العاصمة التونسية

quot;مخطط الياسمينquot; النموذج التنموي الجديد الذي أعدّته الحكومة التونسية المؤقتة، والذي يمتد على مدى 5 سنوات، يهدف إلى إرساء مناخ من الثقة، من خلال تكريس الشفافية والمسؤولية الإجتماعية وإشراك المواطن وضمان الإرتقاء بالإقتصاد التونسي إلى أعلى المستويات.


تونس: quot;مخطط الياسمينquot; الذي يريد أن يجعل من تونس سنغافورة المتوسط، كما أعلن عن ذلك وزير المالية جلول عياد، برنامج يمتد على مدى 5 سنوات من 2012 إلى 2016بكلفة إجمالية قدرها 125 مليار دينار، بمشاركة المواطن من خلال ما سيوفره الإدخار الوطني بنسبة 70% منها، وستتكفل الديون الخارجية بنسبة 30%، والهدف من وراء ذلك هو تحقيق بلوغ مليون شاغر وظيفي،منها 500 ألف وظيفة مباشرة.

وهذا ما سيساعد على التخلص من أكبر الأعباء الموضوعة على عاتق الحكومة المقبلة، وأكبر تحدّ هو البطالة، التي بلغ من خلالها عدد العاطلين عن العمل 700 ألف، من بينهم نحو 200 ألف من أصحاب الشهادات العليا.

وزير المالية جلول عياد أكّد أنّ quot;الأولوية لهذا المخطط على المدى القصير والبعيد هي توفير فرص عمل للباحثين عنها من العاطلين، وخاصة الشباب حاملو الشهادات العليا، وعلى المدى البعيد سيكون التغيير لمصلحة الإقتصاد الوطني، من حيث تغيير هيكل وصبغة الإقتصاد التونسي، وتحويله إلى إقتصاد يرتكز أساساً على التكنولوجيا، وتثمين الكفاءات البشرية التي تمثل ثروة لتونسquot;.

يعمل مخطط التنمية الذي يمتد من 2012 إلى 2016 quot;على تحقيق معدل نموّ يصل إلى 6.3%، ويتطور الدخل الفردي للمواطن التونسي ليبلغ 9746 ديناراً، ويحقق توفيراً للشواغر الوظيفية يصل إلى 500 ألف وظيفة إضافية، من بينها 300 ألف وظيفة لمصلحة أصحاب الشهادات العليا، وهو ما سيقلص نسبة البطالة لتبلغ 10.5% في نهاية عام 2016quot;.

من جهة ثانية سيعمل القطاع العام على توفير نحو 100 ألف شاغر وظيفي في الفترة بين 2012 و2014، وإذا تحسنت الظروف وتحسن الإقتصاد التونسي فيمكن أن تتوافر 575 ألف فرصة عمل، وهو ما يجعل نسبة البطالة تتقلص لتبلغ حدود 8.5%.

مشروع الحكومة المؤقتة للتنمية (2012-2016) ينقسم إلى ثلاث مراحل، مرحلة عاجلة، يتم خلال هذه المرحلة التركيز على إحتياجات البلاد على المدى القصير، أي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة الجارية 2011، وكذلك سنة 2012 من أجل معاضدة الجهات وتوفير التشغيل ومساندة المؤسسات وتقديم المساعدات الاجتماعية والعمل على إعادة التوازن الاقتصادي والمالي للإعداد للمرحلة المقبلة، التي تمثل المشروع التنموي 2012-2016، ومرحلة إنتقالية يتم خلالها العمل على إستعادة النمو ليصل إلى نسبة 5% سنوياً، وبلوغ نسبة 6% خلال الفترةالممتدة بين 2013 و2014 ووضع إصلاحات شاملة تمتد لمختلف القطاعات.

هذا البرنامج التنموي يعمل على تحسين مؤشر التنمية البشرية في إطار البرنامج الإجتماعي للمشروع والذي سيبلغ 0.733 في 2016 مقابل 0.683 في 2010، وهو ما يساعد على تحسين الجانب الإجتماعي، وخاصة في قطاعات الصحة والتعليم ومستوى المعيشة للمواطنين.

