في وقت خرجت تظاهرات احتجاج في مدن عراقية ضد إلغاء البطاقة التموينية التي تحصل عليها ستة ملايين عائلة، فقد وعد رئيس الوزراء نوري المالكي بمضاعفة مبلغ التعويض عنها، بينما وصف رئيس البرلمان أسامة النجيفي القرار بالخطر وبأنه سيزيد من أعداد الفقراء، وقرر استجواب وزيري التجارة والمالية، في حين أكدت قوى سياسية معارضتها للقرارمع اتجاه نحو إجراء استبيان شعبي لمعرفة مواقف المواطنين من استبدال البطاقة بمبلغ مالي.


أسامة مهدي: وصف النجيفي قرار إلغاء الحكومة للبطاقة التموينية بالخطر،مؤكدا انه سيؤثر على قوت الشعب، وموضحا ان الاصلاح الذي بررته الحكومة لا يتم على حساب الشريحة الأكثر تضررًا من الغاء البطاقة التموينية، الذي سيزيد من أعدادهم.

ورأى quot;ان معالجة الخلل الذي أثر على توفير مواد البطاقة التموينية أجدر من الغائها بالطريقة التي غابت عنها ضمانات توفير المواد الغذائية في الأسواق، ولا بد من حصول توافق وطني لاتخاذ مثل قرار مصيري كهذاquot;، كما قال في تصريح صحافي تلقته quot;ايلافquot;.

واشار الى ان مجلس النواب قرر خلال جلسته التي انعقدت اليوم الخميس على اهمية استجواب وزيري التجارة والمالية في نقاش علني امام الشعب، والاستيضاح منهم، خصوصًا وان البرلمان لم يكن على علم بهذا الموضوع رغم انه يمثل الشعب بمختلف اطيافه ومكوناته.

مرجعية النجف الشيعية تهاجم الغاء quot;التموينيةquot;... والمالكي يدافع! - ايلاف

وردا على معارضة الغاء البطاقة التموينية فقد وعد رئيس الوزراء نوري المالكي بدراسة زيادة التعويض النقدي لإلغاء البطاقة التموينية التي تمثل سلة العراقيين الغذائية من 15 الف دينار (12 دولارا) الى 25 الف دينار (22 دولارا).

واكد في تصريحات متلفزة اليوم ان حكومته ستراقب الاسواق، ولن تسمح بالتلاعب في اسعار المواد الغذائية او زيادتها بما يضرّ بقوت المواطنين. واشار الى ان مبالغ البطاقة التعويضية ستوزّع على المواطنين عن طريق الوكلاء والمصارف او مع المرتبات الشهرية للمستفيدين.

التحالف الكردستاني يعارض
واليوم اكدت كتلة التحالف الكوردستاني معارضتها لقرار الحكومة بإلغاء مفردات البطاقة التموينية والاستعاضة عنها بمبلغ 15 الف دينار، مؤكدة تضامنها مع جميع الكتل الرافضة للقرار.

وقال التحالف في بيان صحافي تسلمته quot;ايلافquot; انه quot;يرى أن هذا القرار لن يخدم المواطنين من ذوي الدخل المحدود والمتعففين، لأنه يؤدي إلى زيادة كبيرة في اسعار المواد الغذائية، لعدم توافر خطة عملية مسبقة لتوفير السلع الغذائية البديلة من مفردات البطاقة في السوق المحلية، إلى جانب حقيقة أن ضخ نقود بهذا الحجم بدون خطة استيراد محكمة بالتعاون مع القطاع الخاص ودعم الدولة الواسع له يعني قفزة كبيرة في نسبة التضخم من حيث حجم الطلب وسلة النقود مقابل شحة المتوافر من المواد الغذائيةquot;.

واشار الى أن تبرير القرار بالحدّ من الفساد يفتقد للموضوعية، وتساءل قائلاً quot;فإذا ما كان الفساد قائماً في توزيع المواد الغذائية واستيرادها، فكيف سيكون الحال مع توزيع مبالغ نقدية؟quot;. واضاف إن الدولة تفتقر إلى الخدمات المصرفية الكفيلة بتوزيع المبالغ المخصصة للمواطنين، مما يعني عاملاً مضافاً إلى الفساد شهدناه في توزيع مبالغ سابقة.

