فيما تصر السلطات الإيرانية على الحصول على قنبلتها النووية التي تستنزف مليارات الدولارات من ثروات الشعب، فقد أعلنت عن زيادة أسعار الخبز، الغذاء الرئيسي للغالبية من الإيرانيين، بنسبة 40 بالمئة، في وقت تهاوى فيه سعر الريال إلى أدنى مستوياته.


لندن: بعد أيام من الفشل الذي منيت به المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة 5+1 الغربية، فقد رفعت حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني أسعار الخبز الذي يشكل العيش الرئيسي للأغلبية الساحقة للمواطنين الإيرانيين بنسبة تتراوح بين 30 و 40 بالمئة، الأمر الذي يدفع العمال وأصحاب الدخل المحدود، الذين يشكلون أكثر من 90 بالمئة من الشعب الإيراني، الى فقر اكثر وارتفاع متصاعد لأسعار سائر الحاجيات الضرورية للمواطنين وبذلك يرتفع التضخم المنفلت مرة أخرى بعد أن كان روحاني قد ادعى مؤخرًا احتواءه وخفضه.

قال متحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت، في حديث مع وكالة "إيسنا" الرسمية إن الحكومة أجازت للمخابز من اليوم الاثنين الماضي رفع مبيعاتهم بنسبة 30% تعويضاً للمصاريف، فيما تتحدث التقارير الرسمية عن ارتفاع غير مسبوق في فاتورة استيراد القمح بنسبة 95%، حيث تم استيراد ثلاثة ملايين و753 ألف طن، بقيمة مليار و298 مليون دولار خلال الاشهر السبعة الأخيرة.

وأشار عضو قيادة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية موسى أفشار في حديث مع "ايلاف" الى أنه في الوقت الذي ترتفع فيه اسعار الخبز وتقل قيمة المرتبات ويضاف يومياً المئات الى جيش العاطلين عن العمل، وبما يعرض المزيد من المعامل للتعطيل، فإن الفقر والغلاء والتضخم في إيران بكافة ثرواتها ومصادرها الطبيعية وبحر من النفط والغاز والقوى العاملة المتقدمة والمتخصصة هو نتاج طبيعي لممارسات سلطة ديكتاتورية متطرفة وفاسدة للملالي.

وأضاف أنه وسط هذه الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الإيراني، فإن نظام يستنزف ثروات الشعب لانفاقها على الأجهزة العسكرية والأمنية ولممارسة القمع وتصدير الارهاب والتطرف واثارة الحروب في العراق وسوريا وسائر دول المنطقة أو يتم ايداعها الى حسابات رؤوس النظام وعوائلهم.

واوضح مثلاً انه في حالة واحدة فقط، فإن مؤسسة ما يسمى " الهيئة التنفيذية لأوامر الامام" التي تخضع بشكل كامل لسيطرة المرشد الاعلى علي خامنئي، فإن ملكيتها الشخصية تبلغ أكثر من 95 مليار دولار.&
&
تهاوي سعر العملة المحلية

وبالترافق مع ذلك قد أدى انحدار أسعار النفط، اضافة الى عدم التوصل الى اتفاق نووي، الى تهافت الإيرانيين على بيع العملة المحلية خوفًا على مدخراتهم. وقد دفع ذلك الريال الإيراني الى فقدان أكثر من 10 في المئة من قيمته خلال أسبوع واحد. ولذلك فقد حذر وزير الاقتصاد الإيراني من التهافت المذعور على بيع الريال بعد أن أقبل الإيرانيون على البيع لشراء عملات أجنبية مطلع الأسبوع الحالي.

وكان سعر صرف الريال قد انحدر أمس في السوق السوداء الى حوالي 35.6 لألف ريال للدولار متراجعًا بأكثر من 10 بالمئة خلال أسبوع واحد. وقالت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية أن سعر الريال كان بلغ أدنى مستوياته مقابل العملة الأميركية خلال أكثر من عام.

ويرى وزير الاقتصاد علي طيب نيا أن الريال تضرر جراء عاملين سببا إحباطًا الأول هو هبوط سعر النفط، الذي يمثل العمود الفقري لاقتصاد إيران والثاني هو استمرار العقوبات التي تقيد تعاملات إيران التجارية حتى حزيران (يونيو) المقبل. وهذا الهبوط الحاد للعملة يعتبر الأكبر منذ وصول الرئيس روحاني إلى سدة الحكم قبل عامين.

وقال سيد کمال سيد علي، نائب رئيس البنك المركزي الإيراني، إن رجال الأعمال والاقتصاد كانوا ينتظرون اتفاقًا شاملاً لإيران مع الغرب حول البرنامج النووي لكن عدم حصول ذلك سبّب اضطرابًا في السوق الإيرانية"، حيث فضلوا شراء الدولار خوفًا من انهيار آخر لسعر صرف الريال.

يذكر أن حكومة روحاني رفعت سعر صرف الدولار في البنك المركزي من 25000 إلى 26500 ريال بسبب انخفاض سعر النفط إلى 70 دولاراً للبرميل، وذلك لتغطية العجز في موازنة العام المقبل.

وقال وزير النفط الإيراني بيجان زنجنه إن بلاده ستلجأ إلى صندوق الثروة السيادية لمواجهة تأثير انخفاض أسعار النفط العالمية في اقتصادها. واشار الى انه بالسحب من صندوق التنمية الوطنية لسداد مستحقات المقاولين العاملين ستتلافى إيران تأثير تهاوي إيرادات النفط في تلك المشاريع.

وأضاف زنجنه أن بلاده سترفع ضريبة الدخل لتعويض أثر انخفاض أسعار النفط، وقال إن إيران ستتبنى سياسة نقدية متقشفة العام المقبل.

وتأمل طهران أن ترفع إنتاج النفط والغاز في حالة رفع العقوبات عنها من خلال المحادثات النووية مع القوى العالمية الشهر الجاري، ولكنها تحتاج إلى استثمار مبالغ ضخمة في منشآت الإنتاج القديمة والبنية التحتية من أجل زيادة الإنتاج في حين أن هبوط أسعار النفط قلص الإيرادات المتاحة لهذا الغرض.

وقدر صندوق النقد الدولي أن تحقيق توازن في ميزانية إيران يتطلب أن يكون سعر برميل النفط 130 دولاراً، فيما يقل سعر خام برنت حاليًا عن 80 دولارًا. وفي الشهر الماضي توقع الصندوق أن تسجل طهران عجزاً عاماً قدره 8.6 مليارات دولار العام الحالي بحسب سعر الصرف الرسمي.

ويعاني الاقتصاد الإيراني من ركود قاتل ومستويات تضخم كبيرة تضاف إلى معدلات بطالة قياسية وتناقص في احتياطيات العملة الصعبة بسبب نقص إنتاج وتصدير النفط وتراجع أسعاره الحالية، حيث يرى اقتصاديون أن أزمة الريال الإيراني ستدخل البلاد في متاعب وتحديات غير مسبوقة وأنها ستكون العامل الحاسم في تقرير سياسة طهران في ملفها النووي.