وقد تم حصر عجز الميزانية في باب التوازن المالي بنسبة 4%، ويصل العجز الجاري إلى نسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا العجز سيتحول إلى نسبة 3% و3.1% خلال سنة 2016، أي في آخر هذا المخطط الإقتصادي 2012-2016.

من جانبه قال جلول عياد وزير المالية: quot;يمثل التكامل بين الدولة والقطاع الخاص الدور الأبرز لهذا البرنامجquot;. وأضاف الوزير أنّ quot;دور القطاع الخاص سيكون أساسياً في تحقيق النجاح والهدف المرجوّين من هذا البرنامجquot;. وأكّد كذلك على أنّ نجاح هذا البرنامج مرهون بالعديد من الإجراءات والإصلاحات التي تهمّ صندوق الدعم، الذي يكبّد الدولة سنوياً 7 مليار دينار، والجباية والمنظومة البنكية والقضاء والتعليم.

أما على مستوى التنمية الجهوية، فقد أكّد وزير التنمية الجهوية عبدالرزاق الزواري أنّ quot;الإستراتيجية الجديدة للتنمية الجهوية تقدم تقويماً وتشخيصاً للوضعين الإجتماعي والاقتصادي الحاليين في البلاد، حيث تبين إحصائيات الوزارة أنّ نسبة الفقر تختلف من جهة إلى أخرى، حيث تبلغ 0.49% في المنستير، بينما تصل في القيروان إلى نسبة 15.1%.

أما عن أصحاب الشهادات العليا العاطلين عن العمل فهم يمثلون نسبة 10.9% في أريانة، بينما ترتفع هذه النسبة لتبلغ نسبة 47.3% في قفصة.

كما يتم تسجيل ضعف كبير على مستوى الإستثمارات في المناطق الداخلية مقارنة بالمناطق الساحلية، وخاصة في سيدى بوزيد والكاف وجندوبة وتطاوين وسليانة والقيروان، مقارنة بالمناطق الساحلية والسياحية.

الباحث الإقتصادي التونسي منجي المقدم أكد لـquot;إيلافquot; أنّ هذا المخطط التنموي 2012-2016 لا يمكنه أن يحقق ما جاءت من أجله ثورة الحرية والكرامة، لا لشيء، إلا لأن من أنجزه من خبراء المكاتب من التكنوقراطيين أغفلوا العديد من الجوانب والحقائق التي يجب الإعتماد عليها لتحقيق ما يصبو إليه المواطن التونسي بعد ثورتهquot;.

وأضاف المقدم أنّ هذا المشروع تبلغ تكلفته 125 مليار دينار، تنقسم الى 70% من الادخار الوطني، و30% من الديون الخارجية، والهدف هو خلق مليون شاغر وظيفي، وهو يضع شروطاً، يتمثل الأول في حذف صندوق التعويض، والشرط الثاني هو إعادة هيكلة القطاع المالي، وهذه شروط غير معقولة، وخاصة التخلص من صندوق الدعم، وهذا غير معقول، خاصة بعد الثورة، شروط إرادية وغير عملية.

المقدم يؤكد أن المهم هو النمو، وليست التنمية، أي خلق المواد بدون البحث عن كيفية توزيعها، وهذا خطأ النظام السابق، واليوم بالتالي يطرح علينا خلق الثروة، وفي الوقت نفسهلا بد من التوزيع العادل، لأن البعد الثوري ضروري في كل برنامج، والبعد الثوري يقتضي بعداً عادلاً وبعداً جهوياً، مع التخلص من المركزية، إذن لا بد من أن لا يبقى للدولة إلا دوراً مركزياً، وهذه الأبعاد لم يتم أخذها بعين الإعتبار، لأنهم من التكنوقراط الذين يهتمون بالجانب الإجتماعي والثوري.