القاهرة: أجمع خبراء ومتخصصون على أن البرنامج القومي للانطلاق الاقتصادي الذي أعلنته الحكومة المصرية مؤخراً سيواجه تحديات سياسية، نتيجة الأحداث السلبية التي تشهدها مصر من احتجاجات وإعتصامات في عدد من المحافظات.
وأوضح هؤلاء الخبراء والمتخصصون في تصريحات لوكالة الانباء القطرية quot; قناquot; ان طرح هذا البرنامج يستهدف استعادة قدرة الاقتصاد المصري على تحقيق النمو والتشغيل، فضلا عن تقديمه لصندوق النقد الدولي بغرض التوصل لاتفاق معه بشأن الحصول على القرض المستهدف، والبالغ قيمته 4.8 مليار دولار، واستصدار شهادة ثقة تقدم للمجتمع الدولي قبل ضخ المزيد من الموارد في الاقتصاد المصري.
ويتضمن البرنامج المعلن سبعة محاور، هي العدالة الاجتماعية وعلاقاتها بإدارة السياسات النقدية، والاستقرار المالي والنقدي، والاستثمار والتشغيل، والإبداع وريادة الأعمال، ومكافحة الفساد، اضافة إلى الطاقة ومستقبلها في مصر، والسياحة.
وفي هذا السياق قال الدكتور فؤاد شاكر أمين عام اتحاد المصارف العربية السابق فى تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية quot;قناquot; إن الاقتصاد المصري يواجه تحديات كبيرة بسبب التقلبات السياسية وعدم استقرار الأوضاع الأمنية وزيادة الفوضيquot;، مشيرا إلى أن السوق المصري بطبيعته جاذب للمستثمرين، ولكن ذلك يتطلب أولا الإسراع بعودة الاستقرار والهدوء للشارع المصري.
ورأى أن المشكلة لاتكمن في إطلاق مبادرات بقدر ما تكمن في مدى قدرة الحكومة علي تنفيذها، خاصة في ظل عدم وضوح الرؤية السياسية في البلاد.
وتابع الدكتور شاكر قائلا، انه لو تم تنفيذ هذه المبادرة فإنه سيكون بمقدورالحكومة المصرية وقف الخسائر والانطلاق للأمام، خاصة أن مصر لا تحتاج إلى خبراء وكوادر اقتصادية وموارد مالية لأنه في حالة الاستقرار ستجذب العديد من الممولين، معربا عن قناعته بأن تطبيق البرنامج سيوفر قوة الدفع والموارد اللازمة لمواصلة تنفيذ خطة الحكومة، كما سيوفر أسساً قوية للانطلاق الاقتصادى خلال السنوات القادمة، ولكونه متوازنا اجتماعياً واقتصادياً ومالياً فإنه سيؤدى إلى دفع معدلات النمو والتشغيل، مع تحقيق الحماية والعدالة الاجتماعية، وترشيد دعم الطاقة ومكافحة الفساد وتشجيع السياحة، وهو ما تحتاج إليه البلاد حاليا، ولكن في حالة التوصل إلى اتفاق سياسي ووقف العنف والتظاهرات.
ومن جهته، أكد الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي ورئيس المركز المصري للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية في تصريح مماثل لوكالة الأنباء القطرية quot;قناquot; أن المبادرة التي أعلنها الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء للانطلاق الاقتصادي تفتقد لسهولة التطبيق، معتبرا إياها ورقة عمل أو بحث أكاديمي ليس له علاقه بالواقع نتيجة لأنها لا تعتمد على مصادر تمويلية حقيقية تستطيع من خلالها معالجة المحاور التي تضمنتها.
ولفت في هذا الصدد إلى الضعف الذي يتصف به أداء الحكومة الحالية في معالجة القضايا الاقتصادية منذ توليها المسؤولية، حيث لم تستطع وضع حلول لوقف نزيف التدهور الاقتصادي في البلاد، وهو ما تجلى في زيادة انخفاض قيمة الجنيه المصري، الأمر الذي سيؤدي إلى كوارث اقتصادية لزيادة فاتورة الاستيراد فضلا عن ارتفاع الأسعار في مختلف المنتجات وعدم السيطرة على التضخم.
وطالب الدكتور رشاد عبده في تصريحاته الحكومة المصرية بسرعة العمل على علاج المشاكل التي تمس المواطنين والسعي لعودة الاستقرار للشارع المصري في أقرب وقت، ووقف الاعتصامات والحوار مع المعارضة، معبرا عن اعتقاده بأن الحكومة لم تتخذ قرارات صائبة في الفترة الماضية، خاصة فرض الضرائب التي تمس المواطنين والمستثمرين مما يزيد من حالة احتقان الشارع المصري.
كما دعا الحكومة لتحديد رؤية مستقبلية للبلاد واضحة المعالم قابلة للتنفيذ، اضافة إلى العمل على إطلاق مشروعات تنموية تمتص حجم البطالة المرتفع في البلاد لتقلل احتجاجات الشباب في الشوارع الذي ما زال يطالب بالعدالة الاجتماعية، وزيادة الرقابة على الأسواق لمنع عمليات الاحتكار المستمرة في أغلب السلع والتي ترتفع بشكل يومي نتيجة لجشع التجار وعدم تواجد الحكومة.
وبدوره يرى الدكتور مختار الشريف، استاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، أن البرنامج المعلن من قبل الحكومة لم يتطرق إلى الآليات التي تعزز سد الفجوة التمويلية، ومقدارها 14.5 مليار دولار، لافتا إلى أن الموازنة العامة للدولة لا تستطيع أن تفي بما تضمنه البرنامج من زيادة نفقات، في ظل عجز متوقع خلال العام المالي الحالي يصل إلى 200 مليار جنيه.
وقال الشريف، في تصريحات خاصة لوكالة الانباء القطرية، إن أي برنامج أو مبادرة لاصلاح الاقتصاد المصري لا يمكن أن تنجح بدرجة فاعلة بدون توافق سياسي أولا، واقتصادي ثانيا، مؤكدا انه من الصعب نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي على خلفية الانقسام المجتمعي حول الشئون السياسية، مما يضعف ثقة المستثمرين والمجتمع الدولي في قدرة الاقتصاد المصري على التعافي السريع.
التعليقات