وشدد التحالف على ضرورة اتخاذ خطوات مدروسة مترابطة لإنهاء دور البطاقة التموينية في حياة العراقيين، حيث يستدعي هذا توفير المواد الغذائية في السوق على اوسع نطاق حد تجاوزه الطلب وتوظيف التعاملات الحكومية النفطية مع الدول المنتجة للمواد الغذائية لتغطية قيمة تعاقدات القطاعين العام والخاص من الغذاء، وكذلك تشجيع القطاع الزراعي وتصنيع منتجاته ودعمه.

وقال quot;إن قرار مجلس الوزراء احدث رد فعل جماهيريًا يتفهم التحالف الكوردستاني اسبابه، ويدعو الحكومة إلى إعادة النظر بقرارها، واستبداله بمجموعة اجراءات تغرق السوق بالمواد الغذائية أولاً، وحل مشكلة البطالة ثانياً، وتوفير نظام متكامل للضمان الاجتماعي ثالثاً، مما يمهد لاحقاً لإلغاء البطاقة التموينية بدون النتائج السلبية في التضخم وتعريض المواطن للمزيد من ضيق الحال .. علماً ان المواطنين كانوا يتوقعون قيام الحكومة بتوزيع بعض عوائد الفائض النفطي عليهم، لكنهم بوغتوا بإلغاء بطاقة الفقراء وذوي الدخل المحدود.

حركة علاوي: قرار غير صائب
واكدت حركة الوفاق الوطني العراقي بزعامة أياد علاوي عدم صوابية قرار الغاء نظام البطاقة التموينية وتعويض المواطنين بمبلغ مالي زهيد، وقالت ان الالغاء سيلهب الاسعار، ويملأ بطون التجار، ويضرّ بمصالح الناس، رغم قلتها ورداءة نوعيتها، لكنها مصدر عيش الملايين من الفقراء وذوي الدخل المحدود سيتحملون أعباء ارتفاع اسعار المواد.

واضافت في بيان صحافي تسلمته quot;ايلافquot; ان الغاء البطاقة التموينية هي أزمة جديدة تضاف الى ازمات البلاد، وان المواطن العراقي لن يتحمل مثل هذا القرار، الذي يتلاعب بقوته وقوت اطفاله، وحسب ما جاء في الاحصائيات العراقية فهناك سبعة مليون عراقي تحت خط الفقر وخمسة ملايين مواطن عاطل عن العمل.

وقالت quot;ان الفساد الذي يلتهم قوت المواطنين الفقراء، وفي كل مفاصل الحياة اليومية، من سوء الخدمات والفقر والصحة والبطالة والعوز، يكمله الآن هذا القرار بإتاحة فرصة أخرى للنهب والتحايل، لانه سيبقى بشكل آخر وجديد بيد فئة تدير البلاد وتتلاعب بأموال العراق والعراقيين، ولا أحد يعلم كيف ستوزّع هذه المبالغ الزهيدة على المواطنين، ومن سيحرم من هذا المبلغquot;.

واشارت الحركة الى انها تقف الآن ضد هذا القرار، الذي يعبّر عن فشل الحكومة وعجزها الكامل عن توفير سبل العيش للفرد العراقي والتلاعب بمصير ملايين العراقيين لتشجيع الفساد والمفسدين.

وطالبت الحكومة ومجلس النواب بالمباشرة فوراً بوضع أسس واضحة لسياسية اقتصادية ونقدية تصبّ في خدمة الشعب العراقي الكريم، وتعظم مداخيل المواطنين.. كما دعت الى زيادة مفردات البطاقة التموينية، لتشمل مواد غذائية جديدة، اضافة الى زيادة اوزان هذه المواد وتحسين نوعية كل مفردة مع تشديد الرقابة النوعية على هذه المواد من حيث الجودة والكم. وايدت الحركة ما قالت انها quot;مواقف مراجع الدين الكرام والاحزاب والشخصيات الوطنية بعدم صوابية هذا القرارquot;.

الحكيم يدعو إلى حماية المواطن من الاستغلال قبل إلغاء التموينية
من جهته دعا رئيس المجلس الأعلى الاسلامي عمّار الحكيم الحكومة الى توفير السبل الكفيلة بحماية المواطن العراقي من اشكال الاستغلال قبيل الغائها للبطاقة التموينية .

