تشكل السياحة المصرية أهم محركات نموها الاقتصادي لتعاظم حجمها الاستثماري والتشغيلي، لكن حالة عدم الاستقرار التي تلت الثورة أثرت في القطاع السياحي وأضعفته، بعدما عزف المستثمرون عنه حتى اتضاح الرؤية السياسية في البلد.

القاهرة: كانت السياحة لسنوات طويلة مضت، قاطرة التنمية في مصر. يساهم قطاع السياحة بـ 11 بالمئة من الدخل القومي المصري، كما يعد المصدر الأول للعملة الصعبة، ويعمل فيه أكثر من مليوني مصري.
في العام 2010، وصل عدد السياح الذين زاروا مصر إلى14.7 مليون زائر، وانخفض هذا العدد إلى 9.8 ثم 11.5 مليون زائر خلال العامين 2011 و2012 على التوالي، طبقا للأرقام الرسمية، التي يؤكد العاملون في القطاع أنها غير صحيحة، وأن معدلات السياحة انخفضت بنسب أكبر بكثير، إذ وصلت نسبة الإشغال في مدن سياحية مثل أسوان والأقصر في احتفالات عيد الميلاد الأخيرة إلى 10 بالمئة فقط، في حين كانت تصل إلى 100 بالمئة في هذه المدن السياحية في السنوات السابقة للثورة.
استثمارات مهددة
قال إلهامي الزيات، رئيس اتحاد الغرف السياحية، لـ quot;إيلافquot; إن استثمارات السياحة المقدرة بنحو 200 مليار دولار مهددة بالضياع، وإن السياحة تراجعت خلال الفترة الماضية، مشيرًا إلى أن الزيادة التي يتحدث عنها بعض المسؤولين غير حقيقية. وتوقع أن تكون هذه الزيادة مبنية على أرقام المنافذ الحدودية بالنسبة إلى الوافدين، التي تعد أرقامًا غير حقيقية لقياس السياحة، خصوصًا أنها تشمل أرقام الوافدين من سوريا وليبيا، والذين يقدرون بمئات الآلاف.
وأضاف الزيات أن الدعوات المستمرة للتظاهر في مصر أنتجت ردود فعل سلبية تجاه السياحة، مشيرًا إلى تراجع العديد من وكلاء السياحة عن عقودهم مع الشركات والفنادق المصرية خلال إجازة الأعياد الماضية، ما أصاب العديد من أصحاب الأعمال في القطاع بالقلق من هروب السياحة من مصر.
متأثرة بالسياسة
من جانبه، قال عادل زكي، عضو مجلس إدارة غرفة الشركات السياحية، إن المشكلة الأساسية التي تواجه السياحة تتمثل في ملف الأمن الداخلي والاستقرار، مشيرًا إلى أن العديد من الدول تحظر السفر إلى القاهرة، وتقتصر الرحلات السياحية حاليًا على شرم الشيخ والغردقة وبعض المدن الساحلية، بعيدًا عن القاهرة والإسكندرية ومناطق الاضطراب.
وأضاف زكي: quot;السياحة والبورصة من أول القطاعات التي تتأثر بأي اضطرابات سياسيةquot;، مؤكدًا أن العديد ممن ترتبط أعمالهم بالسياحة فقدوا مصادر رزقهم، بعد أن سرحت عشرات المنشآت السياحية العاملين بها، مشيرًا إلى أن عدد العاملين في السياحة يصل إلى أربعة ملايين عامل، ما بين وظائف ذات علاقة مباشرة أو علاقة غير مباشرة.
وتابع زكي: quot;تصل خسائر قطاع السياحة إلى مليار دولار شهريًا، بعد تراجع نسب الإشغال في فنادق الغردقة وشرم الشيخ إلى 50 بالمئة، فيما بلغت نسب الإشغال في الأقصر 10 بالمئة، وتزداد بعد ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري، بسبب ارتفاع التكلفة الاستثمارية للمشاريع، وانخفاض معدلات أسعار الغرف الفندقية، وتوقف البرامج السياحيةquot;.
المعالجة في يد الدولة
يحدد وجدي الكرداني، عضو مجلس الاتحاد المصري للغرف السياحية، لـquot;إيلافquot; حلول مشاكل قطاع السياحة، بضرورة تحرك الدولة لمساندة القطاع، عن طريق توفير الأمن والاستقرار، ورفع الأعباء عن كاهل شركات السياحة وتقديم الدعم لها، من خلال إعفاء ضريبي لمدة 10سنوات.
وأوضح الكرداني أن سرعة استجابة الدولة للمطالب الفئوية التي تنطلق التظاهرات بسببها في الشارع، يمكن أن يساهم في الاستقرار، وكذلك يساهم إحكام القبضة الأمنية في عودة الأمن المفقود.
أضاف: quot;على الدولة منح قطاع السياحة المصري مزايا تمكنه من المنافسة عالميًا من الناحية السعرية، وتوفير البنية التحتية اللازمة للمشاريع السياحية، وتوجه البنوك لتقديم التسهيلات الائتمانية لهذا القطاع الحيوي المهمquot;، مشيرًا إلى أن السياحة تستطيع أن توفر لمصر أكثر من مليار دولار شهريًا، كما كان الحال في الفترة السابقة لثورة 25 يناير.