لأنّ الأفراح في الجزائر صارت عملية معقدّة وتمتص كثيرا من الجهد والوقت، تماما مثل سائر الحفلات الاجتماعية، أضحى الطلب كبيرا على خدمات المحلات المختصة في تحضير الطعام الجاهز.

الجزائر: شهدت مهنة تحضير الطعام الجاهز بروزا لافتا في الجزائر على مدار السنوات القليلة الماضية، وصار مُتاحا التعرّف على كثير من المحلات والمهنيين الذين اقتحموا الميدان، وصار تواجدهم ملحوظا في الجزائر العاصمة كغيرها من كبريات مدن البلاد.وتفيد مراجع ذات صلة، أنّ عدد ممارسي مهنة تحضير الأطباق الجاهزة، ماض إلى ارتفاع، بعدما كان محدودا إلى غاية وقت قريب، ومقصورا على بضعة أجانب كانوا يمونون المجموعات النفطية العاملة في جنوب البلاد.

ولعلّ قيام ما لا يقلّ عن عشرين متعاملا بالاستثمار في المجال، شجع على استقطاب يد عاملة كثيرة في ميدان يتكئ على السرعة والإتقان في الإنجاز، وعدم إهمال أي تفاصيل، ولو كانت صغيرة.ويحضّر هؤلاء تشكيلة متكاملة من الوجبات التقليدية الشهيرة كالكسكسي والشربة والبوراك والمثوم واللحم الحلو، والمشاوي، التي يقوم بإعدادها طباخون متمرسون، إضافة إلى أصناف الحلويات والمعصرات، على أن يتم إيصالها إلى وجهاتها عبر شاحنات ومركبات التسليم.ويتوزع زبائن الطعام الجاهز بين المؤسسات الرسمية، مجموعات اقتصادية خاصة، أحزاب وجمعيات المجتمع المدني، إضافة إلى سائر الأشخاص لا سيما العوائل التي تود تنظيم الحفلات الجاهزة من زفاف وختان وما إلى ذلك.

ويرى الخبير quot;أنيس نواريquot; أنّ الظرف الاقتصادي والاجتماعي الحالي في الجزائر، خدم محلات تحضير الطعام الجاهز، ويؤشر على انتشارها بشكل أكبر، ويقدّر أ/نواري أنّه حتى وإن كان الأمر يتعلق لدى البعض بمجرد ظاهرة ظرفية أو تقليد جديد، فإنّ نشاط الطعام الجاهز يترسخ باستمرار ويُحظى بتجاوب من المؤسسات والعوائل الميسورة، علما أنّ التكلفة الباهظة للطعام الجاهز ولواحقه لا تشجع باقي تشكيلات الشارع المحلي على الاندراج في حركيته.

في هذا الشأن، يشير نزيم الذي ينشط في المهنة منذ العام 2006، أنّه اختار التخصص في تموين مواطنيه بالأطعمة الجاهزة، بعد دراسة مستفيضة للسوق، بينما يوضح مهدي المتحصل على شهادة دكتوراه في المناجم، أنّه كان يفتقر في البداية لأي خبرة، ما جعله يخضع لتكوين متخصص استمرّ عاما كاملا قبل أن يخوض المغامرة، وينجح في الظفر بعقود تموين لعديد المؤسسات الاقتصادية في الجزائر.وبضاحية الجزائر الغربية، يشتهر quot;سليمانquot; التونسي الجنسية الذي يقيم بالجزائر منذ سنوات عديدة، ويوصف هذا الرجل البارع في طهي الأطعمة والحلويات، بـquot;عميد ممارسي المهنةquot;، وهو يغري زبائنه بلائحة ضخمة تتضمن أكثر من مائتي أكلة مبتكرة.ويقول سليمان خريج مدرسة باريسية مختصة بالطبخ، أنّه رفع التحدي رفقة زوجته الجزائرية أواسط تسعينيات القرن الماضي من خلال افتتاحه محلا صغيرا وسط العاصمة الجزائرية، حينها لم تكن مهنة تحضير الأطباق الجاهزة معروفة في الجزائر، قبل أن تقطع أشواطا متسارعة منذ مطلع الألفية الحالية، إلى أن انتشرت بقوة جاذبيتها وفعاليتها، على حد تعبيره.

من جهته، يقول لطفي الذي يدير وكالة مختصة بتحضير الأطعمة الجاهزة، أنّه نظرا للرواج الكبير، فإنّ العملية أصبحت خاضعة لحُجوزات مُسبقة قد تمتد إلى أشهر عديدة، خصوصا مع فترة الصيف وما تشهده من إقبال، علما أنّ حلول شهر رمضان في عز الصيف، جعل الجميع يسارعون للاستفادة مما يحتاجونه من طلبات، لكن الوقت لم يُسعف الكثيرين.ويسجّل سامي الذي يدير مؤسسة خاصة، أنّ نوعية الأطباق الجاهزة طريقة تقديمها، تفرض نفسها، وتدفعه كغيره من الزبائن للمواظبة على اقتنائها، خصوصا وأنّها توفر كثيرا من المتاعب، وتسمح بإكرام وفادة الضيوف والبعثات في أبهى الصور، لا سيما مع قيام طواقم الأطباق الجاهزة بتنظيم الأشياء وإعداد السُفرات وتوابعها.وينتهي نسيم ورشيد العاملان في مؤسسة للأطعمة الجاهزة، إلى التشديد على أنّ ممارسة المهنة ليست مفروشة بالورود، احتكاما لاصطدام المهنيين بجملة من العراقيل والصعوبات، بينها ندرة بعض المواد الأولية وصعوبة التزوّد بها كالأجبان والتوابل، ناهيك عن المشكلات التي تعترض نقل الأطعمة القابلة للتلف وما ينجر عن أي تأخير من خطر التسمم، في وقت يحتج زبائن من غلاء أسعار الأطباق المقترحة، حيث يعتبرونها quot;مرتفعة جداquot;.