ازدادت حقيبة وزارة التخطيط والتعاون الدولي المصرية تعقيداً، في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، وما ترتب عليه من غياب للتوافق السياسي، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
القاهرة: كان من الطبيعي ان تتصدر الاشكاليات الاقتصادية التي تمر بها مصر محاور حوار quot;ايلافquot; مع الدكتور اشرف العربي وزير التخطيط والتعاون الدولي، فالرجل بصفته هو المسؤول الاول عن مخاطبة الخارج، وبناء جسور من التواصل مع المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية، لانقاذ مصر من عثرتها الاقتصادية، ولم يكن مستغرباً ان تثير quot;ايلافquot; قضية قرض الصندوق الدولي، وما تبذله القاهرة من مساعي دؤوبة للحصول على هذا القرض، خاصة ان القيادة السياسية تؤمن بأن تحقيق تلك الخطوة ستقود بالضرورة الى ثقة المجتمع الدولي في منح مصر قروضاً ومساعدات اضافية.
والى نص الحوار:
برأيك كخبير اقتصادي قبل ان تكون وزيراً، كيف تخرج مصر من ازمتها الاقتصادية والاجتماعية الراهنة؟
بالفعل مصر تواجه ازمات عديدة، واهم ازمة نواجهها هى مشكلة التوافق السياسى، فضلاً عن مشاكل اخرى يجب ان نتعاطى معها ولكن دون تهويل، فطبيعة المرحلة لا تقتضي المبالغة، لما ينطوي على ذلك من عوامل مثيرة للاحباط، ويمكن ايجاز الازمة في وضعية اقتصادية متعثرة وربما منهارة، لان هذا قد يؤدى الى الاحباط لان الازمة تتلخص فى موقف اقتصادى صعب، وعجز موازنه كبير، وارتفاع فى حجم الدين، وضعف فى الاستثمارات، فنحن امام سلسلة مترابطة من الازمات، ولابد من التوافق السياسي اولا، لأن مايحدث ينعكس على فرص العمل، وحجم الاستثمارات وتدفقاتها، وعلى الدخول وزيادة مستويات الفقر.
كيف تواجه وزارة التخطيط والتعاون الدولى المشاكل الاقتصادية التى نعانى منها الان؟
وزارة التخطيط والتعاون الدولي كان هدفها وضع رؤيه او استراتيجية، واعلم ان مصر لديها رؤى واستراتيجيات وخطط، لكننا فى التنفيذ نصطدم بمشاكل حقيقية على ارض الواقع، وانطلاقاً من خبرتي فليس هناك توافق على الاطلاق في اي مجتمع، لتظل خطة حكومية لم يدافع عنها المجتمع، ضمن تغيير الحكومات والاحزاب والاستراتيجيات، وتطوير الاداء والخطط فيه، كما اننا نواجه مشكلة مع الشركاء الاقليميين والدوليين، ولا استثني من ذلك الدول الشقيقة، فالجميع يطالبنا باتخاذ خطوات، لكننا نفتقر في الحقيقة الى اجندة محددة.
بالتالى لابد ان تكون هناك خطة مجتمعية واولويات واضحة للتنفيذ، والمشروعات القومية لابد ان تتحرك على التوازي فى التوسع وزيادة الحيز العمراني، وبالتالي لابد من وجود نمط اولويات واضح، فعلى سبيل المثال يجب تطوير اقليم قناة السويس، سيناء، الوادى الجديد، وممر التنمية الذى طرحه الدكتور فاروق الباز، خاصة ان مشروع تطوير قناة السويس سيدر على البلاد عشرين ضعفاً مما كان عليه في الماضي، وكذلك الحال بالنسبة لسيناء، الا ان ذلك يحتاج الى قرار مجتمعي.
ما هوية القرار المجتمعى من وجهة نظرك؟
تحضير اطار استراتيجى للتنمية حتى 2022، وتم اعداد خطة عمل كاملة، واعلنا عنها على موقع وزارة التخطيط والتعاون الدولي، وبها مجال للتحاور المجتمعي، وحدث ذلك بعد الثورة حتى نتلقى اراء من كل فئات المجتمع فى اطار منظومة التخطيط والاصلاح المؤسسي، حتى نخاطب الناس بشكل مختلف عن المتبع في الماضي، وذلك حتى يكون المجتمع شريكاً في اتخاذ القرار.
