تلقت السياحة النيلية في مصر ضربة موجعة، بسبب الاضطرابات السياسية والطائفية، التي تلت إسقاط نظام مبارك. فالفنادق المطلة على النيل خالية من السيّاح، ما أدى إلى تراجع كبير في عائدات القطاع السياحي المصري.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: مازال قطاع السياحة في مصر يعاني بشكل كبير، وهو ما أثر بالتالي على قطاع السياحة النيلية، الذي بدأ يتهاوى على نحو سريع خلال الفترة الماضية، نتيجة لتأثر البلاد بالأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية الراهنة التي حصلت بعد الثورة.

الفنادق تُهجَر

ما دلل على حقيقة استمرار تراجع الوضع السياحي في مصر تلك التقارير التي أوضحت أن إشغال الفنادق بالأقصر خلال ذروة موسم عيد الفصح وقفت عند 17 % فقط.

فضلاً عن أن فندق كاتاراكت القديم في أسوان، الذي سبق أن اُستُخدِم في تصوير فيلم Death on the Nile للنجمة أغاثا كريستي، وخضع لعملية إعادة تجديد قدرت بملايين الجنيهات الإسترلينية خلال عام 2011، يكاد يكون خاوياً على عروشه الآن.

وتحدثت في هذا السياق صحيفة التلغراف البريطانية عن الفرق بين ما هو حاصل الآن من ركود وبين حالة الرواج الكبرى التي كانت تشهدها مدينة الأقصر قبل سنوات قليلة من ثورة عام 2011، حيث كانت المدينة تعجّ بالسائحين من كل صوب وحدب، وكانوا يتواجدون بأعداد كبيرة في وادي الملوك وكانوا يضطرون للانتظار مدة تصل إلى 20 دقيقة لكي يتمكنوا من دخول بعض المقابر، من فرط الزحام الحاصل.

تراجع أعداد السائحين

لاحظت الصحيفة حدوث تراجع كبير بأعداد السائحين الذين قدموا إلى هناك لقضاء أجازة عيد الفصح، وهو ما لمسته من خلال فراغ وادي الملوك، وعدم وجود طوابير عند المقابر، بالإضافة إلى سهولة العثور على غرف فندقية للإقامة فيها.

وتمرّ السياحة بحالة من التراجع منذ نزول المتظاهرين إلى ميدان التحرير مطلع العام 2011، فالقطاع السياحي ينتقل من سيء إلى أسوأ نتيجة ما تشهده القاهرة من معارك ميدانية وإطلاق لقنابل الغاز المسيل للدموع وكذلك عمليات الخطف التي يتعرض لها السياح من مختلف الجنسيات بشبه جزيرة سيناء.

إلى جانب حادث البالون المميت الذي وقع في الأقصر خلال شهر شباط / فبراير الماضي، الذي جاء هو الآخر ليوجه لطمة أخرى لصناعة السياحة المتراجعة أصلاً في البلاد.

ضريبة الحريّة

في ظل ضبابية المشهد واستمرار غياب مظاهر سيادة القانون وسط مطالبات متقطعة بهدم الأهرامات وتغطية التماثيل وحظر الكحول، يبدو الواقع حالياً أكثر تعقيداً.

حيث يئن كثيرون بسبب تأثر أعمالهم بما يحدث، ويتساءلون عما إن كانت حرية التعبير تستحق هذا الثمن الباهظ الذي يدفعونه، وفي مقدمة هؤلاء دون أدنى شك هم هؤلاء الأشخاص الذين يعتمدون على السياحة باعتبارها مصدر رزقهم الوحيد.

ومضت الصحيفة تنقل بهذا الشأن عن هشام زعزوع وزير السياحة المصري قوله:quot; أرى أن الموقف أكثر تعقيداً مما قد يبدو عليه. وهناك فريق فائز وآخر خاسرquot;.

الأوضاع تبدو جيدة إلى حد ما في المنتجعات والمدن الساحلية التي تطل على البحر الأحمر مثل الغردقة والجونة وسهل حشيش، لكنها متراجعة على نحو يدعو للتساؤلات في المدن السياحية والأثرية التي تطل على النيل في الجنوب، وهو ما بدا واضحاً خلال الفترة الماضية، التي كانت تعتبر ذروة الموسم، قبل أن تبدأ درجات الحرارة في الارتفاع، وقرب دخول فصل الصيف.

شريان حيوي

سبق للسياحة أن جلبت لمصر 12.5 مليار دولار في عام الذروة، 2010، بينما جلبت مبلغاً يقدر بحوالي 10 مليارات دولار عام 2012.

وقال أحد المرشدين السياحيين في الأقصر:quot; نتفهم حقيقة إحجام الناس عن القدوم إلى مصر. لكنك هل تعرضت أو رأيت أو سمعت عن ثمة مشكلة أثناء تواجدك هنا ؟quot;.

وختمت الصحيفة بتنويهها إلى أن الأجواء هادئة هناك، ويمكن للزوار الاستمتاع بالآثار العالمية وترحاب الناس والفنادق الرائعة، التي وبكل أسف تعاني من قلة النزلاء.