معرض بورصة السياحة العالمي الذي يقام سنويا في شهر اذار( مارس) يعتبر مناسبة مهمة جدا لكل بلدان العالم كي تعرض اهم ما لديها من منتح سياحي، وزاره هذا العام اكثر من 11 الف زائر متخصص بدءا من مدراء شركات سياحية وحتى مديري فنادق من اجل ابرام عقود مع الشركات العارضة، اضافة الى الزوار العاديين الذين ياتون عادة اما كي يحددوا وجهة سفرهم السياحية القادمة ام للاستمتاع بما تعرض بلدان لا يمكنهم الوصول اليها.


برلين: كان الحضور العربي كثيفا كما في كل العام، ومع ان ليبيا تشهد حالة من الغليان، لكنها كانت متواجدة عبر جناح واسع زود بكل الاحتياجات من طاولات الى كراسي ومنشورات سياحية لكنه كان خاليا من اي حضور لذا استخدمه الزوار كنقطة استراحة. وعلى الرغم من الوضع غير المستقر في مصر وتونس الا ان شركات السياحية فيهما لم تغب عن المشاركة، وهذا المرة كانت مصر اكثر من اي وقت مضى حاضرة بكل قواها عبر العشرات من شركات السياحة والفنادق لكي تبرهن بانها تريد بسرعة العودة الى صدارة البلدان السياحية المشهورة. وهذا ما اكد عليه احمد جمال مدير مكتب مصر للسياحة من القطاع العام خلال مقابلة اجرتها معه ايلاف:

ما حدث في مصر لم يمنعكم من المشاركة في المعرض هذا العام، فكم هو حجم اقبال الزوار على الاجنحة المصرية، وهل كان مساحتها اكبر من العام الماضي؟

بالنسبة للمساحة فهي نفسها كما المرة الماضية، والاقبال ليس كبيرا جدا، بل ادني من السنوات الماضية، لكن الفرق اننا هذا العام حصلنا على دعم كبير جدا جدا من الناس، فكل من اتى لزيارة الجناح كان يدعمنا ويقول اننا نحب مصر وسوف نرجعها اليها ، وكل شركات السياحة قالت لنا اننا ننتظر المؤشرات الامنية كلها ان تعود وتستقر كي نعود بكل ثقلنا الى مصر.

هذا يعني انه ليس لديهم اي خوف او تردد مما سيحدث بعد ذلك، ولا يهم اي شكل سيكون للحكومة التي سوف تحكم مصر؟

هذه المرة الوضع مختلف تماما في مصر. ما حدث ليس عملية ارهابية ولا عملا موجها ضد السياحة والسياح، الموضوع ان الشعب ثار كي يسترجع كرامته، والناس تنتظر استقرار الامور في مصر واستببابها، والسياح ليسوا خائفين من الوضع او الذهاب الى مصر والدليل على ذلك وصول اول عشرة الاف سائح الى المناطق الشاطئية مثل شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم، والفنادق رجعت نسبة الاقامة فيها ترتفع مرة اخرى ويمكن الحديث عن حتى 35 في المائة في الوقت الحالي، والمراكب السياحية في الاقصر واسوان عادت لتشتغل، لكن الوضع كان غير مستقر بعض الشيء في القاهرة، لانها منبع الاحداث كلها، وان كنت ارى ان الاعتصامات قد توقفت فيها، فالتجمعات الكبيرة هي في الوسط اي في ميدان التحرير، ولكنها لا تسبب ازعاجا امنيا.

ماذا عن المواصلات فهي جزء من السياحة، هل عادت الى طبيعتها من القاهرة الى المدن الاخرى والى المدن الساحلية؟

كل المواصلات عادت للعمل بشكل عادي ، لكن السياح في مصر لا يستعملون الا نادرا المواصلات العامة. والان لا يوجد اي شيء يعرقل السياحة من جديد الا خوف السائحين وبانهم لا يشعرون بالامان الكامل في الوقت الحالي، الا ان الشكوك تتبدد باثبات ما هو موجود على ارض الواقع.

هل هذا يعني ان السائح لا ياتي الى مناطق كالجيزة حيث الاهرامات في القاهرة بل يتوجه الى المناطق السياحية، ولقطاع السياحي شبه مشلول في القاهرة والمناطق الاثرية الاخرى القريبة منها؟

الحركة ما زالت قليلة فى ما يسمى باللغة السياحة القاهرة الكبرى وهي الاهرامات وتشمل الجيزة والقاهرة ومنطقة خان الخليلي والقاهرة الاسلامية والقاهرة القبطية. هذه المنطقة تخص المتحف المصري وكانت فيها بعض العراقيل للحركة بسبب الاعداد الهائلة للمتظاهرين، اما الان فقد خل الميدان منهم تماما.

