بروكسل/واشنطن:مرت أربع سنوات تقريبا منذ أن دفع انهيار بنك الاستثمار الأمريكي العملاق ليمان براذرز العالم في خضم اضطراب اقتصادي، لكن كثيرا من لاعبيه الكبار لا يزالون يحاولون شق طريقهم مرة أخرى للخروج من الأزمة المالية. وبرزت أوروبا كمشكلة عويصة أساسية، وتحاول يائسة درء التكهنات بأن الأسوأ لم يأت بعد، حتى في ظل أن عددا كبيرا من مصارفها وثلاثة بلدان بها تعتمد بالفعل على الإنقاذ المالي. وفي ظل خوف مستثمرين من انهيار مالي يوناني، يفضل قادةمن مجموعة الدول الثمانية الصناعية أن تهيمن المشكلات الاقتصادية الأوروبية على محادثاتهم يومي الجمعة والسبت المقبلين، على الرغم من تنافس قضايا ملحة مثل سورية وأفغانستان لجذب الاهتمام.


وقال مسئول بالاتحاد الأوروبي، اشترط عدم ذكر اسمه، في بروكسل إن 'أزمة منطقة اليورو تظهر جلية مرة أخرى'. ونقل الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي يستضيف قمة مجموعة الثماني هذا العام، مكان انعقاد القمة قبل أسابيع فقط إلى المنتجع الرئاسي الريفي في كامب ديفيد بولاية ميريلاند، حيث يأمل البيت الأبيض في أن يستفيد زعماء من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان وكندا وبريطانيا وروسيا من مكان أكثر حميمية بعيدا عن ضغوط معظم وسائل الإعلام والمتظاهرين المحتملين. ويتوقع أن تتسرب القضايا الاقتصادية لاجتماع لقادة حلف شمال الأطلسي(ناتو) الثمانية والعشرين والذي يعقد مباشرة في مسقط رأس أوباما بمدينة شيكاغو بعد انتهاء مؤتمر مجموعة الثمانية، حيث يسعى الحلف جاهدا للحفاظ على قوته العسكرية في ظل خفض الدول الأعضاء التي تحيط بها الأزمات لميزانيات الدفاع بها. وأعرب أعضاء الكونغرس الأمريكي، الذين يواجهون ضغوطا مالية تسببوا فيها وخفض إلزامي لنفقات الدفاع، عن قلقهم من أن الحلفاء الأوروبيين لا يبذلون جهدا كافيا في الحلف.


وجزء من استجابتها هو مفهوم تجميع ومشاركة جديد يعرف باسم 'الدفاع الذكي' والذي سيظهر للمرة الأولى في شيكاغو. لكن أبرز القضايا على مائدة محادثات حلف الأطلسي ستكون أفغانستان. وستؤدي مشاركة نحو 60 دولة ومنظمة في هذه المناقشة إلى جعل القمة الأكبر في تاريخ الحلف العسكري. وقال أندريس فوج راسموسن، الأمين العام لحلف الناتو 'نعم، الأزمة الاقتصادية تهيمن في الوقت الحالي على عناوين الأخبار... حلفنا لا يزال مصدرا أساسيا للاستقرار في عالم لا يمكن التنبؤ به'. وسيركز القادة في قمة الناتو التي تعقد يومي 20 و21 آيار/مايو الجاري على شكل المشاركة في أفغانستان بعد الانتهاء المقرر للدور القتالي للحلف في عام 2014. ومع هذا تعهد الرئيس الفرنسي المنتخب حديثا فرانسوا أولاند على سحب قوات بلاده هذا العام. وتتنامى ضغوط سياسية في أنحاء متفرقة لإنهاء التدخل في أفغانستان، ما يترك القادة أمام حاجة لتحقيق التوازن بين احتياجات الأفغان وإعادة القوات للبلاد. وتستهدف الولايات المتحدة سحب قواتها بحلول عام 2014 من أفغانستان، وفقا للأوضاع على الأرض، حيث تكافح الحكومة الأفغانية المدعومة من الغرب تحت قيادة الرئيس حامد كرزاي لمكافحة مسلحي حركة طالبان.


وفي وقت سابق هذا الشهر أجرى أوباما زيارة مفاجئة إلى كابول لتوقيع اتفاقية استراتيجية تحدد مستقبل التدخل الأمريكي في البلاد حتى عام 2024. وسيكون أولاند محط الاهتمام في قمة مجموعة الثماني في كامب ديفيد - وهو أول ظهور له في الدبلوماسية الدولية منذ انتخابه - نظرا لتعهده بتوجيه الاتحاد الأوروبي بعيدا عن مساره بالتزام إجراءات تقشف صارمة، ما يضعه في مسار تصادمي مع ألمانيا. وسيجري أولاند محادثات ثنائية مع أوباما قبل انعقاد القمتين. كما أثارت الانتخابات اليونانية التي شهدت ظهورا قويا لأحزاب سياسية مناهضة للتقشف، اضطرابا في الوضع الراهن. وقال رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي، الذي يحضر القمتين إن ' كثيرا من الأوروبيين يشعرون بالقلق، يشعرون بالقلق على وظائفهم أو الوظائف المستقبلية لابنائهم، يشعرون بالقلق على مستقبل مجتمعنا في عالم متغير... أمور كثيرة على المحك'. كما يلاحظ غياب فلادمير بوتين، الذي انتخب مرة أخرى رئيسا لروسيا، عن قمة مجموعة الثماني مشيرا إلى الحاجة لتشكيل حكومة. وبدلا من ذلك بعث سلفه والذي يشغل الآن منصب رئيس وزراء روسيا دميتري ميدفيديف. وأثار القرار تساؤلات بشأن ازدراء محتمل لواشنطن، على الرغم من أن البيت الأبيض أصر على أنه لا يوجد أي شيء من هذا القبيل متعمدا.