تزايدت أعداد السيّاح العرب والأجانب وارتفعت إشغالات الفنادق في إمارة أبوظبي في نهاية العام الماضي والعام الجاري بدرجة غير مسبوقة، حيث أن إمارة دبي هي التي كانت تستقطب على غالبية السيّاح القادمين إلى دولة الامارات ولم يكن لأبوظبي نصيب جيد من السياحة من قبل.


الامارات تتضمن العديد من الخدمات الترفيهية الجاذبة للسياح من كافة انحاء العالم

ابو ظبي: على الرغم من أن الكثير من المحللين يرون أن ما حدث من حالة عدم استقرار أمني وسياسي في دول quot;الربيع العربيquot;، التي كانت تجتذب أعدادًا مرتفعة من السيّاح العرب والأجانب مثل تونس ومصر وسوريا،أدى إلى انتعاش السياحة إلى درجة غير متوقعة في الإمارات المستقرة أمنيًا وسياسيًا، وأن ذلك الانتعاش الذي يشهده قطاع السياحة في الإمارات وفي أبوظبي تحديدًا سوف يقل تدريجيًا مع عودة الاستقرار إلى دول الربيع العربي الجاذبة للسيّاح. إلا أن بعض خبراء السياحة في الإمارات يؤكدون أن الانتعاش السياحي الذي تعيشه أبوظبي حاليًا لن تنخفض معدلاته أو مؤشراته بعد عودة الاستقرار والأمن إلى دول الربيع العربي مرة أخرى، وذلك لأن قطاع السياحة في الإمارة يسير وفق خطة سياحية استراتيجية قائمة على استقطاب المزيد من السيّاح في المستقبل، وذلك في ضوء سياحة المؤتمرات والأعمال والفعاليات والمهرجانات التي تسعى الإمارة إلى تنشيطها لتكون ممتدة ومستمرة على مدار العام من أجل تنويع الاقتصاد وتعدد مصادر الدخل القومي.

خطة سياحية استراتيجية لأبوظبي

ومن جانبه، أكد سعيد حمدان الطنيجي، مدير الإعلام في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة لـquot;إيلافquot;، أن إمارة أبوظبي استطاعت أن تحقق انتعاشًا سياحيًا كبيرًا لم تشهده منذ سنوات طويلة، حيث تعمل الإمارة وفق خطة سياحية استراتيجية عبر عملية ترويج الفعاليات والمعارض والمؤتمرات المختلفة التي تنظمها أو تستضيفها بشكل متواصل.

موضحًا أن السياحة في أبوظبي قد زادت بالفعل بسبب أحداث الربيع العربي، ولكنه أكد أن أوضاع السياحة في الإمارة لن تتأثر سلبًا في حال عودة الاستقرار إلى الدول التي كانت جاذبة للسياحة قبل حدوث quot;الربيع العربيquot;، مثل مصر وتونس وسوريا، وذلك لأن الإمارة تعتمد على استمرار سياحة المؤتمرات والأعمال والمعارض التي يتم تنشيطها وترويجها من قبل الهيئة طوال العام بشكل مكثف وفق خطط مدروسة في داخل الدولة وخارجها.

وقال الطنيجي إن للإمارة أسواقاً رئيسية تستطيع جذب السيّاح من خلالها مثل السوق الأوروبية التي إزداد عدد السيّاح القادمين منها بشكل كبير في الآونة الأخيرة، إضافة إلى السوق الخليجية والسعودية خصوصًا حيث ارتفع كذلك عدد السياح السعوديين القادمين إلى الإمارات بصورة ملحوظة.

مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن مقومات السياحة في أبوظبي أصبحت قوية ومتينة جدًا فهناك منتجعات سياحية خلابة وطفرة عمرانية ومنشآت فندقية كبيرة وبنية تحتية قوية ومزارات سياحية متميزة مثل مسجد الشيخ زايد الكبير ووجود ملاعب الجولف وسباقات الفورمولا ون وغيرها، وكلها ساهمت في ازدهار القطاع السياحي في الإمارة عبر سياحة الأعمال أو السياحة الترفيهية أو الرياضية.

