في الوقت الذي تترنّح فيه عضوية اليونان في منطقة اليورو وتتزايد المخاوف من حدوث إعسار مصرفي ويتشاحن القادة الأوروبيون بشأن الخطوات التي يجب أن يتبعوها، بدأت تحتدم أزمة اليورو من جديد وتهدد بتقويض النمو الهشّ على مستوى العالم.


الرئيس الفرنسي هولاند متحدثاً للصحافيين في بروكسل الأربعاء

أشرف أبوجلالة من القاهرة: في قمة عقدت أول أمس الأربعاء في بروكسل، فشل قادة منطقة اليورو في الإشارة إلى نجاحهم في التوصل إلى أية خطوات مهمة جديدة لحفز اقتصاد المنطقة الأخرق أو تسوية جداول الأعمال المتضاربة للرئيس الفرنسي الجديد، فرانسوا هولاند، الذي يفضل اتخاذ إجراءات أشد لحفز النمو، وكذلك المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي تعارض اتخاذ إجراءات صارمة لتخفيف الضغط على اقتصاديات أوروبا الضعيفة.

لكن صحيفة النيويورك تايمز الأميركية أشارت في تقرير لها ضمن هذا السياق إلى أن الحاجة إلى حل أزمة ديون المنطقة، المتواصلة لعامها الثالث الآن، لم يسبق أن كانت كبيرة من قبل.

وبينما بدأ يحذر المراقبون الاقتصاديون الدوليون من أن القارة قد تنجرف مرة أخرى صوب موجة من الركود، فقد شاهدت إسبانيا تكاليف اقتراضها وهي تتصاعد صوب مستويات لا يمكن تحملها، بالاتساق مع تزايد مشاعر القلق بشأن تردي القطاع المصرفي للبلاد.

ومازالت المخاوف تنمو من أنه سيكون من الصعب تجنب حدوث انفصال فوضوي بين اليونان ومنطقة اليورو، مع استمرار وجود تداعيات غير متوقعة بالنسبة إلى الأسواق وباقي الاقتصاديات الأوروبية المتعثرة، بما في ذلك اقتصاديات إسبانيا وإيطاليا.

وفي مؤتمر تم تنظيمه عبر الهاتف يوم الاثنين الماضي، طُلِب من مسؤولي وزارات المالية من دول منطقة اليورو أن يتأكدوا من وضع خطط طوارئ لكل الاحتمالات، بما فيها احتمالية خروج اليونان من منطقة اليورو، وفقاً لما ذكره مسؤول أوروبي مطلع.

وقال توماس كولي، أستاذ الاقتصاد في كلية ستيرن للأعمال في جامعة نيويورك: quot;لديك أزمة ديون، وأزمة مصرفية، وأزمة سياسية. وهذه هي الأزمات الثلاث التي تحدث معاً في وقت واحد. وأي شيء يقوّض الثقة في النظام المالي يعتبر أمراً سيئاً، ليس فقط للنظام المالي الأوروبي بمفرده، وإنما للنظام المالي الأميركي كذلكquot;.

ومضت الصحيفة تؤكد أن المشكلات التي تعاني منها أوروبا تشكل تهديداً على خطط إعادة انتخاب الرئيس أوباما كذلك، لأن الركود الأعمق هناك قد يجرّ اقتصاد الولايات المتحدة إلى أسفل، كما حدث قبل عام. وفي تقرير صدر حديثاً، أشارت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى ركود أوروبا المحتمل باعتباره التهديد الأبرز على النمو العالمي.

وقد حاول بعض القادة الأوروبيين أن يخفضوا من سقف التوقعات بالنسبة إلى اجتماع أول أمس الأربعاء، حيث قالوا إنه مجرد تمهيد لاجتماع آخر رسمي في نهاية الشهر المقبل. لكن في إشارة دالة على تنامي الانقسامات، قال هولاند، الذي سبق أن أعلن عن دعمه لسندات اليورو، قبل الاجتماع، إن على منطقة اليورو أن تظهر أن بوسعها دعم اليونان.

وتابعت الصحيفة بقولها إن مهمة القادة الأوروبيين الأكثر أهمية قد تكون السعي إلى إخماد الصراعات الداخلية بينهم. وقال مسؤولون ألمان إن ميركل التقت لفترة وجيزة، فور وصولها الى بروكسل أول أمس، رئيس وزراء تصريف الأعمال اليوناني، باناجيوتيس بيكرامينوس.

وأضافوا أن ميركل أخبرته أن ألمانيا ستفعل ما بوسعها من أجل مساعدة اليونان، وأشارت، كما سبق لها من قبل، إلى أن أثينا ستكون مطالبة بالالتزام بالاتفاقات التي أبرمتها مع مقرضيها.

وحذر أخيرًا المصرف المركزي الألماني من أن الوضع في اليونان quot;مقلق للغايةquot;، وأن تخفيف بنود اتفاق خطة إنقاذ اليونان quot;سيضرّ بالثقة في كل اتفاقات ومعاهدات منطقة اليورو، وسيضعف بشدة حوافز الإصلاح الوطني وتدابير التوحيد والاندماجquot;.