تخشى مصر أن يقلل سد النهضة الأثيوبي حصتها من مياه نهر النيل. حيث يتوقع أن تقلّ إمدادات المياه بما لا يقلّ عن 20%، كما أنه مهدد بالانهيار في غضون 25 عامًا وإغراق مدن مصرية وسودانية نظرًا إلى معامل سلامته الضعيفة جدًا.


لا تزال أزمة سد النهضةالأثيوبي تطغى على كثير من الملفات الأخرى على الساحة المصرية، نظرًا إلى خطورتها الحالية والمستقبلية على أصعدة ومستويات عدة. وبالاتساق مع حجم الجدال المثار في مصر حاليًا بخصوص تلك المعضلة، التي يبدو أن النظام الحاكم مرتبك بشأنها، ولا يعرف كيفية التصرّف حيالها، فإن القضية مازالت تحظى بتغطية واسعة من جانب وسائل الإعلام داخل القارة السمراء وخارجها.

أكدت صحيفة واشنطن تايمز الأميركية أن مصر باتت مهددة بسبب ذلك السدّ، خاصة مع بدء تحويل أثيوبيا بالفعل لمياه النهر الأزرق، تمهيدًا لاتخاذ مجموعة من الخطوات الفعلية، التي ترمي إلى بناء السد لتوليد الكهرباء بقيمة قدرها 42 مليار دولار.

وأشارت الصحيفة إلى أن ما تخشاه مصر هو أن يعمل السد على تقليل حصتها من مياه نهر النيل. حيث يتوقع أن تقلّ إمدادات المياه بما لا يقلّ عن 20%، وأن تقلّ الطاقة الكهربائية بـ 40 %، وفقاً لتقرير أعدته لجنة من خبراء الزراعة والريّ في مصر.

مهدد بالسقوط
كما مضت الصحيفة الأميركية تنقل عن خبراء مصريين قولهم إن مُعامِل سلامة ذلك السد المزمع بناؤه هو 1.5 درجة، مقارنةً بمُعامِل سلامة السد العالي بأسوان، الذي يقدر بـ 8 درجات، ما ينذر باحتمالية تعرّضه للانهيار في غضون 25 عاماً من افتتاحه.

وأضافت الصحيفة أن الخزان الذي سيتم تطويره خلف السد سيتم ملؤه بـ 74 مليار متر مكعب من المياه، وهو ما يعني أنه في حال تعرّض السد للانهيار، فإن تلك المياه ستغمر مدنًا أفريقية كبرى، منها الخرطوم في السودان، وكذلك بعض المدن في مصر.

وسبق للحكومة المصرية أن عبّرت عن رفضها الشديد لإقامة ذلك السدّ، وقال الرئيس محمد مرسي بهذا الخصوص quot;إن قلت حصتنا من المياه في النهر، فإن دماءَنا هي البديلquot;، وذلك في مؤتمر نظمته أحزاب الإسلام السياسي قبل أيام لمناقشة تلك الأزمة.

فيما قالت وزارة الخارجية الأثيوبية إنها التقت مرتين بالسفير المصري في أديس أبابا عقب تصريحات القاهرة العدائية، وأشارت إلى أنها طلبت كذلك الحصول على توضيح من الحكومة المصرية. كما نقلت أثيوبيا تقديرها للسودان، التي وافقت على بناء السد.

وشددت السلطات الأثيوبية على أنها لن تكترث بمطالب الجانب المصري، الخاصة بتعليق أو تأجيل الخطوات اللازمة لبناء السد. فيما تتواصل المشاورات والمباحثات من جانب كبار المسؤولين المصريين للوقوف على تداعيات الأزمة وسبل مواجهتها.

انقسام مصري
ولا يزال الانقسام طاغيًا بين الساسة المصريين في هذا الشأن. فبينما يرى بعض الساسة السلفيين المحافظين أن الشدة مطلوبة، لأن المسألة مسألة حياة أو موت، يرى ساسة علمانيون آخرون أن خطاب مرسي الأخير بخصوص السد تصعيد غير مبرر.

وقال هاني رسلان، رئيس وحدة السودان وحوض النيل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن مرسي حوَّل قضية السد إلى قضية سياسية، ربما لصرف الانتباه عن تظاهرات المعارضة، المقرر تنظيمها في 30 حزيران/ يونيو الجاري، تزامنًا مع حلول الذكرى الأولى لتوليه مقاليد الحكم في البلاد.