لا حديث في مصر سوى عن استمرار انقطاع التيار الكهربائي عن أرجاء البلاد في شهر رمضان ، والخسائر الفادحة التي تقدر يوميا بالملايين من الجنيهات ، وقد أثارت تلك الخسائر حفيظة المتضررين ، فدفعتهم لإجراءات قانونية للمطالبة بحقوقهم في حصولهم على الطاقة أولا بدلا من تصديرها وحرمانهم منها .

القاهرة: تسبب الانقطاع اليومي للتيار الكهربائي عن مدن وقرىمصر في إحداث خسائر تقدر بملايين الجنيهات ، فاتلف هذا الانقطاعبضائع تحتاج للتبريد الدائم مثل اللحوم بأنواعها والألبان ومشتقاتها وغيرها ، كما أوقف العمل في مصانع كبيرة وصغيرة مما كبد أصحابها خسائر فادحة ، وكذلك عطل نشاطات تعتمد على الكهرباء بصورة أساسية كما كان سببا في ركود الأسواق و المساعدة على انتشار السرقة. ومع أن بداية هذه المشكلة كانت منذ ما يقرب من أربع سنوات إلا أنها نالتقدرا كبيرا من الاهتمام في الأيام الماضية، وتصدرت مانشيتات الصحف ، و كانت مادة خصبة للبرامج الحوارية على التليفزيون المصري و تبادل المسئولون إلقاء اللوم على بعضهم البعض ، وعلى المستهلكين الذين يسرفون في استخدام الكهرباء و يتفننون في إهدارها بدون وعي ولا داع . وانهالت الشكاوى علىالمحافظين و على أروقة المحاكم والجهات القضائية ، يطالب أصحاب هذه الشكاوى التحقيق مع الوزراء المعنيين ورفع الضرر عنهموالتعويض المادي للخسائر التي نجمت عن أزمة انقطاعالكهرباء.

وتدخل الرئيس حسني مبارك بعد تفاقم الخلاف بين وزارتي الكهرباء و البترول، بعد أن ألقت الأولى الكرة في ملعب الثانية، وأرجعتالمشكلة لعدم توفير شركة الغاز لاحتياجات القابضة للكهرباء لتشغيل المحطات التي تعمل بالغاز، وعلل حسن يونس وزير الكهرباء خطة تخفيف الأحماللعدة أسباب غير مقنعة ، منها أن الحمل الكهربائي ينخفض في ساعات الليل ولكنه يقفز مرة واحدة بمقدار 3300 ميجاوات لمدة ساعتين أو ثلاثة في أوقات الذروة ndash; وهو أمر بديهي أن يزداد الضغط والحمل في أوقات الاستخدام ndash; وأسباب أخرى من قبيل الاستخدام غير الرشيد من قبل المواطنين وكلها أسباب لم تقنع الرئيس مبارك الذي طالب وزيري الكهرباء و البترول بحلول فورية في اجتماع وزاري مصغر بحضور هما و رئيس الوزراء أحمد نظيف و زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية . لكن يبدو أن الأمر يحتاج لمزيد من الوقت لتنفيذ توصيات الرئيس مبارك ، فلم يمر سوى يوم واحد على الاجتماع واستمر مسلسل انقطاع الكهرباء ،و اشتعل الغضب بين المواطنين خاصة مع ارتفاع درجات الحرارةومشقة الصيام التي لا يتناسب معها أن تزيد الحكومة من الأعباء بقطع التيار.

وقد ربط نشطاءمصريون بين مشاكل وزارتي البترول والكهرباء ومشكلة انقطاع التيار في البلاد مع تصدير الغاز الذي يستخدم في تشغيل المحطات التي تعمل بالغاز ،و أضافواإنهمن المؤسفأن قيمة التصدير على مدار العاملا تساوي نصف الخسائر التي تتكبدها مصر في فصل الصيففقط نتيجة مشكلات الكهرباء والأحمال الزائدة التي تعجز الحكومة عن توفير ميجاوات وات واحد إضافي لتحملها ndash; بالرغم من غزارة إنتاج الكهرباء في مصر -فهذا يحتمل أمرين كلامها وارد و جمعهمأورد- حسب تعبير مجموعة النشطاءالذين طالبوا بعدم نشر أسمائهم- الأمر الأول أن الحكومة لا تحسن التخطيط والتدبير لدرجة أنها تخسر نفسها بنفسها ، والثاني أن هناك ضغوط عليها لتصدير الغاز بثمن بخس، ويرى أحد النشطاء أن الأمرين واقعان و واضحان كوضوح النهار.

وبات السؤال الملح هوهل من المنطقي أن نصدر الطاقة ونحن لا نكفي احتياجاتنا الداخلية ؟ أم أن الأمر أن الحكومة المصرية تستقطع من حق شعبها في الطاقة الكهربائيةلتصدره ؟ فقد أوضحت البيانات الرسمية الصادرة في تقرير وزارة الكهرباء لعام 2009 أن الطاقة التي قامت مصر ببيعها عام 2009 إلي أربع دول عربية هي ليبيا والأردن وسوريا ولبنان ضمن مشروع الربط الكهربي يصل إلي 1022 جيجاوات أي ثلث القدرة الكهربائية المولدة من السد العالي، والتي تبلغ 2100 ميجاوات، بحسب تأكيد الدكتور طارق سعيد، أستاذ القوي الكهربائية بجامعة عين شمس لجريدة الدستوروحذر الدكتور سعيد من قيام مصر ببيع طاقتها في ظل احتياج المواطنين لها، حيث يقومون بدفع مقابل مادي نظير استهلاكهم للكهرباء مما يتطلب أن تقوم مصر برفع سعر الكهرباء التي يتم تصديرها إلي الدول العربية في حالة توافر فائض من الكهرباء، لا يكون علي حساب تلبية احتياجات شبكات الكهرباء لتغذية الأحمال.