مع عودة الاستقرار إلى الكويت وانطلاق عجلة العمل الاقتصادي، أطلق الخبير في التمويل الإسلامي عماد يوسف المنيع موقفًا ينتظره المستثمرون. حيث قال: quot;الآن هو الوقت الأنسب لإصدار الصكوك الإسلاميةquot;.


فادية الزعبي من الكويت: بدأت بشائر عودة الحراك لعجلة الاقتصاد في الكويت مع حالة التوافق التي تسود علاقة السلطتين التشريعية والتنفيذية، والتي تؤكدها تصريحات النواب والوزراء في ما يعدّونه من قوانين ومشاريع تنموية، من شأنها إعادة النشاط إلى القطاع الاقتصادي. وسط هذه الأجواء المتفائلة، تبحث الدولة عن وسائط تمويل لمشاريعها، فتجد في إصدار الصكوك الاسلامية جوابًا عن كل تساؤلاتها.

الوقت الأنسب

أكد عماد يوسف المنيع، نائب رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب والرئيس التنفيذي في شركة بيت إدارة السيولة في الكويت ورئيس مجلس الإدارة لمركز إدارة السيولة المالية في البحرين، لـ quot;إيلافquot; أن الوقت الحالي هو أنسب وقت لإصدار الصكوك الإسلامية في الكويت.

يستند المنيع في تقديره هذا إلى الكم الكبير من المشاريع التنموية الضخمة التي أعدتها الحكومة الكويتية في السابق ضمن خطة التنمية، ولم يتم تنفيذ غالبيتها، على الرغم من أن سنوات الخطة قاربت على الانتهاء. ونظرًا إلى حالة التوافق الحالية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فإن المشاريع التي كانت تواجه تشددًا من قبل نواب في مجلس الأمة السابق، أصبح تنفيذها في التشكيلة الجديدة الحالية لمجلس الأمة أكثر سهولة.

يقول المنيع إن مشاريع البنية التحتية في الكويت تحتاج تمويل يقارب 130 مليار دولار أميركي، quot;فهناك مشاريع جاهزة لبدء التنفيذ، منها إقامة مصفاة للنفط في منطقة الزور، ومشروع الوقود البيئي، ومحطة توليد الكهرباء في منطقة الزور أيضًا، وهناك مشاريع إسكانية ضخمة كمشروع إنشاء 109 آلاف وحدة سكنية، ومشروع مدينة الحرير، وتطوير جزيرة بوبيان، وغيرها من المشاريع العملاقة، التي ستثقل كاهل موازنة الدولة، ولهذا فإن الوقت الحالي هو أنسب وقت لإصدار الصكوك الإسلاميةquot;.

مشاركة في التمويل

بحسب المنيع، فإن إصدار صكوك إسلامية في هذه الفترة quot;يعني مشاركة المستثمر، سواء كان فردًا أو شركة أو بنكًا، في تمويل المشاريع، بحيث يستفيد المستثمر، وتستفيد الجهة المصدرة للصكوك، وتستفيد الدولةquot;.

فإصدار الصكوك مشروط بوجود مشروع لتمويله، لأن أهم متطلبات توافق إصداره مع أحكام الشريعة الإسلامية هو تحديد الغرض الاقتصادي من الإصدار. وبما أن المستثمر سيجني مبلغًا محددًا عن كل صك في نهاية مدته، فإنه أيضًا سيجني ربحًا في حال بيعه أو إدراجه في سوق الكويت للأوراق المالية.

أضاف: quot;ستستفيد الجهة المصدرة للصكوك، إذ ستجد مصادر جديدة لتمويل مشروعها، وبنسب أرباح مشجّعة. في المجمل، ستحصل الدولة على تمويل المشروع من القطاع الخاص. فيتشارك الجميع في تنمية البلد، ويخف العبء عن بند الإنفاق في موازنة الدولةquot;.

يلفت المنيع إلى نقطة مهمة، تتمثل في أن حجم السيولة في الكويت مرتفع حاليًا، ويسجل نموًا متواصلًا، quot;وهذه السيولة تحتاج منافذ لاستثمارها، ووجود هذه المنافذ على المستوى المحلي سيكون أفضل من استثمارها في استثمارات أو إصدارات أجنبيةquot;.

