تأثرت سوق الذهب والمجوهرات المصرية بالزيادة غير المسبوقة لأسعار المعدن الأصفر، صاحب هذا الارتفاع حالة من الركود الشديد في السوق، وعكف المصريون على بيع ما لديهم من مقتنيات للاستفادة من الزيادة في الأسعار.


القاهرة:مواصلاً ارتفاعاته القياسية التاريخية، قفز الذهب قفزة جديدة ليكسر سعر الأونصة حاجز 1600 دولار، جاء ذلك بعد الإقبال الشديد من قبل المستثمرين على شراء المعدن النفيس في أسواق المال العالمية كبديل آمن بعد تراجع اليورو،وخشية تفاقم أزمة الديون السيادية وما ستؤديه من تراجع في قيمة العملات، وقد تلا الارتفاع العالمي ارتفاع محلي في سوق الذهب المصرية، حيث وصل سعر غرام الذهب إلى أعلى مستوى له، وهو 264 جنيهًا للعيار 21.

بهذه الزيادة يكون غرام الذهب ارتفع بـأكثر من 14 جنيهًا دفعة واحدة في غضون ثلاثة أيام، الأمر الذي ضاعف من حدة الركود التي تشهدها أسواقه منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير.

يقول عزت أبو كرار ndash; صاحب مجموعة محال لبيع المصوغات والمجوهرات- لـquot;إيلافquot; إن ارتفاع اسعار المعدن الاصفر إلى هذا الحد نذير سيء، حيث إن السوق كانت تعاني ركودًا شديدًا في حركة الشراء والبيع بعد اندلاع ثورة يناير، وكان التجار في انتظار فترة الصيف لأنها تعد بداية موسم ازدهار سوق الذهب.

ولكن بداية الموسم بهذا الارتفاع الشديد مؤشر غير جيد ينبئ بموسم ركود لم تشهده هذه السوق من قبل .ويضيف كرارة تتميز فترة الصيف في مصر بكونها فترة الزواج والعرس التي تنتعش فيها تجارة المجوهرات، فأكثر من 80% من نسبة المبيعات السنوية يكون في شهري يوليو/ تموز وأغسطس / آب، ولكن هذا العام اختلفت الموازين، فقد مر أكثر من نصف شهر يوليو/تموز بنسبة بيع تقل عن 70% من الأعوام السابقة.

وأشار عزت إلى أن هناك عددًا كبيرًا من الزبائن اتجه لبيع مدخراته من الذهب بعد ارتفاع الأسعار للاستفادة من فرق الأسعار وتوفير السيولة اللازمة لشراء متطلبات شهر رمضان.

في منطقة الصاغة في شبين القناطر ndash; 40 كيلو متر شمال القاهرة- جاءت عبير لتبيع ما لديها من مصوغات ذهبية بعد خبر ارتفاع سعره، وقالت لـquot;إيلافquot; لم أكن أفكر في بيع مقتنياتي الذهبية، ولكن أمي أقنعتني أن الأسعار ممكن أن تنخفض في المستقبل، بعد أن تستقر الأمور السياسية فجئت لأبيع 100 غرام من مقتنياتي لأستفيد من فرق السعر بين ما اشتريته به، حيث إنني أشتريته بسعر 80 جنيهًا للغرام، وهو الآن بـ 260 جنيهًا، أي إن المكسب (فرق السعر) يبلغ 180 جنيهًا في الغرام الواحد.

من جانبه أكد بشر ابراهيم عضو الشعبة العامة للمشغولات الذهبية في اتحاد الغرف التجاريةأن ارتفاع أسعار الذهب جاء نتيجة لذهاب المستثمرين في البورصات العالمية للملاذ الآمن بشراء الذهب بعد التراجع الذي تشهده العملات العالمية وحالة عدم الاستقرار الاقتصادي التي تتأثر بها الدول الكبرى، على رأسها الولايات المتحدة الأميركية.

وأضاف أنه من الطبيعي أن يترتب على هذا الارتفاع حالة من الركود الشديد في السوق المحلية، وهو ما قد يؤدي إلى تشريد العاملين في ورش ومصانع المصوغات، بعدما بدأ الاستغناء عن الكثير منهم بالفعل في الفترة السابقة، وأغلق العديد من الورش وتحول كثير من أرباب هذه الصناعة إلى مجالات أخرى.

يتفق مع الرأي السابق محمود زكي ndash; صاحب محل مصوغات- حيث قال لـquot;إيلافquot; إن الورش التي كان يتعامل معها بعضها خفض عدد العاملين، والبعض الآخر أغلق تمامًا، نظرا إلى حالة الركود التي أصابت السوق، فمنذ أكثر من ثلاثة أشهر وحركة البيع تكاد تكون معدومة، فبعد شهر مارس وفترة عيد الأم،لم يبع محل واحد ما يكفى لسد رواتب وأجور العاملين فيه، فاتجهنا نحن أصحاب المحال إلى تقليل ساعات العمل، وزاد من ضرورة ذلك الإجراء حالة الانفلات الامني التي كانت تشهدها البلاد في الفترة الماضية.

من جانبه أكد الخبير الاقتصاديالدكتور حمدي عبد العظيمأن ارتفاع أسعار الذهب يؤثر على القوة الشرائية للعملة المصرية بشكل مباشر وغير مباشر، حيث إنه يؤثر على سعر الدولار الذي يرتبط به الجنيه، فهو بذلك يؤثر في قيمة الواردات المصرية، وكذلكيقلل من قيمه العملة المصرية أمام العملات العالمية بعيد عن الحرب الدائرة بين الدولار واليورو على خلفية المشكلات الاقتصادية العالمية.

وتوقع الخبير الاقتصادي زيادات جديدة في أسعار الذهب لو لم توضع حلول لأزمات الديون في منطقة اليورو لأن المستثمرين سيقدمون على شراء المزيد من المعدن الأصفر.