تسعى الحكومة المصرية لإقرار رزمة اصلاحات اقتصادية جديدة بينما بدأت تتراجع عن قرارات سابقة بزيادة الضرائب وخفض الدعم في وقت تواجه فيه البلاد توترا سياسيا.

القاهرة: بدأت الحكومة المصرية تتراجع عن إستراتيجية اقتصادية كانت تهدف لزيادة الضرائب وخفض الدعم نظراً لعدم وجود دعم سياسي ولتخوفها من إثارة مزيد من الاضطرابات.
وقال رئيس الوزراء المصري هشام قنديل الأسبوع الماضي إن الحكومة تقوم الآن بإعداد نسخة جديدة من الإصلاحات التي تأمل الحكومة أن تؤمِّن من خلالها الحصول على ذلك القرض الذي تقدر قيمته بـ 4.8 مليار دولار من جانب صندوق النقد الدولي.
وإذ تعمل الحكومة منذ شهور على حزمة إجراءات تهدف إلى زيادة العائدات، وتنطوي على فرض ضريبة على المبيعات والقيام بتخفيضات حادة في الدعم وبخاصة الوقود.
لكن مسؤولين مشاركين في هذا الجهد أوضحوا أنه بموجب تلك الخطة التي تتم مراجعتها، لن يتم تطبيق معظم تخفيضات الميزانية الكبرى وتدابير حفز العائدات لعدة أشهر.
وتأتي تلك التأخيرات في الوقت الذي قام فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري بزيارة للقاهرة يوم السبت الماضي وحثه الأحزاب السياسية على الالتفاف حول الخيارات الاقتصادية والعمل سوياً من أجل إيجاد ثمة أرضية مشتركة ينطلقون من خلالها.
واستبعدت من جهتها صحيفة النيويورك تايمز الأميركية احتمالية التوصل لأي توافق بين الحزب الإسلامي الحاكم، جماعة الإخوان المسلمين، وبين المعارضة. وأشارت إلى إعلان جبهة الإنقاذ الوطني، التي تعتبر أبرز جماعات المعارضة وتضم ناصريين وكذلك مرشحين رئاسيين سابقين، اعتزامها مقاطعة الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة أواخر الشهر المقبل، قبل أن يصدر حكم قضائي يوم أمس بوقفها.
ومضت تنقل عن مسؤول بارز بوزارة المالية ممن شاركوا بعملية صياغة إستراتيجية الإصلاح الاقتصادي وطلب عدم ذكر اسمه قوله :quot; لقد باتت المسألة ذات طابع سياسي تماماً، وأياً كانت النتيجة، فإنها لن تحظي بأي دعم، وهذه هي الحقيقةquot;.
وتابع هذا المسؤول حديثه بالقول :quot; ما تزال الإجراءات كما هي، ولم تتغير، لكن ما تغير بالفعل هو حدوث زيادة تدريجية في التدابير بالنظر إلى الأجندة السياسيةquot;. وأشار أحد الخبراء الاقتصاديين ممن يقدمون المشورة للبنك المركزي وسبق أن تم أخذ رأيه بخصوص الإستراتيجية إلى أن الحكومة المصرية سوف تقضي بعض الوقت في تنقيح البرنامج، موضحاً أنه لن يتم اتخاذ أي خطوات كبرى قبل الصيف المقبل.
وبموجب تلك التدابير المقترحة على صعيد الإصلاح الاقتصادي من جانب السلطات المصرية، أوضحت الصحيفة أن مصر تواجه بذلك الخطر القدوم على صيف قاتم، في ظل تزايد أسعار المواد الغذائية ونقص الأطعمة والوقود وتكرار انقطاع الكهرباء، وهي المشكلات التي رأى كثير من المحللين داخل الحكومة وخارجها أنها قد تكون سبباً في حدوث مزيد من أعمال الفوضى والاضطرابات بكافة أنحاء البلاد.
ثم أشارت الصحيفة إلى استمرار ظهور حالات quot;العصيان المدنيquot; في كل مكان، في الوقت الذي يدخل فيه العمال في تحدي مع مسؤولي حكومة الرئيس محمد مرسي.
وقال نيل شيرينغ الخبير الاقتصادي لدى مؤسس كابيتال ايكونوميكس في العاصمة البريطانية لندن quot; كما رأينا طوال السنوات القليلة الماضية، قد تكون أسعار الغذاء حافزاً للاضطرابات السياسيةquot;. وأكدت الصحيفة أن التوصل لاتفاق نهائي بشأن قرض صندوق النقد بات أمراً محورياً بالنسبة لأفق مصر الخاص بالسياسة الاقتصادية، ليس فقط بسبب الأموال المعروضة، وإنما لأن عدداً من الجهات المانحة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، قد جعلوا من النجاح في إبرام اتفاق بخصوص القرض شرطاً لتقديم مساعداتهم الخاصة من أجل الاستثمار في مصر.
فيما قال ناطق باسم صندوق النقد الدولي قبل بضعة أيام إنهم يقومون بتحليل توقعات الحكومة المالية المنقحة قبل استئنافهم المناقشات مع السلطات المصرية. هذا وترفض الحكومة المصرية بشكل عام أن تجازف باعتماد تغييرات مثيرة للجدل كخفض دعم الطاقة لأن ذلك سيثير غضب الناخبين قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وقال أنغوس بلير وهو رئيس معهد سيغنيت البحثي الذي يوجد مقره في القاهرة :quot; يرتبط جزء كبير من الأزمة بعملية إنتاج الغاز والنفط، والتغلب على ذلك يشكل مأزقاًquot;.
وتابع بلير :quot; ومن الواضح أن التغييرات كانت يجب أن تحدث قبل الصيف، وإلا فإننا سنكون على موعد مع انقطاعات كبرى في الكهرباءquot;. واتفق معظم الخبراء الاقتصاديين على أنه كلما طال أمد الإصلاحات السياسية لمصر، كلما زادت حدة وصعوبة أي تغيير لجب الإيرادات بما يتماشى مع النفقات. وقد بدأت تتحدث شائعات بالفعل عن أن نقص العملة الصعبة لتمويل الواردات بدأ يؤدي لنقص في القمح والوقود.