يدفع هبوط أسعار النفط المستمر في الأسواق العالمية فنزويلا الى حافة الانهيار الاقتصادي، ويقول محللون ان الرئيس نيكولاس مادورو يتشبث بالسلطة في بلد يكاد ان يصبح دولة فاشلة على النقيض من سلفه هوغو تشافيز الذي نال اعجاب اليسار في العالم باستخدامه اسعار النفط المرتفعة في عهده لتمويل مشاريعه الاشتراكية.
&&
إعداد عبد الإله مجيد: يشير محللون إلى أن فنزويلا ما زالت تملك احتياطات نفطية تعتبر من أكبر الاحتياطات الثابتة في العالم ولكنها ظلت منذ فترة طويلة تنفق على برامجها الاجتماعية أكثر بكثير مما تحققه من عائدات نفطية. وتفاقمت متاعب فنزويلا الاقتصادية من جراء هذه السياسة بعد ان هبط سعر النفط من أكثر من 100 دولار للبرميل الى أقل من 60 دولارا خلال الاسابيع الماضية.&
&
وقال رئيس معهد الحوار بين الاميركيتين مايكل شيفتر "ان الوضع الحالي في فنزويلا لا يمكن ان يستمر إذا استمر سعر النفط في الهبوط". واضاف شيفتر ان بالامكان الجدل حول تعريف الدولة الفاشلة وكيف تكون، ولكن فنزويلا لا يمكن ان تستمر على هذا الوضع طويلا دون ان تصبح هي نفسها دولة فاشلة.
&
ويطرح محللون آخرون تقييماً حتى أكثر قتامة لآفاق الاقتصاد الفنزويلي. وقال الباحث في مكتب واشنطن حول اميركا اللاتينية آدم آيساكسون ان فنزويلا اصلا دولة فاشلة في بعض المناطق. ونقلت صحيفة واشنطن تايمز عن آيساكسون قوله ان مناطق حدودية عديدة من فنزويلا تعيش وضعاً من انعدام القانون بالكامل وكذلك احياء فقيرة معينة من العاصمة كراكاس حيث "تقع اشتباكات بالأسلحة النارية بين ميليشيات موالية للرئيس السابق تشافيز وقوات الشرطة".&
&
وحذر الباحث آيساكسون من التداعيات الأمنية الاقليمية والدولية لانهيار الاقتصاد الفنزويلي قائلا ان على واشنطن ان تأخذ في الحسبان ان عصابات الجريمة المنظمة يمكن ان تستخدم فنزويلا، إذا اصبحت دولة فاشلة، قاعدة للانطلاق منها نحو الولايات المتحدة. &واشار الى ان الأمم المتحدة تقدر ان 200 طن على الأقل من الكوكايين تمر سنويا عبر الأراضي الفنزويلية في طريقها الى اوروبا والولايات المتحدة. &
&
على خلفية الأزمة الاقتصادية العميقة تتصاعد الاضطرابات السياسية المستمرة منذ وفاة تشافيز بالسرطان في آذار/مارس 2013. &وبدا بعد رحيل تشافيز ان مادورو الذي فاز بفارق ضئيل في الانتخابات قد يستطيع تحجيم خصومه السياسيين. &ولكن مادورو لا يتمتع بكاريزما تشافيز والتظاهرات المناوئة لحكمه في كراكاس سرعان ما خرجت عن نطاق السيطرة واسفرت عن مقتل عشرات. &
&
واثار الرئيس مادورو استنكار منظمات حقوق الانسان الدولية بملاحقته المعارضة وسجن رموزها. ويقول محللون ان مادورو يعمل بدافع اليأس لصرف الانتباه عن الضائقة الاقتصادية من جراء هبوط اسعار النفط. &إذ تبين استطلاعات الرأي هبوط شعبيته الى 24 في المئة وسط تقارير تؤكد ان حكومته ليس لديها استراتيجية يُعتد بها للجم التضخم الذي زادت معدلاته على 63 في المئة ومعالجة الأزمات الواسعة في البضائع الاستهلاكية ومواد ضرورية مثل الحفاظات والحليب والمنظفات فضلا عن انقطاع التيار الكهربائي ساعات طويلة.
&
وكانت فنزويلا عززت علاقاتها مع الصين حين تعاظمت حاجة العملاق الآسيوي الى الطاقة خلال العقد الماضي واصبحت كراكاس شريكا كبيرا باقتراض مليارات الدولارات منها مقابل بيعها النفط بسعر مخفض.
&
ويشكل النفط نحو 95 في المئة من صادرات فنزويلا. &وبحسب تقرير نشره موقع بزنز انسايدر الذي يتابع اخبار المال والتكنولوجيا فان صادرات النفط تشكل 60 في المئة من الايرادات التي تدخل خزينة الدولة. &وترى غالبية التقديرات ان سعر النفط يجب ان يرتفع الى 120 دولارا للبرميل لكي تتمكن فنزويلا من تغطية انفاقها الحكومي الضخم.&
&
وإزاء الهبوط الحاد في سعر النفط بدأت بكين تشعر بوطأة المخاطر الناجمة عن الاستثمار في فنزويلا. &وقال الباحث آيساكسون ان الصين يمكن ان تتكبد خسائر جسيمة من جراء علاقتها الاقتصادية مع فنزويلا في ظل الأزمة الحالية مشيرا الى ان كراكاس تدين لبكين بنحو 15 مليار دولار من الشحنات النفطية مقابل القروض التي حصلت عليها في السنوات الأخيرة. &واضاف آيساكسون ان استمرار بكين في إقراض كراكاس كمن يرمي المال في بالوعة. &
&
وإذ تواجه فنزويلا خطر تخلفها عن سداد الأقساط المستحقة على ديونها فان منابع هذه القروض أخذت تجف ، ومن دون قروض خارجية لن تتمكن كراكاس من تسديد فواتيرها في الداخل. &
&
وقال الباحث أيساكسون لصحيفة واشنطن تايمز ان النتيجة النهائية لهذا الوضع ستكون "استقطاعات هائلة في الخدمات الأساسية، بما في ذلك الطاقة والأمن العام". &واضاف ان الآثار الآنية لهذه الاستقطاعات ستكون في مجال السكن ودعم المواد الغذائية، أي نهاية البرامج التي انتشلت شرائح واسعة من الفقر.&
&
ويتوقع المحللون ان تؤدي هذه التطورات الى انفجار الوضع السياسي القريب اصلا من درجة الغليان لكنهم يعترفون بأن السؤال عمن سيأتي عندما تنهار حكومة مادورو يبقى موضع تكهنات.