طرابلس: قالت مصادر تجارية إن جهود ليبيا لشراء الحبوب توقفت فعليًا، إذ إن أزمة السيولة وحالة عدم اليقين بشأن من يدير المناقصات بعد الحرب التي استمرت شهورًا تثني اللاعبين الدوليين عن التجارة مع البلاد، التي تعتمد على واردات الغذاء.

وحاولت ليبيا -التي كانت من كبار مشتري الغذاء قبل أن تقطع الحرب سلاسل الإمدادات- زيادة وارداتها في الأسابيع القليلة الماضية، بما في ذلك مشتريات الحبوب من فرنسا وروسيا. غير أنها ألغت أحدث مناقصة لشراء 100 ألف طن من القمح في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بسبب الفوضى المتنامية في قطاع التجارة.

وقال مصدر تجاري quot;لا نعتقد أن إبرام الصفقات هناك في الوقت الراهن شيء آمن، إذ لا نعرف من المسؤول.quot; وأضاف quot;إذا لم أستطع تحديد شريكي في العقد كيف يمكنني تنفيذه؟quot;. وبالرغم من تباطؤ مشتريات الحبوب التجارية فإن الأمن الغذائي يتحسن في البلاد، مع استمرار منظمات الإغاثة في تقديم المساعدات لليبيين المحتاجين.

وأضاف المصدر التجاري أنه ليس واضحًا إن كان المسؤولون في مجلس الحبوب الوطني مازالوا المسؤولين، وسط تكهنات بأن هناك فريقًا جديدًا يجري تعيينه، في الوقت الذي تتحرك فيه البلاد بعيدًا عن ماض كان يهيمن عليه معمّر القذافي الذي قتل في الشهر الماضي. وقال مصدر تجاري آخر quot;لم يتضح بعد ما إذا كان تم استبدال بعض المسؤولين في مجلس الحبوبquot;.

وأضاف quot;في دولة كان فيها نظام مركزي لشراء الحبوب بمشاركة محدودة فقط من القطاع الخاص لن يكون من السهل ان تجد على الفور أشخاصًا جددًا على دراية بسوق الحبوب العالميةquot;. وقال تجار إن ليبيا غائبة عن السوق العالمية منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. وقال مصدر تجاري ثالث quot;يبدو أن بعض الصفقات السابقة قد ألغيت... ليس هناك أحد في الهيئة يمكن التحدث معه في الوقت الراهن. لا تجد ردًاquot;.

وقال محافظ البنك المركزي الليبي في الأسبوع الماضي إن أزمة السيولة ستتفاقم لأن القطاع المصرفي يحتاج إعادة هيكلة كاملة. وأضاف أنه تم تحرير 1.5 مليار دولار فقط من نحو 170 مليار دولار من الأصول الليبية المجمدة في الخارج.

وقال تاجر quot;يبدو أن الليبيين ليس لديهم المال. لا يجري تأكيد خطابات الاعتماد. أعتقد أن الشركات التجارية الكبرى لن ترغب في البيع ما لم يدفع لها الثمن مقدمًاquot;. وقال مصدر تجاري آخر إنه من الصعب القيام بمعاملات بسيطة، مثل تحويل الأموال، وهو ما قد يعوق الصفقات. واضاف quot;كيف يمكن لأحد أن يعمل في مثل هذه الظروفquot;.

وأفادت بيانات من الموانئ أنه منذ أغسطس/ آب جرى تحميل 118 ألف طن من القمح اللين، وما يزيد قليلاً على 70 ألف طن من الذرة، و25 ألف طن من الشعير في فرنسا لشحنها إلى ليبيا. وتقارب هذه الكمية من القمح 120 ألف طن، وهو الرقم الذي قالت مصادر إنه تم الاتفاق عليه في عقود مع شركات لتجارة الحبوب، مثل نيديرا وسوفليه، تمول بأموال ليبية تم فك تجميدها.

وقال مصدر فرنسي إن التعامل التجاري مع ليبيا صعب في الظروف الراهنة، وأشار إلى أن العقود التي تستخدم الأموال التي تم فك تجميدها ثبت أن إجراءاتها معقدة. وقال تجار في الأشهر القليلة الماضية إن ليبيا اشترت مشتريات غير مباشرة من الحبوب والطحين عن طريق شركات وسيطة عبر تونس ومصر، وتم نقلها برًا عبر الحدود.

وقال تاجر quot;البلاد تتلقى مساعدات غذائية كبيرة من منظمات الإغاثة الدولية، لكن مع فك الأرصدة المجمدة وبدء إنتاج النفط، يتوقع المجتمع الدولي بلا شك أن يتولى الليبيون إطعام أنفسهمquot;.

وقال زلاتان ميليسيتش مدير عمليات برنامج الاغذية العالمي في ليبيا إن الأمن الغذائي يتحسن مع تعافي نظم التوزيع العامة تدريجيًا. وقال ان البرنامج التابع للأمم المتحدة ملتزم بالاستمرار في تقديم quot;مساعدات غذائية موجهةquot; للذين مازالوا يحتاجون المساعدة، ومنهم النازحون والعائدون والأجانب الذين حوصروا بسبب القتال.

وقال quot;الغذاء متوافر على المستوى الكلي في المدن والبلدات الرئيسة، إذ إن ميناء طرابلس والموانئ الرئيسة مفتوحة، والسلع بدأت تتدفق بشكل اكثر انتظامًا. quot;لكن الحصول على الغذاء مازال متأثرًا بعوامل عدة، منها أن الأسعار مازالت مرتفعة، والتدفقات النقدية محدودة في انتظار تعافي القطاعين المصرفي والماليquot;.