وافق وزراء مالية دول الاتحاد الاوروبي الجمعة على السماح للندن بتمديد مهلة تسديد مساهمتها التصحيحية البالغة 2,1 مليار يورو في ميزانية الاتحاد الاوروبي الى ما بعد الانتخابات العامة المقررة في ايار/مايو 2015 لكنهم لم يخفوا استياءهم من الابتزاز الذي يمارسه ديفيد كاميرون.

وتعليقا على هذا الاتفاق الذي تفاوض عليه مع نظرائه الاوروبيين في بروكسل قال وزير المالية البريطاني جورج اوزبورن مرحبا "انه نجاح حقيقي".

واضاف "حصلنا على موافقة على ان ندفع على مرتين خلال النصف الثاني من العام المقبل واذا تم اكتشاف اخطاء في حساب التصحيح سوف نسترد المال".

واعتبرت وفود اخري ان "الاتفاق مرض للجميع وانه لم يات على حساب احد" وان كانت ابدت نوعا من الاستياء من صيحات الانتصار البريطانية.

وشدد الوزير الايرلندي على ان "مبلغ المساهمة الاضافية البريطاني لم يخفض".

واوضح احد المفاوضين لفرانس برس ان "لندن لم تحصل سوى على تاخير السداد الى اول ايلول/سبتمبر 2015 وامكانية الدفع بعد انتخابات ايار/مايو".

وكان جورج اوزبورن اشاد امام وسائل الاعلام بان قيمة المساهمة التصحيحية البريطانية ستخفض من 1,7 مليار جنيه استرليني (2,1 مليار يورو) الى 850 مليون جنيه بفضل الخصم الذي منح للمملكة المتحدة.

وقال احد المفاوضين ان "البريطانيين يخلطون الامور. مبلغ& المساهمة التصحيحية الواجب دفعه هو 2,1 مليار يورو".

واوضحت مفوضة الميزانية كريستالينا جورجييفا ان "زيادة المساهمة البريطانية تلازمها زيادة في قيمة الخصم والحقيقة هي ان المهلة الممنوحة لبريطانيا لتسديد قيمة التصحيح ستتزامن مع تسديد المبلغ المخصوم لها".

وشددت على انه "عندما ياتي وقت الدفع فان الارقام التي قدمها اوزبورن ستكون اذا سليمة فعليا".

وهكذا حصل رئيس الوزراء البريطاني على اكثر ما كان يريده والذي مارس من اجله ضغوطا شديدة على المفاوضات حتى اخر دقيقة.

وقال صباح اليوم في هلسنكي "لقد قدمت ردا واضحا على هذه المسألة: لن ندفع ال2,1 مليار يورو في الاول من كانون الاول/ديسمبر ولا انوي دفع مبلغ كهذا".

واضاف "آمل ان يقبل شركاؤنا ذلك والا ستكون هناك مشكلة خطيرة".

وكانت المفوضية الاوروبية ذكرت ان هذه الدفعة يجب ان تسدد في الاول من كانون الاول/ديسمبر موضحة ان عقوبات ستفرض اذا اخفقت لندن في ذلك.

وقال مصدر اوروبي ان الاتفاق "ينص على دفعات حتى الاول من ايلول/سبتمبر 2015"، موضحا ان وزراء المالية طلبوا من المفوضية الاوروبية، الهيئة التنفيذية للاتحاد، "تغيير القواعد".

واوضح مصدر اوروبي آخر ان مبلغ 2,1 مليار يورو الذي حدد بعد اعادة الحسابات سيبقى على حاله الآن لكن يمكن اعادة احتسابه بعد الانتخابات البريطانية في ايار/مايو 2015.

وتستند هذه المساهمة الاضافية الى مراجعة لاجمالي الناتج الداخلي اجرتها الدول نفسها الصيف الماضي. الا ان التصحيح الاجمالي لعام 2014 يشمل مبلغ 9,5 مليار يورو وهو "مبلغ غير مسبوق" كما شدد مصدر اوروبي.

واوضحت جورجييفا ان باقي الدول المدينة ومن بينها بريطانيا التي يتعين عليها دفع تسوية حساب اضافية بنحو 700 مليون يورو ستحصل على اعادة جدولة.

دول اخرى خرجت رابحة على راسها فرنسا التي حصلت على استعادة لمبلغ مليار يورو من مساهمتها السنوية في ميزانية الاتحاد البالغة 20 مليارا.

الا ان الفرنسيين يساهمون بنحو مليار يورو في الخصم التاريخي الممنوح للبريطانيين.

وقال مصدر اوروبي معلقا "الكل له مصلحة في هذه العملية. البريطانيون يستطيعون الدفع بعد انتخاباتهم والفرنسيون حصلوا على مليارهم".

الا ان المفاوضات بشان تصحيح المساهمات اججت التوتر بين الدول. حيث اثار موقف كاميرون استياء شديدا. وقال مسؤول شارك في القمة الاوروبية الاخيرة في نهاية تشرين الاول/اكتوبر عندما طرح رئيس الوزراء البريطاني الموضوع للمناقشة ، لوكالة فرانس برس "انه شخص لا يحتمل".

واضاف مشارك آخر في هذه القمة ان "ديفيد كاميرون كان اول من اصر على ضرورة عدم تسييس هذا الملف وهو كان اول من سارع الى فعل ذلك". وتابع ان "كل نظرائه شعروا بانهم وقعوا في الفخ".

وتحدث رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر باستفاضة عن هذه المسألة. وقال "سجلت ملاحظات خلال القمة وعندما اقارن بين ما قيل داخل القاعة وخارجها اجد انهما امران لا يتطابقان". واكد ان اجتماعات القمة الاوروبية "هدفها تسوية المشاكل وليس تضخيمها".
ويبدو ان هذا الاتفاق يهدف الى ارضاء رئيس الوزراء البريطاني الذي يريد كسب الوقت تمهيدا للانتخابات، كما قالت مصادر اوروبية.

وصرح مسؤول اوروبي لفرانس برس ان "لعبة كاميرون واضحة. انه يرفض دفع اي مبلغ قبل الانتخابات ليظهر لناخبيه انه يتصدى لبروكسل (المفوضية الاوروبية) وانه اذا اعيد انتخابه سيدفع او سيترك الملف للآخرين".