ستراسبورج (فرنسا): قال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو أمس، إن المفوضية ستسعى خلال الأشهر المقبلة إلى إطلاق مفاوضات للتجارة الحرة مع مصر والأردن والمغرب وتونس في مسعى لتعزيز العلاقات مع دول الجوار جنوب المتوسط.وشدد باروسو خلال جلسة نقاش بالبرلمان الأوروبي بكامله هيئته في ستراسبورج بفرنسا على أن ldquo;الوفاء بتعهداتنا لشركائنا في منطقة البحر المتوسط سيكون على رأس أولوياتنا السياسيةrdquo;.وأضاف: ldquo;سيتم الحكم على مصداقيتنا الخارجية بشكل كبير من خلال قدرتنا على التعامل مع شركائنا في المنطقة لتشكيل الجوار المشترك معاًrdquo;.
ومن المقرر أن يبحث قادة الاتحاد الأوروبي التطورات في دول الجوار جنوب البحر المتوسط خلال القمة الأوروبية في بروكسل غداً الجمعة، رغم أنه من المتوقع أن تطغى عليها مفاوضات عاصفة بشأن ميزانية الاتحاد الأوروبي للفترة من عام 2014 وحتى عام 2020.ومر أكثر من عامين على ثورات الربيع العربي التي أطاحت بمجموعة من الحكومات في شمال أفريقيا، لكن المنطقة لا تزال غير مستقرة، وكان أحدثها أعمال العنف التي شهدتها مصر قبل أيام. ويسعى الاتحاد الأوروبي لإقامة شراكات مع دول المنطقة بعد سقوط حكامها. ومنح وزراء الخارجية في أوروبا بالفعل المفوضية تفويضا للدخول في مفاوضات تجارية مع الدول الأربع شركاء الاتحاد في ديسمبر عام 2011.
وقال باروسو: ldquo;في الأشهر المقبلة، ستسعى المفوضية الأوروبية إلى تعميق شراكاتنا الاقتصادية عبر إطلاق مفاوضات للتوصل لاتفاقية شاملة وعميقة للتجارة الحرة مع المغرب وتونس ومصر والأردنrdquo;.وأضاف أن اتفاقيات شراكات حرية التنقل التي تعني تخفيف القيود على الهجرة، ستستمر مع الأردن والمغرب وتونس. علاوة على ذلك، من المقرر أن تضع المفوضية مشروع ldquo;خارطة طريقrdquo; لإقامة تجمع للطاقة مع دول جنوب المتوسط.وفي الآونة الأخيرة ركز الاتحاد الأوروبي من الناحية التجارية على الشركاء الأكبر مثل الولايات المتحدة وكندا واليابان والهند، حيث يمكن أن تعزز تلك الشراكات بشكل كبير النمو في وقت تكافح فيه أوروبا من أجل التغلب على أزمتها الاقتصادية. وكتب رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي في خطاب دعوته للقمة ldquo;يجب استخدام التجارة بشكل أفضل كمحرك للنمو وخلق الوظائفrdquo;.
من ناحية أخرى، طالب عضو بارز بالبرلمان الأوروبي أمس بضرورة أن تتضمن موازنة الاتحاد الأوروبي للفترة بين عامي 2014 - 2020 فقرة للمراجعة تسمح بإعادة النظر فيها في منتصف المدة التي تصل إلى سبع سنوات.ومن المقرر أن يناقش قادة الاتحاد الأوروبي الموازنة خلال قمتهم التي تعقد اليوم الخميس لمدة يومين بعدما عجزوا عن التوصل لاتفاق في نوفمبر. وبمجرد توصل القادة لاتفاق سيكون للبرلمان الأوروبي للمرة الأولى نفوذ بشأن أوجه الإنفاق بالميزانية قبل الموافقة النهائية عليها.لكن البعض يقترح تدخله بشكل أكبر بعدما هدد الكثير من النواب بالفعل بعرقلة الاتفاق الذي يتم العمل عليه حاليا وذلك لاشتماله على استقطاعات كثيرة للغاية بهدف التقشف.
