في وقت أكدت فيه مصر قدرتها على مواجهة حظر تصدير القمح الروسي في الأشهر المقبلة، بفضل مخزونها وتنوع مصادرها، عقد وزير التجارة والصناعة المصري الأحد اجتماعًا موسعًا مع المسؤولين عن ملف القمح لمراجعة الموقف الداخلي للقمح من حيث المخزون من التسليمات المحلية والمستوردة.
حسام المهدي وأشرف أبو جلالة من القاهرة: عقد المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة المصري أمس الأحد اجتماعًا موسعًا مع المسؤولين عن ملف القمح لمراجعة الموقف الداخلي للقمح من حيث المخزون من التسليمات المحلية والمستوردة، وكذلك الوضع الحالي للتعاقدات، وخطة الشراء المستقبلي وقواعده.
القاهرة: أعلن الوزير أن مخزون القمح الاستراتيجي داخل صوامع البلاد، سواء قمح محلي أو مستورد يكفي لاستهلاك البلاد لنحو 4 أشهر مقبلة، وهو ما يؤكد عدم تأثر الكميات المتاحة للاستهلاك بقرار حظر تصدير القمح الروسي، حيث تلتزم الهيئة العامة للسلع التموينية بالحفاظ على مخزون استراتيجي آمن داخل البلاد يكفي لمدة لا تقل عن 4 أشهر خلال التعاقدات القائمة.
وقد استقبل رشيد اليوم القائم بالأعمال الروسي في القاهرة - نظرًا إلى وجود السفير خارج البلاد - وسلمه رسالة إلى نظيره الروسي لإعادة جدولة التعاقدات التي تمت بين الهيئة العامة للسلع التموينية والشركات الروسية قبل قرار الحظر، وتشكيل لجنة مشتركة للنظر في سبل تنفيذ العقود وشحنها في توقيتات مناسبة للطرفين، وذلك حرصًا على العلاقات المشتركة والمتميزة بين البلدين.
مشيرًا إلى أن اجمالي الكميات التي تعاقدت عليها الهيئة من القمح الروسي، الذي قد يتأثر بقرار حظر التصدير يبلغ نحو 540 ألف طن. وأوضح رشيد أن الهيئة العامة للسلع التموينية كانت متابعة لما يحدث في السوق الروسي، وهو ما دفعها إلى تعديل شروط استيراد القمح في شهر يوليو/تموز الماضي، لتقديم تيسيرات للمصادر الأخرى المنافسة للمنشأ الروسي، تمثلت في السماح بالشحن من مينائين في فرنسا، بدلاً من ميناء واحد، وهو ما أتاح للمنشأ الفرنسي العودة للمنافسة وزيادة عدد العروض المقدمة منه في مناقصات الهيئة الأخيرة.
وأكد الوزير أنه لا داعي للقلق من الأزمة الحالية التي يمر بها المحصول الروسي، فهناك العديد من المناشئ يتوافر فيها المعروض بشكل كبير، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا والأرجنتين، حيث تشير التقديرات الخاصة بإنتاج محصول القمح على المستوي العالمي لهذا العام بأنه يقدر بنحو 661 مليون طن بانخفاض 3% عن العام السابق، نتيجة لأزمة الجفاف التي أصابت محصول كل من دول البحر الأسود وكندا، وأن إنتاج كل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وأستراليا والأرجنتين لم تتأثر، بل هناك مخزونات كبيرة لديها لتعويض نقص المعروض العالمي المتاح.
وأشار رشيد إلى أن الهيئة العامة للسلع التموينية قد تلقت أمس من خلال المناقصة التي طرحتها 17 عرضًا بكمية إجمالية تصل إلى نحو مليون طن لتوريد أقماح فرنسية وأميركية وكندية، وقامت بالتعاقد على شراء كمية 240 ألف طن قمح فرنسي، تمثل أربعة عروض فقط بأسعار تتراوح ما بين 300 و306 دولارات للطن Camp;F، وذلك للتوريد خلال الفترة من 1 إلى 10 سبتمبر/أيلول 2010، وهو ما يؤكد أن المخزون آمن، وليس هناك أي نقص يستوجب شراء كميات بصفة عاجلة. وقال إنه تم استبعاد أي عروض من منطقة البحر الأسود تجنبًا لحدوث أي تقلبات أو مشكلات تؤثر على الكميات المخصصة للسوق المصري من هذه الدول.
