أصدرت الحكومة السورية قراراً برفع أسعار الأدوية بنسب مختلفة، تلبية لمطالب quot;المجلس العلمي للصناعات الدوائيةquot;، ما زاد من معاناة الشعب الذي يعيش أزمة الحرب منذ حوالي سنتين.


دمشق:أصدرت الحكومة السورية قراراً بالموافقة على رفع أسعار الأدوية المحلية بنسب تتراوح ما بين 5 و 40%، ما زاد من معاناة المواطن السوري في الداخل، مع تطور الأزمة التي تعاني منها البلاد على المستوى الانساني، وارتفاع أعداد الجرحى والمصابين التي تسببها عمليات القصف المستمرة.
القرار الحكومي الذي صدر منذ أسبوع، عمل على تعديل أسعار الأدوية المحلية وفقاً للوائح تسعيرية، بحيث تزيد بنسبة 40% أسعار الأدوية التي يصل سعرها إلى 50 ليرة سورية وما دون، و25 % لشريحة 51 - 100 ليرة، و 10 % لشريحة 101 - 300 ليرة، و5 في المئة لشريحة 301 - 500 ليرة، وصفر في المئة للأدوية التي يفوق سعرها 500 ليرة سورية.

استجابة لمطالب المجلس العلمي للصناعات الدوائية

قرار الحكومة جاء على نحو عاجل، بعد الاستجابة لمطالب quot;المجلس العلمي للصناعات الدوائيةquot;، الذي كان حذّرها من مغبة عدم quot;تعديل الأسعار، وفقاً لكلفة الإنتاج الحقيقية وسعر الصرف الحقيقيquot;، مشيراً إلى أن ذلك ينطوي على خطر توقف الإنتاج، وأنه سيؤدي إلى quot;فوضى عارمة في سوق الدواءquot;.
القرار صدر، لكن بتعديل يقل بنحو 50 في المئة عن ذاك الذي تطلع إليه المجلس، خاصة في ظل اعتبارات هامة بالنسبة لأصحاب معامل الأدوية في سوريا، مع ظروف الحرب التي تعيشها البلاد وارتفاع تكاليف الإنتاج، بسبب صعوبة الحصول على المواد الأولية وارتفاع أسعارها وارتفاع سعر صرف الدولار، إضافة إلى مخاطر نقل المنتجات الدوائية وتسويقها وتوزيعها، والمخاطر التي يتعرض لها العاملون والعجز عن الوصول إلى مكان العمل.

أزمة جديدة

المواطنون السوريون شعروا بآثار الخطوة الحكومية التي كانت تدرس مع أصحاب المعامل والمستودعات والصيدليات من دون مراعاة المواطن السوري، الذي يعاني أصلاً من أزمات معيشية لا تقل أهمية كالغاز والكهرباء والماء والمواصلات والتدفئة. وامتنعت معظم الصيدليات خلال الأسبوع الأول من شهر شباط عن بيع الأدوية بحجة فقدانها من السوق، بانتظار قرار التعديل الذي سالت له شهية معامل الدواء وحلقات بيعه وتوزيعه في سوريا. واضطر كثير من السوريين إلى طلب أنواع معينة من الدواء من أسواق دول الجوار بسبب النقص الحاد في هذه الأدوية، وحاجة المرضى إليها.
يبلغ عدد معامل الأدوية المحلية في سوريا نحو 74 معملاً، ويتركز نحو 90 % منها في حمص وحلب وريف دمشق، وهي مناطق اشتباكات عنيفة وتكاد تكون خارجة عن نطاق سيطرة الدولة، وكان وزير الصحة السوري سعد النايف أكد إقفال 6 معامل أدوية نهائياً نتيجة تدميرها، فيما تعمل باقي المعامل الوطنية الـ68 بنحو 50%من طاقتها. وكانت سوريا تنتج نحو 90 في المئة من احتياجاتها من الدواء محلياً قبل الثورة السورية.

القرار الجديد عقاب للسوريين

ويروي لنا أحد مدراء المعامل في سوريا، والمملوك لأحد كبار المتنفذين في الحكومة السورية الحالية، وهو من مدينة حلب، أن صاحب المعمل قرر منح الجيش الحر مشفى ميدانياً يمتلكه في أحد الأحياء الشعبية، التي يسيطر عليها داخل حلب، مقابل استمرار عمل معمله في منطقة أخرى في ريف حلب، وتأمين حراسته من قبله.
بل إن صاحب معمل الأدوية بات يتباهى بتضاعف إنتاجه مع الأزمة الحالية وارتفاع الأسعار ونقص المواد الطبية، وأنه يقوم بتشغيله على مدار الساعة ويجبر عماله على النوم في مقر عملهم مع أسرهم، بعد تأمين منازل قريبة لهم، ما حول صناعة الأدوية إلى واحدة من أكثر الصناعات دراً للسيولة، خاصة بعد تواطؤ الحكومة الأخير ورضوخها لأصحاب المعامل والمستودعات الطبية ورفعها لأسعار الأدوية، كنوع من العقاب الجديد لمن جرح أو كان لديه جريح ولا يجد من يداويه أصلاً، أو كان مريضاً وبحاجة إلى أنواع معينة من الدواء ما كان من السهولة الحصول عليها في السابق.