وقال النائب الفرنسي الأوروبي ألان لاماسور الذي يرأس لجنة الميزانية بالبرلمان، إنه يتوقع استقطاعات ما بين 73 مليار يورو ldquo;99 مليار دولارrdquo; و90 مليار يورو لاقتراح أولي ينص على حد أقصى لالتزامات الإنفاق تبلغ 1,09 تريليون يورو. لكن لاماسور قال في مؤتمر صحفي في ستراسبورج بفرنسا، إن وضع فقرة للمراجعة قد تسهم في إرضاء المجلس التشريعي وتسمح لإنفاق الاتحاد الأوروبي بأن يعود لطبيعته إذا ما تحسن الوضع الاقتصادي العام.وتساءل لاماسور قائلاً ldquo;من نحن كي نحكم على خلفائنا وخلفاء خلفائنا بتقشف الميزانية وعدم القدرة على تمويل أي سياسات أوروبية جديدة أياً كانتrdquo;. وأضاف أن مثل هذه الفقرة يمكن تطبيقها في عام 2017 على الرغم من أنه أشار إلى أن موعد ذلك قابل للتفاوض.وقال النائب البلجيكي بالبرلمان الأوروبي جاي فيرهوفشتات لزملائه البرلمانيين خلال جلسة سابقة، إنه ldquo;حتى الاتحاد السوفيتي كان يخطط فقط لمدة خمس سنوات قادمة... يتعين علينا أن نتحد ونرفض قبول أي اتفاق لا يلبي مطالبنا الأساسيةrdquo;.
وقال، إن أي اتفاق يتم التوصل إليه من جانب الدول السبع والعشرين بالاتحاد الأوروبي يجب أن يتضمن تعهدا بتغيير الطريقة التي يتم من خلالها ضخ الأموال للميزانية، مع تركيز أكبر على الموارد التي يتم جمعها مباشرة من جانب التكتل مثل ضريبة المعاملات المالية وذلك لحمايته من الاتجاهات الاقتصادية في كل دولة.وتكهن بأنه بمجرد أن تتوصل الدول الأعضاء لاتفاق، سيصوت البرلمان ldquo;بالرفضrdquo; على الموازنة كوسيلة للبدء في مفاوضات بشأن ذلك. وحذر لاماسور من أن البرلمان الأوروبي ldquo;ليس لديه ما يستدعي لأن يكون في عجلة من أمرهrdquo;، مشيراً إلى أن معاهدة الاتحاد الأوروبي تنص على تجديد ميزانية العام السابق سنويا مع تعديلها وفقا للتضخم إذا لم يتم التوصل لاتفاق بشأن إطار عمل أوسع.وأضاف أنه ldquo;استنادا لأرقام ldquo;2014 - 2020rdquo; المطروحة على طاولة المفاوضات، فالبرلمان لديه بالتأكيد سبب كي يأخذ وقته وإذا لم يكن هناك اتفاق... فلن تكون هناك أزمةrdquo;.
من جانبه، رد الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند الثلاثاء على مواقف بريطانيا الأخيرة غير الواضحة إزاء مستقبلها في الاتحاد الأوروبي، حيث دعا إلى تقوية أوروبا وليس تفكيكها.وقال أولاند في كلمة أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبوج حدد فيها رؤيته بالنسبة لمستقبل أوروبا ldquo;أوروبا لا يمكن أن تكون مجرد سوق وميزانية وعملة، رغم ما قد يكون لتلك الأمور من قيمةrdquo;. وأضاف: ldquo;كما أن أوروبا لا يمكن أن تكون مجرد مجموعة من الدول، تلتحق كل منها بالاتحاد من أجل ما تراه مفيدا لها ولها فقط، أوروبا أولا وقبل كل شيء إرادة سياسيةrdquo;. وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد أعلن مؤخراً أنه سيسعى لإجراء مفاوضات جديدة من أجل تخفيف الروابط مع الاتحاد الأوروبي وبعد ذلك سيجري استفتاء حول ما إذا كان يتعين على بريطانيا البقاء في الاتحاد أم الانسحاب منه.
ورفض أولاند فكرة تقسيم أوروبا إلى مستويين، وقال إنه يفضل هيكلاً متفاوتاً تقرر فيه الدول التحرك معاً بشأن المشروعات على أساس كل حالة على حدة كما فعلت بعض دول منطقة اليورو مؤخراً بالنسبة لتبنيها ضريبة للمعاملات المالية. وتطرق أولاند إلى المفاوضات المحمومة حول موازنة الاتحاد الأوروبي 2014 - 2020، والضرر الذي تتكبده الاقتصاديات المتضررة بسبب قوة اليورو وقراره بالحرب في مالي.ومن المقرر أن تكون موازنة الاتحاد هي الموضوع الأبرز على جدول أعمال قمة قادة دول الاتحاد التي ستنطلق اليوم الخميس. وتقود بريطانيا مجموعة من الدول المساهمة في الموازنة تطالب بتخفيضات كبيرة في النفقات.
التعليقات