سوق جديدة.. ولكن متنامية

يشير المنيع إلى أن سوق الصكوك الإسلامية ستكون سوقاً متجددة، ولكنها ستسجل نموًا عاليًا، quot;فتبعًا لتقرير شركة بيتك للأبحاث التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي، بلغ إجمالي إصدارات الصكوك على مستوى العالم في الأشهر العشرة الأولى من العام 2012 نحو 111.9 مليار دولار، أي أعلى بنسبة 59.4 في المئة عن الإصدارات التي تمت في الأشهر العشرة الأولى من العام 2011، والتي كانت 70.2 مليار دولار، بل تجاوزت إجمالي إصدارات الصكوك للعام 2011 ككل، والتي كانت 85.1 مليار دولار، أي بزيادة نسبتها 31.5 في المئة. ومن المتوقع أن تصل إصدارات الصكوك العالمية لعام 2012 إلى 130 مليار دولارquot;.

وقال المنيع إن نسبة نمو إصدارات الصكوك تعكس إقبالًا قويًا على شرائها، وتجتذب أنظار المستثمرين المسلمين وغير المسلمين، quot;والسبب هو أن للصكوك أصولاً تدعم إصدارها، في حين أن السندات التقليدية مجرد هيكلة تمويلية أو دينquot;.

وعلى الرغم من أن الهدف من إصدار السندات وإصدار الصكوك هو خلق أداة تمويلية للمصدّر، إلا أن الفرق بينهما شاسع، فالسندات هي دين في ذمة الجهة المصدّرة، في حين أن الصكوك هي حق ملكية لحصة مشاعة من الأصول. أي إنها هيكل مشترك بين الالتزام المالي، أو الدين، مع الملكية الاستثمارية.

ثمة 17 نوعًا من الصكوك الإسلامية، ولكن المستعمل منها لا يزيد على أربعة، وهي صكوك المرابحة وصكوك الوكالة بالاستثمار وصكوك الإجارة وصكوك بيع السلم. 95 في المئة من الصكوك التي تصدرها ماليزيا هي صكوك مرابحة، وهذه صكوك لا يتم تداولها في منطقة الخليج، لأن مجمع الفقه لم يجز التداول الثانوي في صكوك المرابحة.

تمويل مشاريع خليجية

أشار المنيع إلى أن الصكوك تلعب دورًا مهمًا ومؤثرًا في توفير التمويل اللازم لمشاريع البني التحتية في دول الخليج العربية، مثل المطارات والموانئ البحرية والسكك الحديدية ومحطات الطاقة في دول المجلس.

ولفت إلى أن تقرير بيت التمويل الكويتي ذكر أن دول قارة آسيا تتجه خلال السنوات العشر المقبلة إلى إنجاز مشاريع بنى تحتية بقيمة ثمانية تريليونات دولار، وأن هناك توجهًا متزايدًا نحو الصكوك السيادية وسط تعديلات في الأنظمة التشريعية والرقابية، تسمح للعديد من الدول باعتماد الصكوك كمصدر أساسي لتمويل المشاريع.

وعلى الرغم من أن ماليزيا ما زالت الأولى عالميًا في إصدار الصكوك الإسلامية، إلا أن من أبرز إصدارات الصكوك المستخدمة في تمويل مشاريع البنية التحتية، ما بين 2010 ومنتصف العام 2012، هي السعودية، حيث أصدرت الهيئة العامة للطيران المدني صكوكًا بقيمة أربعة مليارات دولار، تضمنها وزارة المالية السعودية، لتستخدم في توسعة مطار الملك عبد العزيز الجديد في جدة. كما أصدرت الشركة السعودية للكهرباء صكوكًا بقيمة 1.75 مليار دولار لاستخدامها في مشاريع الطاقة.

وتعد شركة أبو ظبي الوطنية للطاقة من أوائل الشركات التي قامت بإصدار الصكوك بالرينجيت الماليزي، بما يعادل 215.11 مليون دولار.