وأوضح الوزير أنه على الرغم من صدور القرار الروسي بحظر التصدير، إلا أن الأسعار في البورصات العالمية قد استوعبت القرار، وانخفضت نحو 40 دولارًا يوم الجمعة الماضية، بعدما كانت قد ارتفعت عقب صدور القرار مباشرة، وهو ما يوضح أن تأثر المعروض العالمي بنقص المعروض من روسيا ليس بالحجم الكبير، نظرًا إلى توافر مخزونات كبيرة لدى العديد من الدول المنتجة الأخرى.
وحول تأثر السوق المصري بهذه الأزمة خلال شهر رمضان، أكد رشيد أن كل المنتجات والسلع التموينية المطلوبة لسد احتياجات المواطن المصري خلال الشهر الفضيل موجودة منذ 5 أشهر، ولا توجد أي مشاكل. من ناحية أخرى شكل المهندس رشيد لجنة برئاسة السيد أبو القمصان مستشار الوزير لشؤون التجارة الخارجية، تقوم بإعداد تقرير تفصيلي حول شروط المناقصات وأسلوب الشراء ومتابعة التطورات في السوق العالمية.
مخاوف من أزمة غذائية
وفي وقت أكدت فيه مصر قدرتها على مواجهة حظر تصدير القمح الروسي في الأشهر المقبلة، بفضل مخزونها وتنوع مصادرها، أكدت اليوم صحيفة لوس أنغلوس تايمز الأميركية على أن قرار الحظر الروسي هذا قد عمل على تأجيج التوتر بين المصريين وجعلهم يشعرون بأن نشوب أزمة قمح عالمية قد تؤدي إلى حدوث أزمة غذائية في مصر، التي تعد أكبر دول العالم العربي من حيث التعداد السكاني.
واعتبرت الصحيفة في مستهل حديثها أن مصر تعد أكبر مستوردي القمح في العالم، حيث تقوم سنويًا بشراء كمية تتراوح ما بين 6 إلى 7 مليون طن من السوق الدولية. وتقوم باستيراد نصف هذه الكمية تقريبًا من روسيا. لكن نظرًا إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل قياسي، واشتعال الحرائق في الغابات، ونشوب موجات من الجفاف، اتخذت موسكو قرارًا بفرض حظر على صادراتها من القمح من أجل حماية الاحتياجات الروسية. وهو ما يعني أن مصر ستتسلم شحنة قدرها 540 ألف طن من القمح، من المقرر أن يتم تسليمها بحلول العاشر من شهر أيلول/سبتمبر المقبل.
وفي الوقت الذي حاول فيه نعماني نعماني، نائب رئيس الهيئة العامة للسلع التموينية، التخفيف من حدة المخاوف التي تحدثت عن احتمالية حدوث نقص غذائي، بقوله إن مصر تمتلك مخزونًا من القمح، يمكن أن يسد احتياجات الأسواق المحلية لمدة أربعة أشهر، وأن الحكومة ستقوم بشراء 60 ألف طن إضافي بصورة شهرية من دول أخرى، إلا أن علي شرف الدين، رئيس الغرفة المصرية لصناعة الحبوب، قال في تصريحات نقلتها عنه الصحيفة quot;إن الحكومة هي المسؤولة عن إنتاج ما يقرب من 8 ملايين طن فقط من القمح المحلي سنويًا. ويتعين على وزارة المالية الآن أن تنفق مبلغًا إضافيًا قدره 5 مليار جنيه مصري لمواجهة الزيادة العالمية في أسعار القمحquot;.
ثم أشارت الصحيفة إلى أن أكثر ما يخشاه المصريون الآن هو احتمالية حدوث زيادة في أسعار منتجات القمح المُدعّم، مثل الخبز، الذي يعتمد عليه بصورة كبيرة الملايين من المواطنين الفقراء. بينما أعلن علي المصيلحي، وزير التضامن الاجتماعي، أنه لا نية لرفع أسعار السلع المدعومة.
في غضون ذلك، شهدت الأسواق العالمية بالفعل ازديادًا بنسبة 40 % في أسعار القمح. كما حذّرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، التي تعرف اختصارًا بـ quot;الفاوquot; من عواقب وخيمة بالنسبة إلى إمدادات القمح في العالم خلال عامي 2010 و 2011 في حال استمرار موجة الجفاف في روسيا.
التعليقات