وطالب خلال مؤتمر ديني في النجف اليوم بعمل حكومي يوفر الحماية للمواطن العراقي منكل اشكال الاستغلال قبيل تطبيق قرارها بالغاء البطاقة التموينية، والعمل على وضع آلية واضحة وناجعة لكيفية توزيع الاموال التي استبدلت المواد الغذائية ndash; الـ15 الف دينار - بها وضمان عدم مواجهة المواطن لمصاعب إضافية من اجل حصوله عليها.

وتساءل الحكيم قائلاً quot;هل يستطيع الفقير ان يشتري ما يكفي من المواد الغذائية بخمسة عشر الف دينار، وكم اسعار تلك السلع في الاسواق، وهل لدينا منظومة اقتصادية تجارية قادرة على شراء تلك الكميات الكبيرة من الغذاء وادخالها الى السوق.. وهل لدينا شبكة مصرفية يستطيع ان يقبض من خلالها تلك المبالغ في القرى والارياف والمناطق البعيدة؟quot;.

كما تساءل عن quot;كيفية ضمان عدم سرقة تلك الاموال، لاسيما وان المواد الغذائية تحصل فيها عمليات فساد مالي واداري، فكيف اذا تحولت الى مبالغ نقدية؟quot;. وشدد على ضرورة وضع خطة تطمئن الجميع إلى أن تصل تلك الاموال الى يد الفقراء من ابناء الشعب ليستطيعوا من خلالها شراء السلع والمواد الغذائية الجيدة من الاسواق، ويختاروا منها الاصناف التي تناسبهم.

استبيان شعبي حول الغاء التموينية
من جانبها كشفت لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب عن وجود توجّه يقضي بان تقوم الحكومة بإجراء استبيان للعوائل العراقية لإقرار الإبقاء على البطاقة التموينية او تعويضها بالبدل النقدي، مشيرةً الى ان الحكومة ستكون مع غالبية ابناء الشعب في هذا القرار.

وقال عضو مجلس النواب ابراهيم الركابي عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار إن اللجنة درست خلال اجتماع لها قرار الحكومة باستبدال مفردات البطاقة التموينية بالبدل النقدي، حيث تم طرح وجهات نظر متباينة بين مؤيد ومعارض للقرار من قبل اعضاء اللجنة، الذين يمثلون جميع الكتل السياسية.

وكانت الحكومة العراقية قررت الثلاثاء الماضي استبدال النقد بالبطاقة التموينية، التي تعمل بها البلاد منذ فرض العقوبات الاقتصادية عام 1991، على أمل الحدّ من الفساد الذي يشوب هذا الملف. وقال علي الموسوي مستشار رئيس الوزراء نوري المالكي ان quot;مجلس الوزراء قرر استبدال مبلغ مالي يبلغ 15 الف دينار (12 دولار) لكل فرد شهريًا بالبطاقة التموينية اعتبارا من الاول من اذار (مارس) المقبلquot;.

وأشار الى ان quot;القرار جاء بعد دراسة دامت اكثر من سنتين، وتوصلت الحكومة الى ان احسن طريقة هي دفع النقد للمواطن. انها افضل طريقة لالغاء كل عمليات الفساد ويمكن تنفيذها بسهولةquot;.

وقال ان quot;سقف الحصة التموينية المحدد يبلغ 12 الف دينار (10 دولارات)، لكن في الحقيقة ستة الاف دينار تصل الى المواطن ضمن البطاقة حاليًاquot;. واكد المسؤول العراقي ان quot;الحكومة اعطت الوقت الكافي للتجار للبدء باستيراد المواد الغذائية المطلوبة، كما ووضعت آلية مشددة للحفاظ على اسعار هذه السلعquot;.

وقررت السلطات وضع ضوابط ملزمة لتسعيرة الطحين، بما يضمن عدم التلاعب بالأسعار، إبتداءاً من الاول من شهر آذار/مارس 2013، وتشكل لجنة برئاسة وزير التجارة وعضوية وزيري التخطيط والمالية ومحافظ بغداد وممثل عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء تتولى وضع ضوابط تنفيذ هذا القرار.

ومثلت البطاقة التموينية للعائلة العراقية خلال ايام الحصار، الذي دام حتى عام 2003، ملاذًا آمنًا لتأمين جانب محدد من المعيشة لأنها غطت الاحتياجات الضرورية للفرد العراقي، خاصة المواد الاساسية من طحين وارز وسكر وزيت.