يختلف المصريون في مواقفهم من السياحة الإيرانية في مصر، فالبعض متخوف من المد الشيعي، في حين يرى آخرون أن بلادهم ستعود عليها المكاسب الاقتصادية من هذه الخطوة.


القاهرة: فيما تبحث السلطة في مصر عن أي مخرج لها من الأزمة الإقتصادية، لاسيما في ظل تعقد المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار، توجهت الحكومة التي تسيطر عليها جماعة الإخوان المسلمون صوب إيران، طلباً للدعم، وأسفرت عملية فتح صفحة جديدة من العلاقات عن توقيع اتفاقية سياحية البلدين أثناء زيارة وزير السياحة المصري هشام زعزوع لطهران، والتي حظت بأهتمام كبير؛ لأنها أول زيارة من نوعها لمسئول مصري بغرض لقاء مسئولين إيرانيين، وليست على هامش لقاءات دولية.

قوبلت الزيارة بترحيب من جانب خبراء السياحة، لاسيما أن الاتفاقية سوف تقدم لمصري نحو مليون ونصف المليون سائح إيراني سنوياً، الحليف السياسي لجماعة الإخوان المسلمون، خشية تعرض مصر للمد الشيعي، فضلاً على خطورة تعميق العلاقات على مصالح مصر مع أميركا ودول الخليج.

رفض سلفي

سياسياً، يرفض السلفيون توقيع أية إتفاقيات مع إيران، لأن عودة العلاقات معها يحتاج إلى قرار برلماني، وليس قرارا رئاسيا، بوقال الدكتور شعبان عبد العليم، الأمين العام المساعد لحزب النور، يقول إن سبب رفض حزب النور لتوقيع اتفاق السياحة بين مصر وإيران يرجع في الأساس إلى أن العلاقات بين مصر وإيران تحتاج إلى وجود برلمان منتخب وحكومة مستقرة، لدراسة هذا الأمر.

مشيراً إلى أن فتح العلاقات يحتاج إلى دراسة عميقة للموقف السياسي المصري بالداخل والخارج، وتأثير مثل هذه العلاقة على العلاقات المصرية مع دول الخليج. وقال لـquot;إيلافquot; إن الحكومة الحالية تعتبر حكومة تيسير أعمال، والكثير من الفئات الشعبية والحزبية تريد تغييرها، وبالتالي فهي غير مؤهلة لاتخاذ قرار بفتح علاقات بين مصر وإيران، خاصة وأن الاتفاق السياحي الأخير يعتبر الأول على المستوى الاقتصادي منذ سنوات.

وأضاف أن الوضع السياسي المحتقن في الشارع وتحديدا ضد إيران وموقفها من سوريا بمساندة النظام القاتل لشعبه سيترتب عليه تعرض السياح الإيرانيين من قبل المواطنين وبعض الجماعات وخاصة المتعصبة ضد المد الشيعي في مصر للأذى.

غزو شيعي

ولفت إلىأن حزب النور يشجع السياحة بجميع مجالاتها إلا أن السياحة الإيرانية في هذا التوقيت غير المناسب ستعمل بالتأثير السلبي على مصر، خاصة في ظل العلاقات المتوترة لإيران في المنطقة العربية والخليج، بجانب أن دخول السياحة الإيرانية سيكون من أهدافها غير المباشرة زيادة الغزو الشيعي في مصر؛ لتحقيق مخطط إيران في المنطقة بأكملها بالقضاء على المذهب السني في مصر والعالم الإسلامي، وهذا بدا واضحا في تدخل إيران بدولة البحرين.

شر كبير

شر كبير سوف تجلبه الإتفاقيات السياحية أو الإقتصادية مع إيران، هذا ما يراه الشيخ جمال صابر، رئيس حزب الأنصار السلفي، وقال لـquot;إيلافquot; إن توقيع اتفاقية السياحة بين مصر وإيران ستجلب شرا كبيرا لمصر، وستحقق ما يسعى إليه النظام الإيراني بفتح علاقات واسعة مع مصر رغم خطورة هذا الأمر من جميع الجوانب.

وأضاف أن السلفيين لن يسمحوا بنشر الفكر الشيعي في مصر. وتابع: quot;نحن نذكر الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية، بما تعهد به على نفسه برفض الحوار مع إيران أو مقابلة مسؤول إيراني في ظل دعم دولة إيران لنظام بشار الأسد وقتل الأبرياء من شعبه، الأمر الآخر أن تواجد السائحين الإيرانيين سيزيد من عدد بؤر التشيع في مصر، ويلفت نظر الشعب المصري لما يقومون به من مخالفات شرعية أمام المقدسات الشيعية في مصرquot;.

