فشلت الجهود الأوروبية في إيجاد حل لأزمة الديون السيادية المتزايدة في تهدئة مشاعر القلق التي تهيمن على السوق في القارة العجوز، وأشارت حالة الشكوك المثارة بشأن اليونان إلى تواصل حالة التقلب التي تعيشها الأسواق خلال الأسبوع الحالي.


من بين العلامات التحذيرية الجديدة، ارتفاع تكلفة اقتراض إيطاليا إلى أعلى معدل منذ استعانة البلاد بالعملة الأوروبية الموحدة quot;اليوروquot;. فيما اشتملت العلامات الأخرى على تلك الضغوط، التي يتم حشدها حالياً على النظام المصرفي الأوروبي. ورغم عدم وصول تلك الضغوطات إلى المستوى الذي كانت عليه إبان الأزمة المالية، التي وقعت عام 2008، إلا أن محللين رأوا أنه حين تتجمد بعض الأسواق تماماً في الولايات المتحدة، فإن تلك الضغوطات تتزايد بما فيه الكفاية لكي تثير حالة من القلق.

وحتى مع وصول اليونان إلى اتفاق يوم أمس الأحد بشأن تشكيل حكومة ائتلافية تعنى بتجنب انهيار أحدث خطط إنقاذ منطقة اليورو، أشارت صحيفة quot;النيويورك تايمزquot; الأميركية في عددها الصادر اليوم الاثنين إلى أن المستثمرين ما زالوا يرغبون في تحقيق قدر أكبر من اليقين بشأن الطريقة التي ستلتزم بها أوروبا في ما يتعلق بحزمة الإنقاذ التي تهدف إلى منع انتقال العدوى المالية اليونانية إلى ايطاليا وإسبانيا.

نقلت الصحيفة في هذا الشأن عن مارك لوسكيني، الخبير الاستراتيجي الأول في جاني مونتغومري سكوت بشأن تحول القيادة السياسية في اليونان، قوله: quot;هذا جزء من عملية جانبية. وسوف تتفاعل الأسواق إيجاباً مع ذلك، لكنها لن تنتعش بشكل كبير مع تلك الأخبار. والقضية الأكبر الآن هي تلك المتعلقة بالمشكلة الايطاليةquot;.

إلى ذلك، أوضحت الصحيفة أن أسواق الائتمان في الولايات المتحدة تعرضت لحالة من الضغط في وقت مبكر من العام الجاري أثناء حدوث مواجهة سياسية بشأن سقف الدين وخفض تصنيفات دين البلاد على المدى البعيد من جانب وكالة ستاندرد آند بورز، غير أن الظروف بدأت تتحسن منذ ذلك الوقت.

وتوقع محللون أنه من المحتمل ان تظل البنوك الأوروبية قلقة بشأن إقراض بعضها البعض، وأن يستمر المستثمرون في طلب أسعار فائدة مرتفعة على القروض التي تقدر بمليارات اليوروهات وتحتاجها ايطاليا كل شهر للإبقاء على اقتصادها نشطاً وواقفاً على قدميه.

في السياق عينه، أبدى محللون تخوفهم من أنه إذا استمرت أسعار الفائدة على الديون الإيطالية في الارتفاع، فقد تفقد البلاد قدرتها على تحمل تكاليف الاقتراض في الأسواق المفتوحة، وأنه سيتعين عليها بدلاً من ذلك أن تعود إلى مقرضين رسميين مثل الاتحاد الأوروبي أو صندوق النقد الدولي.

وقال هنا مارك ماكورميك، خبير العملات الاستراتيجي في براون براذرز هاريمان quot;المعدل الأخير هذا عبارة عن تحذير. فأنا أرى من وجهة نظري أن بلوغ نسبة قدرها 7 % ستكون نقطة اللاعودةquot;. وقالت الصحيفة إن البنك المركزي الأوروبي يتيح معياراً آخر لأجواء القلق التي تعيشها أوروبا ndash; من خلال كمية السندات السيادية التي تشتريها اليوم بصورة يومية تقريباً.

ويحاول المصرف أن يتيح سوقاً لديون دول مثل إيطاليا ومنع ارتفاع أسعار الفائدة إلى مستويات قاسية. وتابعت الصحيفة بالقول إن كمية الديون السيادية التي يمتلكها البنك المركزي زادت عن الضعف هذا العام، بعدما وصلت إلى أكثر من 150 مليار يورو.

ويرى كثير من المحللين أن البنك سيتعين عليه أن يشتري سندات على نطاق أكبر لمنع أسعار الفائدة من الارتفاع، ناهيك عن دفع العائدات للانخفاض بشكل كبير. وطلبت البنوك الأوروبية، القلقة بشأن تعرض بعضها الآخر للديون السيئة، سعر فائدة مرتفع على نحو متزايد لإقراض اليوروهات لبعضها البعض. كما بدأت تنضب مصادر الدولارات هي الأخرى منذ شهر أيار/ مايو الماضي، مع تراجع صناديق سوق المال في الولايات المتحدة عن شراء الديون قصيرة الأجل للبنوك الأوروبية.

وأوضح في هذا الصدد أليكس رويفر، المتابع لأسواق الائتمان قصيرة الأجل لبنك جيه بي مورغان تشيس، أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في بروكسل بشأن أحدث خطط إنقاذ منطقة اليورو لم يقنع صناديق سوق المال بالعودة مرة أخرى إلى السوق الأوروبية. وعوضاً من ذلك، بات يتعين على الكثير من البنوك أن تحول وجهتها إلى سوق الصرف الأجنبي المفتوحة، حيث ارتفعت تكلفة مقايضة اليوروهات بالدولارات، في علامة تحذيرية أخرى بشأن عملية أسواق المال، مع أن التكلفة لا تزال أقل من المستويات التي كانت عليها نهاية عام 2008.

فيما أشار مايكل غابن من باركليز كابيتال في نيويورك إلى أنه يفضل مقايضات العجز عن سداد الائتمان كمؤشر على المخاطر السيادية، وعلل ذلك بأن المقايضات تقدم مقياساً لتكلفة التأمين ضد التخلف عن سداد الدين.

في الختام، نقلت الصحيفة عن محمد العريان، الرئيس التنفيذي لشركة بيمكو العملاقة في مجال استثمار السندات، قوله: quot;تأمل الأسواق وتتطلع إلى تشكيل حكومة يونانية مستقرة قادرة على تعزيز الدعم الداخلي والخارجي. وأتوقع صعوبات تواجهها الحكومة الائتلافية التي يُنظَر إليها على أنها انتقالية نحو انتخابات جديدةquot;.