مخاوف من إستمرار إرتفاع أسعار الإسمنت في السعودية

في ظل ما تشهده السعودية من نهضة عمرانية كبيرة مصاحبة لإنفاق حكومي ضخم خلال السنوات الثلاث الماضية، إضافة إلى التوسع الكبير في سوق العقار وإزدياد الطلب عليه من قبل المقاولين والمستثمرين، تشهد سوق الاسمنت في المملكة تخبطاً كبيراً وتقلبات حادة في السعر مما يزيد من تكاليف الإنشاء وتعثر المشاريع.


الرياض: لم يخف ِعدد من المحللين الاقتصاديين تخوفهم الكبير مما وصلت إليه حال سوق الأسمنت في المملكة، وتوسع نطاق السوق السوداء لبيعه في عدد من المدن والمناطق، في ظل غياب جزئي للرقابة، مما يعرض شركات الأسمنت لخسائر كبيرة، ويعرض المستهلك لزيادة تكاليف البناء وإرهاقه مع زيادة وتضخم أسعار العقار التي تشهدها المملكة حالياً.

ويعتبر الأسمنت من أهم عناصر الإنتاج المستخدمة في البناء إلى جانب الحديد، فالتوسع الكبير الذي تشهده المملكة حاليًا من الناحية العمرانية، الذي من الممكن وصفه بورش عمل ضخمة وكبيرةفي أنحاء متعددة من مناطق ومدن السعودية، يقابله طلب كبير أيضاً على الاسمنت، الذي من المفترض أن يتم مواجهته بإنتاج يغطي هذا الطلب.

والواقع يشهد أن الإنتاج (العرض) أعلى من الطلب في ظل إيقاف التصدير الخارجي للإسمنت؛ حي تمتلئ المخازنأكياس الإسمنت خصوصاً في بعض المدن الرئيسة، مما يزيد من كلفة الإنتاج وتدني الأرباح لشركات الاسمنت في المملكة.

يقول الخبير الاقتصادي بندر السعيد في حديث لـquot;إيلافquot;إن أزمة سوق الاسمنت نشأت بسبب توقف معظم خطوط الإنتاج في بعض المصانع في مناطق المملكة، ورفض المصانع الأخرى في المناطق المجاورة نقل الاسمنت لها بسبب إرتفاع تكلفة النقل وقلة الوقود المستخدمة للشاحنات، عطفاً على عدم وصعوبة توفر العمالة اللازمة لنقل البضائع، هذا الأمر جعل الطلب يفوق بكثير على المعروض، وبالتالي إرتفاع الأسعار بشكل مهول ومبالغ فيه لأسباب ربما تعتبر بسيطة ويمكن حلها.

ويضيف السعيد أيضا، أن العمالة غير النظامية لا يمكن إهمالها، فإقبالهم على شراء كميات كبيرة من الاسمنت من المصانع الأخرى ونقلها بين مدن المملكة وبيعها بأسعار منافسة؛ جعل للسوق السوداء بيئة خصبة ومناسبة، خاصة مع ازدياد حجم الطلب الكبير على الاسمنت.

احد المستثمرين في مجال البناء يقول لـquot;إيلافquot;إن أزمة الاسمنت الحالية ستنعكس سلبًا على المواطن في ما بعد، حيث إن تكاليف البناء سترفع من سعر العقار، تماماً كما حدث مع الحديد في أزمته الشهيرة في 2008، حيث قفزت أسعار العقار والفلل الجاهزة، إضافة إلى إيجارات الشقق الجديدة إلى أسعار خيالية، خاصة في مسألة الطلب العالي على العقار في ظل شح المعروض.

ويضيف أيضًا، أنه بعد القرار الملكي ببناء خمسمائة ألف وحدة سكنية يفترض أن يكون حافزًا لازدياد العملية الإنتاجية للاسمنت، وتوافر بيئة سوقية جيدة لهذا المنتج، وما نراه حاليًا هو عكس ذلك تمامًا، سوق سوداء، وأسعار عالية، وطلب كبير يقابله عرض شحيح.

ومن الواضح أن الأزمة تتركز في مناطق معينة دون أخرى، وأن العوامل التي أدت إلى نشوئها هي عوامل خارجية، وليس للشركات علاقة بها، لذا نرى نوعًا من التناقض، فالبعض يطالب بالسماح بالتصدير الخارجي نظرًا إلى ارتفاع الإنتاج وتراكم المخزون، وفي مناطق أخرى كان العرض قليلاً جدًا مقابل الطلب، وذلك بسبب ارتفاع كلفة النقل، والمساحات الواسعة بين المدن في المملكة.

من جهة أخرى، صرح احد المسؤولين في وزارة التجارة أنه تم الانتهاء من التحقيقات مع عدد من المتورطين في رفع الأسعار، وجار إستكمال التحقيقات مع آخرين لإستكمال الإجراءات النظامية حيالهم، حسب الأنظمة والقوانين، وبيّن أن أزمة ارتفاع أسعار الأسمنت في نقاط البيع خلال الفترة الماضية مفتعلة من قبل البعض، وطمأن الجميع إلى توافركل الكميات المطلوبة من الأسمنت وبالأسعار الطبيعية التي تبلغ 14 ريالاً للكيس الواحد.

تأتي تحركات وزارة التجارة لمتابعة السوق وسط تأكيدات مصانع الأسمنت بتوافر مخزون كاف لا تستدعي المخاوف من نقص الكميات المطلوبة في الأسواق، والتي تشهد حاليًا طلبًا متزايدًا نتيجة مشاريع البناء والإنشاءات التي جعلت من مدن متعددة في المملكة ورش عمل وبناء نتيجة المشاريع التنموية التي تشهدها المملكة حاليًا، وبرغم امتناع العديد من المواطنين حاليًا عن الشراء بأسعار ( 17 و18) ريالاً للكيس.

وتفوق الطاقات الإنتاجية الحالية في السوق المحلية للاسمنت حجم الطلب الداخلي بنسبة 18 %، حيث تبلغ الطاقات الإنتاجية الحالية لمصانع الاسمنت 56 مليون طن، ومن المتوقع أن يصل الاستهلاك المحلي للعام الحالي 2011 إلى 46 مليون طن، كما إن التوقعات تشير إلى وصول الإنتاج الكلي في المملكة إلى 64 مليون طن في نهاية عام 2012.

وارتفعت مبيعات شركات الأسمنت السعودية البالغة 13 شركة 11% في الربع الأول من هذا العام لتصل إلى 4.53 مليون طن، قياساً بمبيعات قدرها 4.07 مليون طن، كانت قد حققتها في الفترة نفسها2010، في المقابل تراجع مخزون الكلنكر بنسبة 2 % بنهاية شهر مارس/آذار 2011، مقارنة بالفترة عينهاالعام الماضي.

وكانت بعض الشركات قد أعلنت عن نتائجها المالية للربع الأول، وأظهرت أن بعض المصانع قد رفعت الإنتاج خلال الربع الأول، منها إسمنت السعودية، والجوف.