يتخبط وزراء المالية، الأوروبيين، لاكتشاف الطريق الصحيح الذي يقودهم الى حوار بناء مع حكومة برن حول ملفات المواطنين الأوروبيين الذين تهربوا من دفع الضرائب في وطنهم الأم. وحتى لدى التوصل الى اتفاقيات quot;سارةquot; مع حكومة برن، يتعاقب على الحكومات الأوروبية وزراء مالية جدد تجعل هذه الملفات تنطلق، ثانية، من نقطة الصفر. هكذا، تجد سويسرا نفسها داخل دوامة قد تجعلها تفقد التوازن اذا ما استمرت الحال على ما هي عليه اليوم. للوهلة الأولى.


برن: يبدو أن السيد ماريو مونتي، رئيس الوزراء الايطالي ووزير المال المؤقت، يريد الضغط على سويسرا، عبر الاتحاد الأوروبي، لتسيير استرداد جزء من أموال الأغنياء الايطاليين، المكدسة في المصارف السويسرية، بأسرع ما يمكن ربما لأن خزينة حكومة روما شبه فارغة!لا يرى الخبراء اختلافاً كبيراً بين سلوكيات وزير المالية السابق، جوليو تريمونتي، ونظيره الحالي. ما يعني أن الحرب الضريبية بين سويسرا، التي يقصدها آلاف الأغنياء الايطاليين لايداع أموالهم في مصارفها، وايطاليا التي تخطو اليوم خطى اليونان من حيث اخضاع كل ما له علاقة بجني المال لضرائب لا نهاية لها، ستتواصل. في الحقيقة، يتعامل كل كانتون سويسري مع حكومة روما وفق بارامترات مختلفة تماماً بينها. وبما أن هذه البارامترات لم تجد سياسة موحدة لها، فان الحل الضريبي الايطالي-السويسري بعيد المنال!

في سياق متصل، يشير الخبير كريستوف غوبسر الى أن معاقبة سويسرا لكونها جنة ضريبية غير متعقل ومن شأنه الحاق أَضرار جسيمة للجهات القضائية التي تعمل على ملاحقة ما يتم التعريف عنه، لو عن طريق الخطأ، بالفساد المالي المتفشي هنا. بالنسبة للأغنياء، وبغض النظر عن جنسيتهم، يكفي تبديل العنوان البريدي، في وطنهم الأم، بآخر، حقيقي أم وهمي، في أحد الكانتونات السويسرية، فضلاً عن فتح حساب مصرفي للتهرب من دفع الضرائب في الدول الأوروبية.

وينوه هذا الخبير بأنه يوجد شركات سويسرية مختصة في مساعدة الأغنياء، لتحقيق أهدافهم. للحصول على عنوان بريدي، مثلاً، يكفي دفع ما مجموعه خمسة آلاف فرنك سويسري، كل عام. هكذا، يتمكن الغني الأوروبي من الحصول، أيضاً، على اقامة لمدة خمس سنوات على الأراضي السويسرية. وهذه فترة كافية تخوله نقل ملايين اليورو، براً، الى حسابه المصرفي، بسويسرا، خاصة بعد أن انضمت سويسرا الى اتفاقية شنغن التي تخفف الرقابة، البرية والجوية، عن جميع المسافرين المتدفقين من الدول المجاورة.