في أجواء متوترة وتهديدات بعقوبات بشأن الموازنة، يجري وفد كردي برئاسة رئيس حكومة اقليم كردستان الشمالي نجيرفان بارزاني في بغداد اليوم مباحثات حاسمة في محاولة لحل الخلافات بين حكومتي بغداد وأربيل حول موازنة عام 2014 وتصدير نفط كردستان إلى الخارج عبر تركيا.


لندن: يضم الوفد الكردي، الذي يترأسه رئيس حكومة اقليم كردستان الشمالي نجيرفان بارزاني، ووصل إلى بغداد اليوم الاحد، وزراء ومسؤولين مختصين في محاولة جديدة لحسم ملفي تصدير نفط اقليم كردستان إلى الخارج في انابيب عبر تركيا والميزانية العامة للبلاد لعام 2014 وتهديد الحكومة المركزية بتخفيض حصة الاقليم فيها بما يساوي قيمة النفط الذي يصدره من دون تسديد قيمته للحكومة المركزية في بغداد.

وتأتي المباحثات بعد يومين من تهديدات اطلقها وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي لمعاقبة اقليم كردستان وتركيا وشركات النفط المتعاملة مع نفط الاقليم إذا ما تم تصدير نفطه إلى الخارج من دون موافقة الحكومة المركزية. وقال الوزير في تصريحات صحافية إن الحكومة بصدد اتخاذ مجموعة من الاجراءات منها مقاطعة جميع الشركات التركية النفطية وغيرها والغاء كل العقود الحالية معها اثر سماح تركيا بتصدير نفط الاقليم من اراضيها. وأضاف أنّ على تركيا أن تنظر بشكل واضح أن هذه القضية وطنية خطيرة تمس استقلال ووحدة العراق.

وأشار إلى أنّه ليس من مصلحة تركيا التدخل بهذا الموضوع، واذا ما سمحت فإنها كأنما تتدخل بتقسيم العراق، وهذا بالنسبة للعراق خط احمر. وشدد على أن اصرار العراق على توحيد الايرادات والتوزيع العادل هو لضمان استقرار البلد، وأن أي خلل في هذه المنظومة سينعكس على استقراره. وأشار إلى أنّ تخلف الاقليم عن تسليم النفط المنتج تسبب بعجز في موازنة عام 2013 التي تبلغ 140 مليار دولار.

وقال لعيبي إنه ليس من مصلحة تركيا أن تعرض للخطر تجارة ثنائية قيمتها 12 مليار دولار سنويًا، واوضح أنه تم الطلب من وزارة المالية حساب حجم الخفض الذي يجب أن يحدث في حصة كردستان البالغة 17 بالمئة في الميزانية الاتحادية، إذا فشل الاقليم في تحقيق المستوى المستهدف الذي حددته الحكومة لصادرات النفط هذا العام عبر مؤسسة تسويق النفط العراقية quot;سوموquot; والبالغ 400 ألف برميل يوميًا.

وأكد لعيبي أن الاستعدادات جارية لرفع دعوى قضائية ضد الحكومة التركية عن السماح لكردستان بضخ النفط من خلال خط انابيب التصدير بدون موافقة الحكومة المركزية العراقية، في خرق واضح للاتفاق الموقع بين البلدين، والذي ينظم تصدير النفط العراقي عبر تركيا.

وعلى الفور رد وزير الطاقة التركي على تصريحات وزير النفط العراقي قائلاً quot;اعتبر هذا التصريح جملة جرى التعبير عنها بطريقة غير دقيقةquot;. ومن جهته رد القيادي في التحالف الكردستاني النائب مصطفى أمين على مواقف بغداد موضحاً أن إدارة النفط والغاز من صلاحيات الأقاليم والمحافظات حصرًا.

وقال إن المادة 111 من الدستور نصت على أن النفط والغاز ملك للشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات ثم جاءت المادة 112 لتتحدث عن أمرين أولهما إدارة النفط والغاز وثانيهما رسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير النفط والغاز، في ما يخص النقطة الأولى فقد فرّق الدستور بين نوعين من الحقول وهي الحقول الحالية أي التي كانت موجودة عند نفاذ الدستور ويستخرج منها النفط والغاز، فإدارتها وجميع العمليات النفطية من نقل وتصدير وبيع تكون مشتركة بين الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات، وإذا حصل خلاف بينهما تكون الأولوية فيها لقانون الإقليم والمحافظة استنادًا إلى الشق الأخير من المادة 115 من الدستور باعتبارها صلاحيات مشتركة.

وأضاف أنّه في ما يتعلق برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، والتي تشمل إصدار قانون للنفط والغاز ووضع الخطط الفنية والمستقبلية لتطويرها بما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي ، فهي أيضًا مشتركة بين الحكومة الإتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات ولايجوز لجهة ما التفرد بها دون مشاركة الاخرى.

وترفض بغداد بيع الاقليم نفطه من دون العودة إلى الحكومة المركزية وتعتبر ذلك مخالفة صارخة للدستور وتهريباً للنفط. وكانت عمليات تصدير النفط من اقليم كردستان إلى ميناء جيهان التركي قد بدأت في الثاني من الشهر الحالي.

مباحثات حول تهديد بغداد بإنقاص حصة كردستان بالموازنة

كما تتناول مباحثات الوفد الكردي في بغداد ايضًا موازنة عام 2014 التي لم يوافق عليها الوزراء الأكراد خلال مصادقة مجلس الحكومة العراقية عليها الثلاثاء الماضي بسبب إضافة نص في قانونها يلزم باستقطاع الاضرار التي تسبب بها اقليم كردستان إثر عدم تسليمه النفط المنتج للحكومة الاتحادية خلال العامين الماضيين.

وتبلغ حصة اقليم كردستان من موازنة الدولة 17 في المئة، حيث تبلغ قيمتها لهذا العام 145 مليار دولار، لكنه يرفض تسليم نفطه المنتج منذ ثلاثة اعوام ويقوم ببيعه عن طريق تركيا وايران بحسب الحكومة العراقية.

وتعاقد اقليم كردستان مع شركات أجنبية لاستخراج النفط من اراضيه وقام ببناء شبكة انابيب للتصدير عبر تركيا من دون موافقة بغداد. واستخدم الأكراد بالتعاون مع الاتراك المنشأة العراقية في ميناء جيهان لتصدير النفط إلى الاسواق العالمية واسسوا شركة quot;كومكوquot; لهذه الغاية على غرار شركة quot;سوموquot;، وهي الشركة العراقية العامة لتصدير نفط البلاد.

ولدى بغداد اتفاق موقع يلزم تركيا عدم استخدام المنشأة العراقية في ميناء جيهان لاي طرف كان الا بموافقة الحكومة الاتحادية وبخلاف ذلك يعد خرقًا للاتفاق. وقد وقع هذا الاتفاق عام 1976 وتم تجديده عام 2010 مع بعض التعديلات البسيطة.

وكانت بغداد استدعت الاسبوع الماضي القائم بالاعمال التركي لديها بشأن صادرات النفط ونددت بانتهاك الدستور العراقي. وقال نائب رئيس الوزراء المسؤول عن شؤون الطاقة حسين الشهرستاني في بيان اثر اللقاء quot;إن العراق يعتبر تصدير النفط عبر حدوده الدولية دون موافقة الحكومة، انتهاكاًquot;. واتهم السلطات التركية بأنها منعت مسؤولين في وزارة النفط العراقية من مراقبة كميات الخام المصدرة من منطقة كردستان.