آثينا: في خضم الازمة الاقتصادية والاجتماعية، تتجه الانظار الى الكنيسة الارثوذكسية اليونانية التي تعد المالك العقاري الثاني في البلاد، لحملها على دفع ما يتوجب عليها من ضرائب على ثروة تتولى ادارتها بلا شفافية تامة بالتواطؤ مع الطبقة السياسية.

وقد اتخذت الكنيسة الارثوذكسية موقفا دفاعيا منذ اعفاء ضريبي استثنى quot;اماكن العبادة والاديرة والمؤسسات الاكليريكيةquot; من ضريبة عقارية فرضتها بصورة عاجلة حكومة تواجه ازمة بالغة التعقيد لاعادة تعويم الخزينة.

ولمواجهة موجة الاستنكار التي اثارتها وسائل الاعلام والمدونات والشبكات الاجتماعية، نفت الكنيسة في بيان المطالبة بهذه المعاملة الخاصة مؤكدة انها quot;سددت التزاماتها الضريبية القانونيةquot;. وسرب موقع الانباء الدينية ان الكنيسة دفعت مبلغ 2,5 مليون يورو عن 2010.

وقال النائب اليساري غريغوريس بساريانوس وهو من دعاة الفصل بين الكنيسة والدولة quot;انه مبلغ مثير للسخرية، صحيح ان الجميع في اليونان يسخر من الضرائب، لكن الكنيسة هي القوة العاشرةquot;. وفي استطاعة اي يوناني ان يعدد quot;الهباتquot; التي تبلغ قيمتها عشرات اليوروات التي دائما ما تدفع يدا بيد الى الكهنة الذين يحتفلون برتبة الزواج او يرأسون صلاة الدفن.

إلا ان رجال الدين اليونانيين، يتقاضون بموجب ترتيب يرقى الى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، رواتب من الدولة، قال بساريانوس انها quot;ستكلف دافعي الضرائب في 2011 حوالى 210 مليون يوروquot;.

وتقول وزارة التربية والشؤون الدينية، ان رجال الدين الذين يبلغ عددهم 8500 كاهن و82 اسقفا، يخضعون لتدابير التقشف نفسها المطبقة على الموظفين الاخرين، بما في ذلك قاعدة البديل الواحد عن كل عشرة شواغر. ويعرب بساريانوس عن شكوكه في هذا الامر، فيما تقول الكنيسة الارثوذكسية ان الموضوع ما زال مطروحا للنقاش.

ويعترف الأب انطونيوس افراميوتيس مدير الدائرة المالية للكنيسة بأنه يتولى الاشراف على ثروة quot;لا يستهان بهاquot; يفصلها كالآتي: اربعة الاف هكتار من الاراضي الزراعية و113 الف هكتار من الغابات و86 الف متر مربع من العقارات في المدن، تضاف اليها ستة ملايين سهم في البنك الوطني اليوناني.

لكنه يؤكد ان quot;جزءا من هذه الثروة غير قابل للاستثمارquot; بحجة quot;لامركزيةquot; المؤسسة ووضعها المعقد اللذين يمنعانها من اجراء تقويم شامل يفترض ايضا ان يشمل املاك الرعايا ومئات الاديرة والاسقفيات.

وكشفت معلومات سرية نشرتها صحيفة كاثيمريني ان الكنيسة صرحت في 2008 عن ارباح بلغت سبعة ملايين يورو لعائدات قدرت ب 20 مليونا. وتتفاوت التقديرات حول قيمة الثروة الكنسية بين 700 مليون واكثر من مليار يورو.

وتبدي السلطات الرسمية تحفظات عن كشف كامل المعلومات في بلد يشكل الارثوذكس اكثر من 90% من سكانه، وحيث تقضي مهمة المدرسة quot;بتثقيف الوجدان الدينيquot; ويضطلع رجال الدين بدور ايصال النواب الى الندوة البرلمانية.

وهذا ما فعله اليمين الذي الغى بعد فوزه الانتخابي في 2004 فرض عائدات ايجارية على الكنيسة كانت سارية المفعول منذ امد بعيد واعيد العمل بها بسبب الازمة في 2010 وتبلغ نسبتها 20%. وساهم الاشتراكيون آنذاك قبيل الانتخابات في هذا الموضوع من خلال الغاء الضريبة المقدرة ب 25% على اموال الكنيسة.

وقال الاب افراميوتيس ان تلك الفترة كانت تنعم بالازدهار، quot;وكنا نعتقد ان الدولة تستطيع التخفيف عن الاعباء الملقاة على عاتقنا نظرا الى اتساع نطاق العمل التبشيري الذي نقوم بهquot;. وفي هذا الاطار، بالكاد تتوافر للكنيسة كما قال الوسائل للقيام بأعبائها وتأمين مستلزمات 750 مأوى ودار ايتام ومؤسسات ترى انها ضرورية جدا بسبب العجز الذي تواجهه التغطية الاجتماعية الرسمية.

وتعتبر الكنيسة التي ورثت امتيازات ترقى الى الحقبتين البيزنطية والعثمانية، انها تتعرض quot;للسلبquot; لأنها تنازلت عن القسم الاكبر من ممتلكاتها التاريخية للدولة لدى تأسيسها في القرن التاسع عشر ثم خلال استقبال مليون لاجىء من آسيا الصغرى في 1922، كما يذكر يوانيس بيترو الاستاذ فس جامعة سالونيكي للدروس اللاهوتية.

لكنه يعترف بأن quot;انعدام الرقابة الرسمية والشفافية من جانب رجال الدين يغذي الريبةquot;، فيما يجرى الاعداد لحملة quot;افرضوا ضرائب على الكنيسةquot; عبر تظاهرة مقررة الاسبوع المقبل في كل من اثينا وسالونيكي.