وقعت الحكومة الالمانية اخيرا على اتفاقية التخلي عن الطاقة المنتجة من المفاعلات النووية، وباركت هذه الخطوة كل الاحزاب المعارضة كما الحاكمة. وبناء عليه سوف يصبح انتاج الطاقة مع حلول عام 2022 من مصادر طبيعية ومتجددة كالشمس والرياح والمياه لكن ايضا الفحم الحجري، وهذا يسبب مواصلة ارتفاع نسبة غاز ثاني اكسيد الكربون.لكن كم سيكلف ذلك المانيا، وهل ستكتفي الشركات المعتمدة على الطاقة النووية بالقبول دون المطالبة بتعويضات؟


برلين: يقول أحد خبراء الاقتصاد لقد عزمت المانيا التخلي عن الطاقة النووية، لكن كيف؟ فالمستشارة الألمانية انجيلا ماركل تريد الان بناء على الاتفاقية إغلاق مصنع تلو الاخر خلال 11 عاما، وسوف تبدأ بالمصانع القديمة، لكن عليها ان تدخل بالحسبان أن الامر لن يمرّ دون دفعها المليارات، ان للمصانع الحالية او للمصانع التي سوف تنتج الطاقة المتجددة، فرغم ان المانيا تعتبر من البلدان الرائدة في هذا المجال، لكن ما زال الاعتماد على هذه الطاقة النظيفة لا يتعدى العشرة في المائة. وهذان أمران على المستشارة مواجهتهما ، لكن الامر الاهم كيف سترضي المصانع الحالية. فهي تشغل اكثر من عشرين الف عامل لديها. عدا عن ذلك سوف يواجه المستهلك ارتفاعا في أسعار الكهرباء النظيفة ويجب ان يدخل في الحسبان ان سعر الكيلوواط سيزيد اكثر من عشرة في المائة.


مع ذلك لا تتحدث الحكومة عن هذا كله وبالاخص تكاليف هذه الخطوة الجبارة والمانيا هي اول بلد اقدم عليها. فهي نفسها اقرت الاستغناء لكنها لم تحسب بدقة التكاليف المتوقعة، فالتقديرات الاولية تشير الى ملياري يورو سنويا. عدا عن ذلك لا تريد تمويله من الميزانية العامة بل من صندوق الطاقة وحماية البيئة الذي سوف يؤسس قريبا. وهذه المشكلة الكبيرة، فمن اين سوف تأتي هذه الاموال للصندوق. والمشكلة التي لا تقل اهمية عنها هي من سيدفع تكاليف تدمير المصانع النووية المنتجة للطاقة، لانها تحتاج الى تقنيات خاصة، وبالاخص في ما يتعلق بالقضبان النووية المنتجة للطاقة، وتحتاج الى أخصائيين والى اماكن لدفنها. ويقول بعض المطلعين ان مصانع الطاقة المتجددة كانت ستتحمل جزءا لا بأس به من هذه التكاليف، لكن لو تم الالتزام بقرار الحكومة القديم والداعي الى الاستغناء عن الطاقة النووية عام 2036 ، اذ ان هناك متسعًا من الوقت للانتقال الى هذه الخطوة، وانجاز الخطوة مبكرا يجب أن لا تتحملها المصانع.


وهذا ما لمح اليه الحزب الليبرالي المشارك في الحكم حيث قال إن قضية تكاليف التخلي عن الطاقة النووية مسألة جوهرية، والامر هنا يتعلق بألمانيا المعتمدة حتى الان في صناعاتها على الطاقة النووية الرخيصة. لذا يقول محللون هذا التفاوت في المواقف بين اطراف الحكومة يدفع الى القول إن كارثة فوكوشيما كانت وراء تعجيل المستشارة انجيلا ماركل وحزبها المسيحي الديمقراطي وشريكه المسيحي البافاري بالتخلص من الطاقة النووية، لكن يجب عدم اتخاذ قرارات في ظل الضغوطات. وحسب معلومات حكومية فإن الاقفال السريع للمفاعلات النووية السبعة القديمة جدا اضافة الى مفاعلات كروم سوف يكلف الحكومة سنويا لا اقل من مليار يورو، وهذا سوف يعود بالضرر عليها لان هذه المصانع لن تدفع ضرائب بعد الان، وتصل الى اكثر من 1،3 مليار يورو سنويا. وكانت الحكومة تستفيد من حوالى 900 مليون يورو من هذا المبلغ لدعم ميزانيتها التي تعاني الديون، ما سيدفعها الى تخفيض مساهماتها في البحوث المتعلقة بالطاقة المتجددة، ويطال ايضا الدعم للسيارات الكهربائية، لكن هذا كله سوف يتحمله دافع الضرائب لوحده.