ما الدعم الذي قدمته الحكومة الالمانية للمصر من اجل عودة الحركة السياحية فيها؟

اهم ما في الامر ان مصر تم اختيارها كي تكون ضيف شرف معرض برلين للسياحة لعام 2012، وسوف نتحضر من الان كي نعرف ماذا علينا فعله في هذا المناسبة العالمية ونريد ان نظهر للناس ما هي التغيرات التي حصلت في مصر، لان ثورة غيرت داخليا الكثير بالنسبة للمصريين لكن البينة التحتية لن تتغير، اي اننا لن نغير اي معلم اثري، و كل ما سيجده السائح من اختلاف هو زيادة بشاشة وجوه المصريين عندما ياتون لزيارتنا.

هل تعتقد ان المتحف الوطني سوف يفتتح قريبا؟

يجري حاليا ترميم بعض الواجهات الزجاجية التي تحطمت اثناء الاحداث ومحاولة استعادة بعض الاثار التي سرقت ولن يستغرق الوقت اكثر من اسبوعين من الان.

متى ستعود الحركة السياحية في مصر الى طبيعتها، هل بعد تشكيل حكومة؟

لقد تشكلت حكومة انتقالية وسوف نبقى على هذا الحال لمدة بعد ستة اشهر، ولا اعرف اذا كان هذا من حسن طالعنا او سوء حظنا. واريد ان اذكر ان مصر تعتمد على السياحة الشتوية وليس السياحة الصيفية ، لكن اعتقد انه ستعود الى طبيعتها في فترة شم النسيم الاوروبية وهي الفترة ما بين 20 و30 من نيسان( ابريل) المقبل. وقد تحدثت مع العديد من شركات السياحة الالمانية فاكدوا لي انهم لن يسمحوا بالغاء الحجوزات الى مصر في هذا الفترة، وكانت تلغى الحجوزات من دون غرامات في شهري شباط( فبراير) واذار( مارس) لكن سوف يغرم كل من يريد الغاء حجزه الى مصر في شهر نيسان( ابريل) لان الشركات لا تجد سببا للالغاء، وحالة الطورايء رفعتها فرنسا والمانيا وايطاليا عن كل المدن المصرية.

وفي الجناح التونسي التقت ايلاف بجمال مليك احد المشرفين على شركة السياحة الوطينة التونسية الذي كان يجلس لوحده، وبرر ذلك بان المهنيين التونسيين الذين يجلبون الزوار من اجل خط اسمائهم مثلا بالخط العربي او رسم الحنة على الايدي غادروا برلين الى تونس. ونوه الى ان بلاده بدأت تسترجع مكانتها السياحية الا ان ذلك يتطلب وقتا، فالناس ما زالوا متخوفين من الوضع، مع ان الامن منتشر في كل البلاد. ووصف المظاهرات التي خرجت قبل عشرين يوما بانه كانت كان لمجموعة بلطجية، لكن القي القبض عليهم وعادت الحياة الى طبيعتها.

وعن زوار الجناح قال بان كلهم من دون استثناء يتأسفون لانهم لا يستطيعون المجيء حاليا الى تونس بسبب الانتقاضة وغيروا وجهة سفرهم الى بعض الدول الاخرى مثل تركيا والمغرب، فهم مازالوا يشعرون بالتخوف لان تونس ليست بعيدة عن ليبيا.

وتحدثت ايلاف مع علي محجوب عطا المنان وكيل وزارة السياحة والاثار والحياة البرية في السودان عن فترة ما بعد الانفصال وتأثير ذلك على السياحة في السودان فقال، سوف يتم انفصال جنوب السودان عن شماله في التاسع من تموز( يوليو)، لكن مهما يكن من امر فان الكم الاوفر من الموجودات السياحية في السودان توجد في شماله. صحيح انه توجد في الجنوب مقاصد سياحية تتعلق بشكل اساسي بالحياة البرية والمحميات الطبيعية ، لكن يضم الشمال كل الحضارات التاريخية والمناطق التاريخية والاثرية السياحة الثقافية. وعلى طول شاطئ البحر الاحمر البالغ حوالي 740 كلم يوجد 12 خليجا، وهذا يجذب من يحب سياحة الغطس والتصوير تحت المياه. وبتقدير محجوب عطا المنان فان معظم السياحة كانت تاتي الى شمال السودان لان الجنوب لم يكن مستقرا بشكل او اخر، والان ربما تاتي سياحة خاصة الى الجنوب، اي قد تصبح هناك سياحات تخص الجنوب.

ولم ييعرض في الجناح السودان في بورصة السياحة اي ملصق لمناطق سياحية في الجنوب بل كانت كلها تخص شمال السودان، مع ذلك اكد وكيل وزارة السياحة على ان المعرض يمثل حتى الان السودان ككل، وغياب ملصقات عن الجنوب سببه عدم امكانية التعريف عن السياحة فيه كي لا يخدع الزائر، فالجنوب كان ولاكثر من ثلاثين سنة غير مستقر وغير امن، لذا لا يمكن الترويج له سياحيا.وفي السودان مازال قطاع السياحة لا يمثل المصادر الاهم للمداخيل مقارنة مع قطاعات اخرى مثل القطاع الزراعي او قطاع التعدين او قطاع البترول، مع ذلك ارتفعت ايرداته من خمسة مليون دولار عام 2000 الى 540 مليون دولار عام 2009 من اجمالي الناتج القومي الاجمالي.