على الرغم من مرور أكثر من تسع سنوات على تداول العملة الأوروبية الموحدة اليورو، إلا أن حنين الألمان لنقدهم الأصلي المارك مازال كبيرًا.
برلين: لا يظهر حنين المواطنين الألمان للمارك في الاوقات العصبية، كما حدث عندما أصيبت منطقة اليورو بالأزمة المالية، بل أيضًا في كل مناسبة يتم الحديث فيها بين الناس عن الوضع الاقتصادي في ألمانيا، فيقارنون أسعار السلع العادية اليومية، ويتحسرون على وضعهم، وبأنها كانت أرخص عندما كان المارك سيد الموقف.
حتى لمن كان يقوم برحلات خارج القارة الأوروبية، فإن المارك كانت له قيمة شرائية أكثر من اليورو على حد قولهم، لذا فلا غرابة أن نجد محال تجارية كبيرة تقبل حتى هذا الوقت أن يدفع الزبائن بالمارك عبر صرفها اليورو مقابل 1.90 مارك ألماني.
وحسب معلومات المصرف المركزي الألماني، مازالت هناك كميات هائلة من النقد الألماني القديم بين أيدي الناس، ما يدل على مدى تعلقهم به، والتقديرات الأولية تشير إلى أن المبلغ يتجاوز المليار ونصف مليار مارك، وهذا يؤكد ما ورد في استطلاع للرأي أجرته مؤسسة فورسا المعروفة أخيرًا، قال فيه 35 % من الألمان إنهم يودون عودة تداوله.
تظهر هذه الرغبة الكبيرة بين الناس متوسطي التعليم، فأكثر من 50 % منهم يرفض نفسيًا التعامل باليورو، وعندما يشتري أي سلعة يحوّل السعر من دون إرادة إلى المارك، مقابل 20 % من الفئة المتعلمة والأكاديمية تفكر عكس ذلك.
تقول كارين شفيندر، وهي مدرسة في إحدى المدارس البرلينية، لـquot;إيلافquot; حتى الآن وفي كل مرة تشتري فيها أي سلعة تحول سعرها من اليورو إلى المارك، ولا تزال تقارن الأسعار قبل اعتماد النقد الأوروبي مع الوقت الحالي، وتزداد قناعة بأن اليورو كان السبب في رفع الأسعار.
هي كما زوجها كانا من المتحفظين حيال اعتماد ألمانيا لليورو وتخليها عن المارك القوي، وتتمنى لو يمكن استراجعه لأنه هو الذي سوف ينقذ البلاد من الركود الاقتصادي. كارين ليست الوحيدة، فأكسل مولر من برلين أيضًا يحمل حكومة المستشار هلموت كول تبعات ما سببه اليورو من مشاكل للاقتصاد الألماني، فهو لم يفكر يومها جيدًا قبل اعتماده، ولم يسأل الناس، ولو فعل ذلك يومها لما اعتمد ألمانيا اليورو كنقد لها.
ولقد شهد النقد الأوروبي الموحد في الآونة الأخيرة تأرجحًا في السعر، ووصل اليوم إلى مادون الـ1.30 دولار، على الرغم من سعى المصرف المركزي الأوروبي لدعمه كي يبقى أعلى من هذه القيمة. ولقد دفع هذ الوضع تجار العملة في ألمانيا الى وصف الوضع بالصعب، بعد تسجيلهم خسائر كبيرة على حد قولهم، في وقت يتوقع فيه خبراء المال ان يزيد تراجع سعر اليورو بسبب تفاقم ازمة الديون في بعض بلدان اليورو وعدم اتفاق الدول المعتمدة لهذا النقد على خطوط سياسية موحدة لمواجهة الازمة، فهذا كله يحول دون تسجيل ارباح.
ومن اجل مواجهة الازمة المالية، طالب ماريو دراغي عضو مجلس ادارة المصرف المركزي الاوروبي ومدير المصرف المركزي الايطالي حكومات بلدان منطقة اليورو العمل الجدي من اجل اتخاذ اجراءات واضحة تخفف من المشاكل المتعلقة بالميزانيات العامة واحداث اصلاحات لديهم تفتح المجال امام النمو الاقتصادي. ويعتبر دراغي احد اقوى المرشحين كي يخلف رئيس المصرف الاوربي الحالي الفرنسي جان كلود تريشه عند انتهاء ولايته.
التعليقات