التدهور السياسي والأمني في مصر واكبه تدهور خطير في البورصة المصرية، كبّدها خسائر فادحة خلال الأسابيع الماضية. ويؤكد المراقبون أن فرص التعافي ممكنة إن عاد الاستقرار إلى البلاد.


القاهرة: الرؤية المستقبلية للبورصة المصرية هي quot;أن تصبح السوق الرائدة في الشرق الأوسط ومنطقة شمال أفريقياquot;. لكن يبدو هذا الهدف صعب المنال في ظل اضطرابات سياسية لا تكاد مصر تخرج منها إلا وتدخلها من جديد.

استقرت مؤشرات البورصة المصرية في المنطقة الحمراء بشكل شبه كامل، على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، عقب الإعلان الدستوري الذي أعطى الرئيس المصري محمد مرسي لنفسه بموجبه صلاحيات مطلقة، واعتراض المعارضة بمظاهرات ومسيرات واعتصامات، اعقبتها صدامات دامية بين المؤيدين والمعارضين، فتحت جراحًا تنزف في قلب الوطن، وفي بورصته أيضًا.

خسائر البورصة

بدأت البورصة المصرية نزيفها من اليوم الأول، عقب الإعلان الدستوري، محققة أكبر خسارة في تاريخها بخسارتها نحو 4,7 مليارات دولار من رأسمالها السوقي. واقتربت مؤشراتها من تسجيل نسب الهبوط القصوى المسموح بها خلال الجلسة الواحدة والبالغة 10 في المئة.

استمر هذا النزيف طوال الأسبوع الأول، وتراجع مؤشر البورصة الرئيسي EGX30 نحو 11,6 في المئة، على الرغم من عمليات الشراء التي اعقبت خسائر البورصة، لينخفض رأس المال السوقي إلى 5,3 مليارات دولار حتى الآن.

وصف إيهاب سعيد، رئيس قسم البحوث بشركة أصول لتداول الأوراق المالية، الأسبوع الأول عقب الإعلان الدستوري بأنه الأسوأ في تاريخ البورصة. وقال لـ quot;إيلافquot;: quot;شهدت مؤشرات البورصة الثلاث تراجعات حادة، ليفقد مؤشر EGX70 للأسهم الصغيرة 52 نقطة، أي ما يقارب 11 في المئة.

كما فقد مؤشر السوق الرئيسي EGX30 نفس النسبة تقريبًا، أي ما يقارب 631 نقطة، وفقد المؤشر الثالث EGX100 نحو 92 نقطة.

مرآة السياسة

أضاف سعيد أن مؤشر البورصة في الأسبوعين التاليين لم يستقر، بل استمر أداؤه متذبذبًا بين الهبوط والصعود. وأوضح أن البورصة أول المؤشرات الاقتصادية التي تتأثر بالأحداث السياسية، quot;والوضع الحالي للبورصة لا يختلف عن حال باقي قطاعات الاقتصاد منذ ثورة يناير 2011، بسبب الحالة السياسية غير المستقرة في مصر، إذ شهدت البورصة المصرية صعودًا مستمرًا في أعقاب انتخابات رئاسة الجمهورية، ما دفعها لاحتلال المركز الأول بين بورصات العالم الأكثر ارتفاعًا، وهو الوضع الذي انعكس تمامًا بعد عودة الاضطرابات من جديد، لتتدهور البورصة من جديد وتحقق خسائر قياسيةquot;.

وتابع سعيد مؤكدًا أن رؤوس الأموال هربت من البورصة خلال الفترة الماضية، quot;ما خفض قيم واحجام التداولات، وجعل السوق تتجه للهبوط بشكل عامquot;. وأكد استمرار هذا الانخفاض طالما ظلت المليونيات في الشارع، لأنها دليل على عدم الاستقرار.

فرص متاحة

أكد محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، أن البورصة المصرية استطاعت تعويض خسائرها بعد أحداث الثورة، وتحقيق طفرة كبيرة في أسعار الأسهم وأداء المؤشرات، ما أدى الى وجود مصر على مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة، وبقائها فيه حتى الآن.

قال: quot;البورصة المصرية محل اهتمام عالمي، ومؤشراتها ستعود إلى الارتفاع، خصوصًا بعد الإعلان الدستوري الجديد الذي صدر السبت الماضيquot;.

وأضاف أن نتائج اليوم التالي جاءت إيجابية، مشيرًا إلى ارتفاع القيمة السوقية لرأسمال البورصة أمس الأحد بمقدار 1,8 مليار دولار، وإلى إمكانية استمرار هذا الصعود quot;طالما لا تصعيد بين القوي السياسية في الشارعquot;. وقال: quot;البورصة لن تكون جاذبة للاستثمار من دون استقرارquot;.

وأوضح عادل أن هناك فرصة أخرى أمام السوق المصرية، بالتعاون مع البورصات الخارجية التي عقدت معها اتفاقيات أخيرًا، مثل بورصتي اسطنبول ولندن، ما يمثل عوامل جذب للمستثمرين ستظهر نتائجها بمرور الوقت.