وحسب وجهة نظر صابر، فأن زيارة الوفود السياحية الإيرانية لمصر، أخطر من السياحة اليهودية؛ معتبراً أن التشيع أخطر بكثير من اليهود، فالمذاهب الشيعية تكفر الصحابة وبعضها لا يؤمن بسيدنا محمد من الأساس.

تخوف غير مبرر

على الجانب الآخر، يرى الدكتور أحمد راسم النفيس، القيادي الشيعي في مصر، أن السلفيين يثيرون مخاوف الشعب المصري بدون سبب مقنع، مشيراً إلى أن الشيعة ليسوا مؤذيين حتى نخيف الناس منهم، بل إنهم مسلمون مثل السلفيين، بل أكثر اعتدالا منهم. وقال لـquot;إيلافquot; إن حجم حركة السياحة الإيرانية في العالم يبلغ 10 ملايين سائح تحصل تركيا منها على 2 مليون سائح.

مشيراً إلى أن تركيا لم تتأثر بالمد الشيعي ولم تخرج تحذيرات وفتاوى تحذر من دخول هؤلاء السائحين تركيا كما حدث في مصر. وأضاف إن الشيعة لهم كافة الحقوق مثل غيرهم من المواطنين في مصر ودول العالم والتفرقة بينهم وراؤها السلفية الوهابية التي تتعمد نشر فتاوى وأحاديث كاذبة عن الشيعة وافتراء عن الإساءة للصحابة ووصول الأمر إلى تكفيرهم.

وتابعquot; للأسف هذا الفكر أصبح سائدا في مصر، فخطباء المساجد يوميا يسبون الشيعة وصدرت فتاوى بحق الزوجة في الطلاق من الزوج الشيعيquot;.

يحقق رواجا سياحيا

إقتصادياً، ستحقق السياحة الدينية لمصر نحو 10 مليارات دولار سنوياً. وقال الدكتور محمد حمزة،عميد كلية الآثار جامعة القاهرة، أن مصر مليئة بالأماكن السياحية الدينية التي قد تكون المصدر الرئيسي للسياحة المصرية، مشيراً إلى أنها لم تستغل حتى الآن بل إن وزارة الآثار أهملت المزارات الدينية في مصر بدليل ما حدث من اندثار مزارات دينية بمنطقة مصر القديمة التاريخية.

وأضاف لـquot;إيلافquot; أن السياحة الدينية قد تحقق لمصر ما يقرب من 10 مليارات دولار سنويا، خاصة السائح الإيراني يهتم جداً بزيارة مزارات آل البيت ومقدسات شيعية، ويتوقع أن يصل عدد السياحة الإيرانية الوافدة لمصر ما يقرب من 2 مليون سائح سنويا.

واستبعد تماما حدوث مد شيعي كما يقول السلفيين، وقال إن مخاوف السلفيين نوع من التشدد الذي لا يفيد البلاد اقتصاديا، لاسيما في ظل تراجع الاحتياطي الأجنبي والدخل من السياحة.

لا مخاطر سياسية

من جانبه، قال السفير الدكتور عبدالله الأشعل مساعد الخارجية الأسبق، إن السياسة المصرية تتجه نحو إقامة علاقات مع إيران وسط الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، مشيراً إلى أن زيارة وزير السياحة المصري لطهران جاءت كرد فعل للزيارة التي قام بها أحمدي نجاد للقاهرة مؤخرا، وصدور قرار بإعفاء المصريين من تأشيرات الدخول لدول إيران مما سيترتب عليه قرار مثيل من الرئيس مرسي.

وقال لـquot;إيلافquot; إن توقيع اتفاقية السياحة بين البلدين لن يضير بالعلاقات المصرية الإيرانية خاصة أن السائح الإيراني يذهب لجميع دول العالمquot;، مشيراً إلى أن هناك مخاوف من دول الخليج بشأن تطور العلاقات المصرية الإيرانية على المستوى السياسي وارتفاع التنسيق فيما بينهم، ولكن ذلك التطور لم يؤثر على موقف مصر من الثورة السورية، وقال: quot;السياسة المصرية ترفض ما يحدث في سوريا، وتطالب النظام بترك السلطة في حين تساند طهران بشار الأسد، ولن تتغيرquot;.