واشنطن:ذكر صندوق النقد الدولي امس الأربعاء أن معدل نمو الاقتصاد الصيني إلى 'الهبوط الناعم' لكنه يواجه مخاطر تداعيات أزمة ديون منطقة اليورو. يذكر أن 'الهبوط الناعم' يعني تراجع معدل النمو الاقتصادي من المستويات شديدة الارتفاع والتي لا يمكن استمرارها على المدى الطويل إلى المستويات المقبولة والقابلة للاستمرار.


وفي تقرير له عن أوضاع الاقتصاد الصيني ذكر صندوق النقد ومقره واشنطن أن أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان ستشهد نموا اقتصاديا 'معتدلا' خلال العام الحالي قدره 8' من إجمالي الناتج المحلي وهو معدل يبدو عاليا للغاية في أي مكان آخر من العالم.
ومع معاناة منطقة اليورو من الركود وضعف أداء الاقتصاد الأمريكي تصبح الصين قاطرة النمو الاقتصادي في العالم. وأشار الصندوق إلى أن تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني الآن هو نتيجة لخطة بكين الرامية إلى خفض معدل النمو إلى مستويات أكثر استدامة وخفض معدل التضخم إلى حوالي 3.5' وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي. كما اشار إلى أن تدهور الأزمة في منطقة اليورو يمكن أن يمثل خطرا على آفاق الاقتصاد الصيني.


أما المخاطر المحلية التي تهدد الاقتصاد الصيني وفقا لصندوق النقد فتشمل قطاع العقارات والنظام المصرفي الصيني واتزان ميزانيات الحكومات المحلية. وإذا تدهورت أزمة اليورو وغيرها من المؤثرات الخارجية فإن الصين سترد بقوة للحفاظ على نموها الاقتصادي بالاعتماد على الإنفاق المحلي.


وجدد صندوق النقد دعوته للصين من أجل تحويل اقتصادها من الاعتماد على التصدير والاستثمارات إلى الاعتماد على الطلب المحلي والذي يؤدي إلى تحسن مستدام في مستوى المعيشة ويحقق نموا أكثر توازنا واستدامة وشمولا. ومع ذلك أشاد التقرير بالانخفاض الكبير في فائض الحساب الجاري للصين منذ 2007 . وتوقع تقرير الصندوق ان يبقى التضخم في الصين 'ما بين 3 بالمئة و3,5 بالمئة هذه السنة وان يتراجع الى ما بين 2,5 و3 بالمئة عام 2013'.


وعمد البنك المركزي الصيني ثلاث مرات بين كانون الاول/ديسمبر وايار/مايو الى خفض الاحتياطي الالتزامي المفروض على المصارف للسماح لها بمنح المزيد من القروض، قبل ان يخفض مرتين نسب الفائدة الرئيسية في حزيران/يونيو وتموز/يوليو.
وقال ماركوس رودلاور رئيس بعثة صندوق النقد الدولي الى الصين خلال مؤتمر صحافي عرض خلاله التقرير ان هذه 'التدابير مدروسة بشكل دقيق لتناسب الوضع كما هو عليه'. ورأى الخبير ان 'السلطات اوقفت سياسة الكبح لكنها لم تقم بعد بتحفيز النشاط بشكل قوي' وهي تبقى على استعداد للقيام بذلك اذا ما دعت الحاجة.


وتناول التقرير مبادلات الصين التجارية مع الخارج فذكر ان بكين حققت 'تقدما جوهريا في اعادة التوازن الخارجي' الى اقتصادها من خلال خفض الفائض في حساباتها الجارية من حد اقصى قدره 10,1 بالمئة عام 2007 الى مستوى 2,8 بالمئة عام 2011.
واشار رودلاور الى ان صندوق النقد الدولي يعتبر ان سعر العملة الصينية اليوان لم يعد متدنيا عن مستواه الفعلي الا 'باعتدال' بعدما كان الفارق 'جوهريا' من قبل.


وقال 'ان مدى تخفيض سعر اليوان (عن مستواه الفعلي) تقلص بشكل كبير' بدون ان يحدد ارقاما لذلك. وكشف عن خلاف لا يزال قائما بهذا الصدد مع الحكومة الصينية التي تعتبر ان عملتها بلغت مستوى 'قريبا من التوازن'. ولا يزال سعر صرف اليوان يثير خلافات بين بكين وشركائها التجاريين وفي طليعتهم الولايات المتحدة حيث طرح الموضوع مجددا في سياق حملة الانتخابات الرئاسية.


واخيرا دعا رودلاور الصين الى اعادة التوازن الى اقتصادها لزيادة حصة الاستهلاك فيه وخفض حصة الاستثمار. وقال 'ان اعادة التوازن داخليا باتت اولوية' في وقت بلغت حصة الاستثمار حوالى 50 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي، الامر الذي 'يثير فائضا كبيرا في القدرات في الاقتصاد'. وبحسب التقرير فان نسبة استخدام هذه القدرات ولا سيما الصناعية منها 'تراجع من اقل من 80 بالمئة بقليل قبل الازمة الى حوالى 60 بالمئة اليوم'. ودعا رودلاور الصين الى 'ضمان توزيع ثمار النمو بشكل واسع وعادل' على السكان من اجل اعادة التوازن الى نمطها النمائي لجهة زيادة حصة استهلاك الاسر فيه.