الا تتعارض استراتيجيتكم الداعية الى حوار مجتمعي مع فرض ضرائب جديدة، وانعكاس ذلك على ارتفاع الاسعار، خاصة انه قيل وقتها ان ذلك تم من خلال حوار مجتمعي؟
منذ اليوم الاول لتولينا المسؤولية، وبالتشاور مع كافة المسؤولين، ووضعنا خطة عمل على المدى القصير للحكومة الحالية، وقلنا حينئذ اننا سنتعامل بهذه الخطة حتى 30/ 6 / 2013، ثم خطة متوسطة حتى 30/6/2014 ثم خطة طويلة المدى حتى 30/6/2022، ولكن ليس هناك دولة يمكنها ان تنتظر هذا المدى الطويل، وفى مجال الاقتصاد والموازنة، بلغ عجز الموازنه 167 مليار جنيه، اي مايعادل 11% من الناتج القومي، واصبح هناك تراجع فى الناتج ووصل معدل البطالة الى 30%، كما ارتفعت نسبة الفقر الى 50%، وهناك بعض القرى فى الصعيد وصل معدل الفقر فيها الى 80%.
امام هذه النسب والارقام اصبحنا امام مشكلة عصيبة، وانا بشكل عام ضد فكرة التهوين او التهويل، هذه المشكلة غير قابلة للاستمرار، ولكي نسلك الطريق الصحيح، ينبغي التنويه الى ان هناك برنامج وطني للاصلاح المالي والاجتماعي، ولكى يتم ذلك كان لابد من الحصول على القرض، لأننا بمثابة اسرة ايراداتها اقل من دخلها، كما ان مشكلة الانفاق فى الموازنة الحالية، تكمن في احتكار الاجور والرواتب، لما يتراوح بين 75%، او 80% من الموازنة، وهناك مجال لترشيد الحد الاقصى والتعديل فيه، وباب الدعم الذى ينفق عليه ثلث الموازنة ولا يصل الى مستحقيه، وما نعمل عليه حاليا وربما منذ فترة، محاولة تحديد الفئة المستهدفة، ولدينا قواعد بيانات قوية جدا، ولدينا ربط بين قاعدة البيانات بالنسبة للكهرباء والمرور، لتحديد مستحقي الدعم، كما ان ما نعمل عليه بوضوح هو تقليل نسبة العجز، لضمان عدم الاحتياج، الا ان آليات العمل تعتمد على التوازن بين الايرادات والنفقات، وتعبئة ذلك من خلال القرض مثلاً، اوصندوق النقد الدولي.
ولكن هناك قرض يؤرق المواطن المصري على المدى البعيد فما تعليقك؟
نحن نعمل على الايرادات وترشيد النفقات وسد الفجوة لدعم الموازنة حتى 14 مليار دولار وايضا 10 مليار دولار حتى 30/6/2013، ونطلب اربعة وثمانية من عشرة مليار دولار من صندوق النقد،بالاضافةالىنصف مليار دولار من البنك الافريقي، لتزيد المديونية والدين الخارجى إلى 35 مليار دولار.
وماذا عن ما يتردد من معلومات حول افلاس مصر، او على الاقل اقترابها منه؟
هذا كلام غير صحيح ولكن لابد من الاقتراض حتى يسد الدين، فلا بد ان نقترض من الخارج، ويرتبط ذلك بالنجاح في التوصل الى اتفاقية مع صندوق النقد الدولي، وهذا برنامج وطني، قمنا باعداده لتخفيض العجز الذى نعمل عليه، وتم عرض البرنامج على الجميع بما فيهم صندوق النقد، الا ان مصر اجلت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، على خلفية المشهد السياسي، الذي لايؤهل للدخول فى مشروع صندوق النقد.
التعليقات