تركت ستة أشهر من الانتفاضة السورية وحملة النظام لقمعها آثارًا شديدة الوطأة على الاقتصاد السوري، متسببة في هبوط قيمة الليرة السورية، وتفاقم الركود، وأزمة سيولة نقدية تعانيها خزينة الدولة، دافعة النظام إلى فرض ضريبة خاصة على موظفي الدولة.


محتجون سوريون معارضون للاسد يتظاهرون لإسقاط النظام

إعداد عبد الاله مجيد: تعطل عمليًا قطاع السياحة في سوريا ليحرم الاقتصاد من إيرادات تزيد على 5 مليارات جنيه إسترليني سنويًا. كما إن الاحتياطات النقدية نضبت، حتى إن الحكومة أوقفت استيراد السيارات للمحافظة على احتياطي العملات الصعبة، كما قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية quot;ساناquot;.

ونقلت صحيفة الغارديان عن مدير فنادق في دمشق القديمة إن غرفا فندقية كانت في شباط/فبراير محجوزة لأشهر عدة مقدمًا، لكن كل الحجوزات أُلغيت، واليوم ليس لديه حجز واحد quot;لا الآن ولا أي وقت في المستقبلquot;، على حد تعبيره.

وقال موظفون في البنك المركزي السوري إن الحكومة طلبت من العاملين في مؤسسات القطاع العام quot;التبرعquot; بما يعادل 6.50 جنيهات من راتبهم الشهري إلى صندوق لدعم الحكومة. ويبلغ متوسط الراتب الشهري لموظفي قطاع الدولة نحو 160 جنيهًا إسترلينيًا.

واعترف محافظ البنك المركزي أديب ميالة، الذي لم يُمنح تأشيرة دخول لحضور اجتماع صندوق النقد الدولي في واشنطن أخيرًا، إن سوريا أنفقت 1.3 مليار جنيه استرليني للدفاع عن موقع الليرة السورية. ويتوقع الصندوق ان ينكمش الاقتصاد السوري بنسبة 2 % هذا العام. وظل سعر صرف الليرة رسميًا بلا تغيير في حدود 66 ليرة مقابل اليورو، ولكن مكاتب التصريف الأهلية تبيع اليورو مقابل 73 ليرة. وعلى السوريين المسافرين الى الخارج ان يقدموا تأشيرة الدخول وتذكرة السفر الى بلد المغادرة قبل أن يتمكنوا من شراء عملات أجنبية.

وتوقفت عمليًا التعاملات بالدولار إلى الداخل ومنه إلى الخارج بسبب العقوبات الأميركية، وهناك مؤشرات الى ان البنوك الأجنبية ترفض التعامل مع الشركات السورية.

وسيكون للحظر الذي فرضه الاتحاد الاوروبي على استيراد النفط السوري ابتداء من تشرين الثاني/نوفمبر أبلغ الأثر، لأن اوروبا تشتري نحو 95 % من النفط السوري. كما تستعد تركيا لفرض عقوباتها الخاصة التي يمكن ان تؤثر في التبادل التجاري الثنائي البالغ حجمه 1.5 مليار جنيه استرليني سنويا.

ويقول محللون إن سوريا يمكن ان تستعيض عن قسم من ايراداتها المفقودة بإعادة توجيه تجارتها نحو بلدان مثل الصين والهند، ولكن هذا يحتاج وقتًا وقد لا يكون سهلاً كما تأمل دمشق. ونقلت صحيفة الغارديان عن المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد السلام في واشنطن ستيفن هاديمان quot;ان الوضع في سوريا خطر حقًا، وهناك تقارير بأن الإيرانيين عرضوا 6 مليارات دولار لمساعدة الرئيس بشار الأسد، ولكن ليس هناك ما يؤكد وفاءهم بوعدهم، على الأقل حتى الآنquot;.

واضاف هايدمان ان تأثير العقوبات سيخنق النشاط الاقتصادي تدريجيًا، وان الحكومة السورية تريد أن توحي بأن الوضع اعتيادي quot;ولكن الواقع يختلف كثيراquot;.

وكانت التوقعات التي أُطلقت بحدوث انهيار اقتصادي سابقة الأوان. إذ اعلن خبراء في وقت سابق ان الحكومة لن تتمكن من دفع الرواتب لموظفي قطاع الدولة الضخم لكنها لم تتوقف عن الدفع حتى الآن.

وقال دبلوماسيون في دمشق ان من المتوقع فرض عقوبات جديدة قد تشمل حظرًا عامًا على كل استثمارات الاتحاد الاوروبي في سوريا واتخاذ اجراءات جديدة تستهدف جهات تدعم النظام اقتصاديًا.

وتشكل نخبة التجار احدى دعائم النظام، ولكن تقارير تحدثت عن قيام بعض التجار بتمويل المعارضة سرًا. وقال الاتحاد الاوروبي انه يفكر في فرض عقوبات اضافية، تشمل منع تصدير بعض المنتجات التكنولوجية. ولكن عملية صنع القرار في بروكسل ونيل موافقة الدول الـ 27 الأعضاء عملية طويلة وشائكة قد تستغرق أشهرًا.

في غضون ذلك أعربت منظمات انسانية عن قلقها من ان تشديد العقوبات الدولية يمكن ان يؤدي الى مزيد من إفقار المواطن السوري.