تأثر تدفق الصادرات النفطية الخليجية إلى الصين بشكل واضح مؤخراً بعد التباطؤ التدريجي الذي بدأ يعاني منه الاقتصاد الصيني منذ العام الماضي.

واصل الاقتصاد الصيني تباطؤه خلال عام 2013، حيث كان نمو الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي يبلغ 8% وقد انخفض إلى 7.5% في الصيف الماضي،وفي الربع الثالث من العام عاد النمو ليبلغ 7.8% وهو المعدل الذي من المرجح أن لا يستمر. وقد أثر هذا التباطؤ على الاقتصاد العالمي وبشكل خاص على مصدري السلع. فالطلب الصيني يدفع أسعار العديد من السلع مثل النحاس الذي انخفض سعره بمعدل 10.3% والألمونيوم الذي انخفض بمعدل 12.1% وفول الصويا الذي انخفض بمعدل 10.7% منذ بداية عام 2013.
ولا يختلف الحال كثيراً مع النفط، حيث كانت الصين أكبر مستهلك للطاقة في العالم في عام 2010 عندما كان طلبها يشكل خمس الطلب العالمي. وبالرغم من أن الصين تستوفي احتياجاتها من الطاقة عن طريق الفحم، إلا أن حاجتها للنفط والغاز لا تزال كبيرة جداً. وحاليا تستخدم الصين ما يقارب 10.6 مليون برميل من النفط يومياً بمعدل نمو يبلغ 6% سنوياً منذ عام 1995.
ويتم استيراد أكثر من نصف هذه الكمية، أي حوالي 6.3 مليون برميل يومياً، وتوفر دول مجلس التعاون الخليجي ثلث هذه الكمية المستوردة. وبحسب بيانات صندوق النقد الدولي حول قيم الصادرات، وهي بيانات تصدر متأخرة بحوالي ثلاثة أشهر، صدّر مجلس التعاون الخليجي ما يعادل 90 مليار دولار إلى الصين خلال الاثني عشر شهراً المنتهية في يوني الماضي.
وقد بلغت الصادرات السعودية 52% من هذا الإجمالي، أي ما يعادل 48 مليار دولار، وجاءت الصادرات العمانية بالمرتبة الثانية بنسبة 18% من الإجمالي، بقيمة تفوق 16 مليار دولار. ثم جاءت الإمارات بنسبة 11.5% من إجمالي صادرات مجلس التعاون الخليجي إلى الصين، ثم الكويت بنسبة 9.5%، ثم قطر بنسبة 8%، بينما لم يكن للبحرين دوراً يذكر.
ولطالما كانت العلاقة التجارية بين الخليج والصين مثيرة. فخلال السنوات الخمس الماضية فقط، نمت الصادرات بنسبة 240%، إلا أن تدفق الصادرات تأثر بشكل واضح بالتباطؤ التدريجي للاقتصاد الصيني في العام الماضي. وقبل عام كان معدل نمو الصادرات إلى الصين يبلغ 40% على أساس سنوي.
وقد واصل هذا المعدل انخفاضه بانتظام حتى وصل إلى 0% في يونيو، أي لا نمو. ويصحب هذا الانخفاض الإجمالي في الصادرات الخليجية اتجاهين مختلفين، حيث تفقد مجموعة من الدول زخمها بشكل سريع. ولا تزال الصادرات العمانية تنمو بالرغم من انخفاضها مقارنة بالعام الماضي عندما كان معدل نموها يفوق 50%، ووصل هذا العام إلى 6%.
وتنخفض الصادرات الكويتية أيضاً أكثر من ذلك حيث تقلص حجمها إلى الصين منذ فبراير لتصل الآن إلى ما يقارب 10% سنويا بحسب البيانات الأخيرة. كما أن الصادرات السعودية قد انخفضت بمعدل 6% عن العام الماضي. وتختلف حالة السعودية قليلاً عن البقية لأنها تلعب دور مصدّر الطوارئ، ويمكن تفسير صادراتها من خلال النظر إلى التغيرات في العرض العالمي للنفط الذي يؤثر على الصين.
ولكن حتى مع تباطؤ الاقتصاد في المنطقة كلها، لا تتأثر جميع الدول بنفس الدرجة. فصادرات قطر والإمارات لا تزال تتزايد بشكل سريع مسجلة معدلات تبلغ 30% في قطر و20% في الإمارات. فالتباطؤ الأخير يعدل الحصص السوقية في المنطقة، وتبقى قطر والإمارات مستفيدتين حتى الآن بسبب الطلب على الغاز، وتوسع الموارد.
ويعود أحد أسباب هذا الانخفاض في الصادرات إلى سعر النفط، ففي الفترة ما بين يناير ويونيو من هذا العام، انخفض سعر النفط البرنت بما يقارب 10%. لكن الطلب الصيني الحقيقي كان متباطئاً أيضاً، مما كان سبباً رئيسياً في تراجع الأسعار.
وتستهلك الصين 10% من صادرات مجلس التعاون الخليجي فقط المتوزعة جغرافياً. لكنها تقود الطلب العالمي كما تتحكم السعودية بأسعار النفط العالمية وهي تنتج فقط 12% من النفط العالمي. ومن العوامل الأخرى التي قد تفسر هذه الظاهرة هو محاولات الصين لتنويع مصادر الطاقة.
فعلى سبيل المثال، ألغت مصفاة سينوكم الصينية الحكومية عقداً مبدئياً مع الكويت لإمداد المصفاة الجديدة كوانزو، بسبب جمود الإنتاج في الكويت، لتعقد الاتفاق مع العراق. تأمين الطاقة مهم جداً بالنسبة للصين، وقد تعمدت أن تتجنب الاعتماد على منطقة واحدة أو مصدر واحد في العالم. وتعتمد الآن على السعودية في المقام الأول، ثم أنغولا وإيران وروسيا وعمان والعراق والسودان وفنزويلا وكازاخستان والكويت. وهو أفضل توزيع جيوغرافي يمكن الحصول عليه.
التباطؤ الصيني ليس تباطؤاً مؤقتاً. فالصين لديها حاجة كبيرة للإصلاحات الهيكلية التي تتطلب تباطؤ معدل النمو خلال الأعوام القليلة القادمة. ولن ينخفض الطلب الصيني على النفط في وقت قريب لكن نمو الطلب سيتباطأ أكثر من المتوقع.
وستمنع الصين الأسعار من الانخفاض خلال العقد القادم، لكن مع انخفاض الطلب من الولايات المتحدة، فإن العامل الذي يسبب استمرار ارتفاع الأسعار متعلق بكل من ليبيا ونيجيريا. وفي العالم الأكثر استقراراً، سيتطلب على دول مجلس التعاون الخليجي أن تواجه مشاكل مالية جدية وإصلاحات هيكلية على المدى القصير.