وأشار إلى أن إحصاءات quot;هيئة أبوظبي للسياحة والثقافةquot; أظهرت أن قطاع السياحة في أبوظبي سجل نموًا بنسبة 5% في عدد نزلاء منشآتها الفندقية خلال شهر فبراير الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام 2011، كما ارتفع عدد الليالي الفندقية بنسبة 5% في الفترة ذاتها. وأظهرت كذلك أن 184.296 نزيلاً أمضوا 550.352 ليلة في الفنادق والمنتجعات والشقق الفندقية في الإمارة خلال شهر فبراير 2012.

فنادق ومنتجعات جديدة تهدف إلى جذب 2.3 مليون نزيل

وأضاف الطنيجي أن القطاع السياحي حقق نتائج سنوية قياسية خلال العام الماضي 2011، مع استقبال الفنادق والشقق الفندقية في الإمارة لأكثر من2 مليون و100 ألف نزيل بنسبة نمو بلغت 17% تقريبًا، وهو ما تجاوز الأهداف الموضوعة من قبل. موضحًا أن القطاع حقق نموًا على مؤشرات الأداء الرئيسية حيث ارتفع عدد الليالي الفندقية بنسبة 22% إلى 6.3 ملايين ليلة، ومستويات الإشغال بنسبة 7% إلى 69%، والعوائد بنسبة 3% إلى 4.3 مليارات درهم، ومتوسط فترات الإقامة الفندقية بنسبة 5% إلى 2.97 ليالٍ، وإجمالي عوائد الغرف الفندقية بنسبة 2% إلى 2.3 مليار درهم، وذلك رغم انخفاض متوسط سعر الغرفة بنسبة 14% إلى 490 درهمًا. وازدادت عوائد أنشطة الأطعمة والمشروبات بنسبة 6% إلى 1.6 مليار درهم.

وأشار الطنيجي إلى أن هيئة السياحة في الإمارة تعمل على تدشين فنادق ومنتجعات جديدة في مختلف أنحاء الإمارة، ومنها منشآت شاطئية فاخرة في quot;جزيرة السعدياتquot;، وأن الهيئة افتتحت مكاتب ترويج خارجي للوجهة السياحية في الولايات المتحدة وروسيا وفي بعض الدول الآسيوية. مبينًا أن الهيئة تسعى العام الجاري إلى الوصول إلى استقطاب 2.3 مليون نزيل فندقي. وذلك بعد حصول أبوظبي على لقب quot;أفضل وجهة سياحية للجولف في أفريقيا والخليج للعام 2012quot; من quot;الاتحاد الدولي لوكلاء سياحة الجولفquot;.

وذكر أن السياحة الداخلية شكلت 39% من إجمالي عدد نزلاء فنادق أبوظبي في العام الماضي، في حين قدمت دول مجلس التعاون الخليجي وبينها الإمارات 45% من نزلاء المنشآت الفندقية في الإمارة، وارتفع عدد النزلاء السعوديين بنسبة 58% إلى 60.991 نزيلاً، أما الدول العربية غير الخليجية فقدمت11%، والآسيوية 14%، والأوروبية 18%.

ولفت الطنيجي إلى أن الإسهام الاقتصادي المباشر لفعاليات الأعمال في الإمارة سيرتفع بنسبة 7% سنويًا خلال السنوات الثماني المقبلة ليصل إلى 5.1 مليارات درهم بحلول العام 2020. وأنه إذا استمر انتعاش قطاع سياحة المؤتمرات والمعارض والحوافز والأعمال خلال السنوات الثماني المقبلة، ستصبح أبوظبي وجهة إقليمية رائدة للمؤتمرات والاجتماعات بحلول العام 2015، وستكون من بين أفضل 100 وجهة عالمية في هذا المجال.

ابو ظبي تستقطب سنويًا العديد من المؤتمرات

وبين أن أبوظبي مؤهلة أكثر من أي وقت مضى لاجتذاب واحتضان أبرز الفعاليات والمؤتمرات، وذلك لأنه يوجد فيها حاليًا ما يزيد عن 20 ألف غرفة فندقية متوزعة على 127 فندقًا ومنتجعًا وشقة فندقية في مختلف أنحاء الإمارة.

