلى خدمة المواطن البحريني ورفع مستوى المعيشة، بالإضافة إلى التأكد من توافق المتطلبات المالية لمختلف الجهات الحكومية مع الأهداف الإستراتيجية للمملكة، بما يضمن تحقيق استدامة الموارد المالية.وبحسب التقرير، فإن اقتصاد المملكة خلال 2009 كان ينمو بمعدل أقل من السنوات الماضية؛ إلا أنه كان وقتها يحقق نمواً في العام ذاته؛ ما يدل على قوة اقتصاد البحرين، وخصوصاً أن أقوى الاقتصادات العالمية في الولايات المتحدة وأوروبا كانت تسجل تراجعاً اقتصادياً آنذاك.

وقال الشيخ محمد: laquo;ليس أدل على التقدم الذي تحقق في تقليص اعتماد الاقتصاد البحريني على النفط من زيادة حجم المنتجات غير النفطية والخدمات لتشكل الآن ما يفوق ثلثي إجمالي صادرات المملكة. فالمملكة استطاعت خلال العقد الماضي أن تحقق إنجازات كبيرة على صعيدي التنمية والاقتصاد، فنما إجمالي الناتج المحلي أكثر من 70 في المئة، وتضاعفت الصادرات بنسبة 116 في المئة، وارتفع متوسط رواتب البحرينيين بنسبة 25 في المئة، في حين ارتفعت نسبة العمالة البحرينية بما يفوق 39 في المئةraquo;.وأضاف laquo;مازال التركيز مستمراً على المبادرات الإستراتيجية الاقتصادية والتي أعطيت أيضاً الأولوية القصوى من أجل تحفيز النمو الاقتصادي من خلال تحسين الإنتاجية والمهارات، وتنويع وتطوير الاقتصاد بالتركيز على القطاعات ذات الإمكانات العالية وتحويل الاقتصاد على المدى البعيد بالاستفادة من الفرص الناشئة الجديدةraquo;.