روما: 'سجلت أسعار الفائدة على سندات الخزانة الإيطالية ارتفاعا جديدا الأسبوع الحالي لترتفع تكاليف اقتراض الحكومة الإيطالية من أسواق المال في الوقت الذي يتردد فيه أن حكومة رئيس الوزراء ماريو مونتي لا تبذل من الجهد مايكفي لإصلاح قوانين العمل من أجل تشجيع الاستثمار وتعزيز النمو الاقتصادي. من ناحيته أرجع وزير التنمية الاقتصادية الإيطالي، كورادو باسيرا، ارتفاع الفائدة على السندات الإيطالية إلى عوامل خارجية، منها تزايد مخاوف الأسواق بشأن الديون السيادية لأسبانيا، العضو في منطقة اليورو.

وقال باسيرا أمس الأول إن أوروبا تواجه المصاعب مجددا ولكن إيطاليا، لحسن الحظ، أكثر استعدادا وتنظيما''للمواجهة، مما كان عليه الحال قبل أشهر قليلة. جاءت تصريحات باسيرا بعد وقت قصير من نجاح الحكومة الإيطالية في بيع الطرح الأخير من سندات الخزانة بقيمة 11 مليار يورو (14.4 مليار دولار) ولكن بمتوسط فائدة يزيد عن الضعف قبل شهر. ورفض باسيرا أي ربط بين تراجع ثقة المستثمرين في سندات الخزانة الإيطالية''والانتقادات التي تعرضت لها في الآونة الاخيرة جهود الحكومة لإصلاح سوق العمل، بما في ذلك انتقادات''إيما مارسيغاغليا'رئيسة التجمع الرئيسي للشركات الصناعية في إيطاليا.


ففي مقابلة مع صحيفة (فاينانشيال تايمز) البريطانية الأسبوع الماضي وصفت مارسيغاغليا''مشروع قانون إصلاح سوق العمل الذي قدمته حكومة مونتي للبرلمان مؤخرا بأنه 'سيء للغاية'. كان تم التوصل إلى مشروع قانون لاصلاح سوق العمل عقب مفاوضات اللحظة الاخيرة بين الأحزاب الرئيسية في إيطاليا. ومن الأحزاب التي شاركت في المفاوضات الحزب الديمقراطي الذي يمثل يسار الوسط، وهو صاحب ثاني أكبر كتلة برلمانية حيث هدد الحكومة بأنه لن يواصل تأييدها مالم تتم مراجعة المسودة الأولى لمشروع القانون.


وقالت مارسيغاغليا التي شاركت إلى جانب رؤساء النقابات العمالية في المفاوضات حول مشروع القانون إن المسودة النهائية التي تم رفعها إلى البرلمان ليست تلك التي وافقوا عليها أثناء المحادثات.
وقد أدت التعديلات التي تم إدخالها على مسودة مشروع القانون إلى تعديل المادة 18 التي كانت تعطي في البداية الحق للشركات في تسريح العمالة دون وجود احتمال لمقاضاتها من قبل العمال المفصولين.
ولكن هذه المادة صارت في المسودة المعدلة تتيح للقاضي إلزام الشركات بإعادة العمال المسرحين في حال ثبت أن الشركة استندت إلى مبررات اقتصادية غير صحيحة لخفض العمالة. يقول معارضو حكومة مونتي، مثل مارسيغاغليا، إن مشروع القانون الجديد يزيد القيود المفروضة على الشركات عندما يكون القضاة، وليس الشركات، أصحاب الحق في تحديد ما إذا كان يجب الاستغناء عن العمال.


وتقول وسائل الإعلام الإيطالية إن مونتي أعرب في جلسات خاصة عن غضبه إزاء تصريحات'مارسيغاغليا واتهمها بالمسئولية عن تدهور صورة إيطاليا في أسواق المال العالمية. ولكن مكتب رئيس الحكومة بدا وكأنه ينفي هذه التقارير عندما اصدر بيانا قال فيه إن موتني لم يعلق على أسعار الفائدة على السندات الإيطالية ولا على الفائدة التي يطلبها المستثمرون على استثماراتهم في الديون الإيطالية مقارنة بالفائدة على الديون السيادية لألمانيا. كان مونتي، المفوض الأوروبي السابق، تولى رئاسة الحكومة الإيطالية خلفا لرئيس الوزراء سلفيو برلسكوني في تشرين ثاني/نوفمبر الماضي، في ذروة أزمة الديون الإيطالية التي أدت إلى ارتفاع أسعار الفائدة على سندات الخزانة إلى مستوى قياسي.

وبعد تقديم حزمة إجراءات تقشفية صارمة شملت خفضا للإنفاق''وزيادة في الضرائب''بهدف خفض عجز الميزانية، شدد مونتي بعد ذلك على الحاجة إلى إصلاحات هيكلية لمساعدة''البلاد في الخروج من دائرة الركود الاقتصادي، وهو الركود الثاني الذي تشهده إيطاليا خلال ثلاث سنوات، وكذلك من أجل خفض معدل البطالة وبخاصة بين الشباب.
وفي عام 2010 كان حوالي 57' من الإيطاليين في سن العمل، يعملون بالفعل. حيث أصبح معدل البطالة في إيطاليا احد أعلى معدلات البطالة في دول الاتحاد الأوروبي بحيث لم يزد عليه سوى معدل البطالة في أسبانيا والبرتغال واليونان وسلوفاكيا. ولكن ألبرتو ألسينا أستاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد الأمريكية يقول إن إصلاحات سوق العمل الإيطالية فقدت تأثيرها حتى قبل أن تصل إلى البرلمان لإقرارها حيث يمكن تعديلها بصورة أكبر من خلال البرلمان لتصبح أبعد ما يكون عن الصياغة التي كانت أسواق المال تأملها.