وقال الطنيجي إن أبوظبي ستستضيف عدةمؤتمرات كبرى في الفترة المقبلة في إطار سياحة المؤتمرات مثل المنتدى الثامن عشر لتطوير خطوط الطيران الدولية خلال الفترة من 30 سبتمبر- 3 أكتوبر المقبل في مركز أبوظبي للوطني للمعارض بحضور ما بين 3500 - 4000 مشارك، ويتراوح الأثر الاقتصادي المتوقع من 60 مليوناً إلى80 مليون درهم. وquot;مؤتمر الاتحاد الدولي لصناعة المعارضquot; في الفترة من 6-9 نوفمبر 2012 في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، إضافة إلى القمة العالمية للسفر والسياحة - مجلس السفر والسياحة العالمي في العام المقبل 2013. ومؤتمر آسيا والباسيفيك لطب القلب في الفترة من 30 أبريل إلى 5 مايو 2013 بحضور حوالي 3 آلاف مشارك، ويصل الأثر الاقتصادي المتوقع لهذا المؤتمر إلى 70 مليون درهم، إضافة إلى مؤتمر الاتحاد العالمي لحدائق الحيوان والأحواض المائية في quot;متنزه ومنتجع العين للحياة البريةquot;.

أسعار تنافسية.. وانتعاش مستمر

ومن جهته، أوضح هاني أحمد، مدير تطوير الأعمال في فنادق هيلتون في أبوظبي لـquot;إيلافquot;، أن السياحة في الإمارات مستقرة وفي انتعاش مستمر، وأن السياحة في أبوظبي تتنوع بين سياحة الأعمال التي تشكل 30% وسياحة العقود التجارية التي تشكل 50%، فضلاً عن السياحة الترفيهية التي تزيد في فترة الشتاء وتستقطب عددًا كبيرًا من الأوروبيين والأميركيين، حيث تصل معدلات إشغال الفنادق في تلك الفترة إلى 100%.

وأكد أحمد أنه لا يتوقع أن تنخفض معدلات السياحة في أبوظبي في حال عودة النشاط السياحي إلى دول الربيع العربي، وذلك لأن الإمارة وضعت بنية سياحية قوية وعملت على إنشاء المزيد من الفنادق والمنتجعات العالمية، فضلاً عن أنها تحولت إلى مركز أعمال عالمي، وهو ما يؤهلها للمنافسة بقوة على الخريطة السياحية العالمية.

مشيرًا إلى أن ازدهار دبي سياحيًا ووصول معدلات إشغال الفنادق فيها إلى معدلات مرتفعة جدًا العام الماضي والعام الجاري وزيادة الضغط عليها ساعد على ازدهار فنادق أبوظبي أيضًا، مضيفًا أن هيئة السياحة في أبوظبي عملت في الآونة الأخيرة على بناء سوق تسويقية سياحية عالية المستوى في معظم دول العالم لاستقطاب أعداد أكبر من الزوار، وذلك عبر المعارض المتواصلة التي تنظمها الإمارة وبناء معالم سياحية فريدة مثل منارة السعديات وعالم فيراري وتحديث كورنيش أبوظبي، علاوة على مسجد الشيخ زايد الكبير.

وذكر أحمد أن الأسعار التنافسية للفنادق في الإمارة ساهمت في زيادة عدد السيّاح حيث يصل الحد الأقصى لأسعار الفنادق في فترة الذروة وتحديدًا فترة الشتاء إلى نحو 2500 درهم للجناح وما بين 1900-2000 درهم للغرفة الواحدة. أما أسعار فصل الصيف في quot;شهري يوليو وأغسطسquot; فتقدر بـ800 درهم تقريبًا للجناح وبنحو 400 درهم للغرفة الواحدة.

هيئة أبوظبي للسياحة

وتجدر الإشارة إلى أن هيئة أبوظبي للسياحة تأسست في سبتمبر العام 2004، وهي تعمل على تطوير وبناء الصناعة السياحية في إمارة أبوظبي. وهي مفوضة لتتولى قطاعات رئيسية منها: تسويق أبوظبي كوجهة سياحية وتطوير المنتج السياحي فيها واقتراح التشريعات القانونية اللازمة، كما تتولى الهيئة شؤون التراخيص السياحية وتصنيفات الجهات السياحية ومراقبة أدائها.كما أنهاتؤدي دورًا رئيسيًا في تضافر الجهود للتسويق الدولي للإمارة من خلال التنسيق المباشر مع المؤسسات الفندقية والشركات السياحية في الإمارة وخطوط الطيران والجهات ذات الصلة من القطاع العام والخاص.